تبنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأحد الأطر القانونية استعدادا لتعليق العقوبات على
إيران، في أول ترجمة ملموسة للاتفاق النووي التاريخي الذي وقع في 14 تموز/ يوليو بين طهران والقوى الكبرى.
وفي الوقت نفسه، أعلنت إيران استعدادها للبدء بتفكيك قسم كبير من بناها النووية، كما ينص الاتفاق، وهي عملية طويلة قد تستغرق شهرين على الأقل يمكن في ختامها رفع العقوبات الغربية فعليا.
وجاء في بيان مشترك صدر عن موغيريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: "اعتمد
الاتحاد الأوروبي الأحد الإطار القانوني لرفع كل عقوباته الاقتصادية والمالية المرتبطة بالملف النووي".
والقرار ذو طابع رسمي كونه يقضي بتبني سلسلة من القرارات الهادفة إلى تعليق ثم رفع العقوبات الاقتصادية والمالية والفردية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على إيران منذ أكثر من عشرة أعوام.
وكانت انتهت الأحد فترة التسعين يوما التي أعقبت تصويت مجلس الأمن على القرار الذي صادق على اتفاق الرابع عشر من تموز/ يوليو.
وتابع البيان المشترك بأن المرحلة الحالية هي "مرحلة مهمة تقربنا من بدء تطبيق اتفاق" تموز/يوليو "الذي نلتزم به بقوة"، مضيفا أن "إيران ستباشر الوفاء بالتزاماتها في المجال النووي بهدف تطبيقها كاملة".
وفي بيان منفصل، أكد مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يمثل الدول الـ28 الأعضاء القرار الذي صدر الأحد.
وقال المجلس: "كما كان مقررا، تبنى الاتحاد الأوروبي الخطوات القانونية استعدادا لرفع كل عقوبات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية والمالية المرتبطة بالاتفاق النووي يوم تطبيق هذا الاتفاق، ما يعني أن العقوبات لن ترفع قبل هذا الموعد".
وكان دبلوماسي غربي يتخذ مقرا في بروكسل أوضح الأحد أن الرفع الفعلي للعقوبات "يمكن أن يحصل في نهاية السنة أو مطلع السنة المقبلة، والأكيد بعد أن تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعطت ضوءها الأخضر".
وفي سياق متصل، أمر الرئيس باراك أوباما الأحد إدارته بالاستعداد، وخصوصا عبر نشر نصوص تعليق مختلف العقوبات التي تم تبنيها بحق إيران بهدف منع الشركات الأجنبية من شراء النفط الإيراني أو حظر التعامل مع المصارف الإيرانية.
وقال أوباما في بيان إن "هذا اليوم يشكل مرحلة مهمة لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، والتأكيد على أن برنامجها النووي سيكون اعتبارا من الآن سلميا فقط".
وقال مسؤول أمريكي السبت -طالبا عدم كشف اسمه- إن تعليمات الرئيس أوباما تنشر "لكي يدرك الناس ما سيعلق" من العقوبات.
الإجراءات الفعلية
ويبقى موعد التعليق الفعلي للعقوبات رهنا بوتيرة تفكيك الإيرانيين لمنشآتهم، وتوقعت أوساط في واشنطن وطهران أن يستغرق الأمر شهرين على الأقل.
إلا أن المعروف أن من مصلحة الإيرانيين بالإسراع في تنفيذ هذه العملية لاستعادة عشرات مليارات الدولارات من الأموال المجمدة في مصارف أجنبية وتغذية الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من تعثر مزمن.
والأحد، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي، أن هذه "المهمة الهائلة" ستبدأ هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، مضيفا بالقول: "سنبدأ بالتحرك حين نتلقى الأمر من الرئيس (حسن روحاني)، نحن جاهزون".
وينبغي وضع ثلثي أجهزة الطرد المركزي الإيرانية خارج الخدمة.
كذلك، المطلوب إعادة بناء مفاعل المياه الثقيلة في آراك؛ بحيث لا يعود قادرا على إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري، وستضطلع الصين بدور رئيسي في هذا الأمر بحسب "إعلان نيات" يفترض أن تعلنه واشنطن وطهران وبكين الأحد.
وعلى إيران أيضا أن تقلص إلى 300 كلغ، ولفترة 15 عاما، مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب والبالغ حاليا اثني عشر طنا.
وعلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها أن يتحققوا من أن إيران أنجزت كل هذه المراحل قبل أن يعطوا الضوء الأخضر لرفع العقوبات.
وأبلغت إيران أيضا الأحد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستطبق البروتوكول الإضافي في معاهدة حظر الانتشار النووي.
ومنذ توقيع الاتفاق في فيينا، حرص جميع الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم، فنجح أوباما في منع الكونغرس الأمريكي ذي الغالبية الجمهورية من نسف الاتفاق، ووافق عليه مجلس الشورى الإيراني الثلاثاء ثم مجلس خبراء قانونيين ودينيين الأربعاء رغم اعتراض المحافظين، كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها حصلت على المعلومات التي تحتاج إليها لإعداد تقريرها حول البعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني.
لكن مسؤولا أمريكيا كبيرا أوضح السبت أن خلاصات هذا التقرير الذي سينشر قبل 15 كانون الأول/ ديسمبر ليست شرطا مسبقا لرفع نهائي للعقوبات.
ورغم أن اختبار صاروخ إيراني، في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، أثار استياء الأمريكيين، فإن واشنطن لم تر في ذلك انتهاكا للاتفاق النووي، بل لأحد قرارات مجلس الأمن.
ولتنسيق هذا المسار الطويل، ستجتمع لجنة مشتركة تضم ممثلين للدول الموقعة، إيران والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، الاثنين في فيينا.