بدأت منذ ساعات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب في
مصر، بتصويت المصريين المقيمين في الخارج في 139 سفارة وقنصلية وبعثة دبلوماسية في مختلف دول العالم، وتستمر يومي السبت والأحد.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في داخل البلاد يومي الأحد والاثنين المقبلين في 14 محافظة، وسط أجواء فاترة؛ بسبب عدم الاهتمام الشعبي، وغياب سخونة التنافس المعهودة منذ عقود.
وأكد مواطنون تحدثوا لـ"
عربي21" أن انشغالهم بالسعي وراء "لقمة العيش" في ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها البلاد، وغياب أي مرشحين معارضين حقيقيين، وفقدان الأمل في حدوث تغيير حقيقي في المشهد السياسي، صرفهم عن متابعة تلك الانتخابات التي يعرفون أنها ستنتج برلمانا مستأنسا ومؤيدا للنظام الحاكم.
ويقول مؤيدو قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، إنه يسعى من خلال إجراء الانتخابات البرلمانية إلى تحقيق الاستقرار السياسي اللازم لجذب الاستثمارات الأجنبية، وإنعاش السياحة المتدهورة منذ أربعة أعوام.
استعدادات حكومية
ويتنافس في المرحلة الأولى 2573 مرشحا على 226 مقعدا للفردي، فيما يخوض المنافسة عدد من القوائم الانتخابية، من بينها أربع قوائم في قطاع الصعيد، وتضم كل قائمة منها 45 مرشحا، وهي قوائم: "نداء مصر" و"الصحوة الوطنية المستقلة" و"في حب مصر" و"الجبهة المصرية" و"تيار الاستقلال".
في حين يخوض المنافسة في قطاع غرب الدلتا أربع قوائم تضم كل منها 15 مرشحا، هي قوائم: "في حب مصر" و"حزب النور" و"فرسان مصر" و"الجبهة المصرية" و"تيار الاستقلال".
وهذه هي أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، في إطار ما يطلق عليه "خارطة الطريق" التي أعلنها الجيش عقب الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي.
من جهتها، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن الانتخابات ستجرى تحت إشراف قضائي كامل، وأن منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية ستتابعها من خلال مندوبيها الحاصلين على تصريح من اللجنة العليا.
وأعلن نادي قضاة مصر أن عدد القضاة وأعضاء النيابة العامة المشرفين على الانتخابات بلغ نحو 16 ألفا و500 قاض من مختلف الهيئات القضائية.
وتعيش مصر بلا مجلس تشريعي منذ حزيران/ يونيو 2012، حينما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارا بحل مجلس الشعب الذي يحظى الإخوان بأغلبيته، تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخاب المجلس.
تأمين مكثف
من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية عن استعداداتها التام لتأمين الانتخابات البرلمانية وتوفير الأجواء الهادئة داخل وخارج مراكز الاقتراع حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم بحرية كاملة.
وأكد وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، خلال اجتماعه الأخير بمساعديه قبل انطلاق السباق الانتخابي أن الوزارة ستؤمن العملية الانتخابية بمختلف مراحلها مع الالتزام التام بالحياد، مشددا على التيسير على المواطنين وحسن معاملتهم حتى يتمكنوا من ممارسة حقهم الدستوري.
وأعلنت الداخلية حالة استنفار قصوى بين قطاعاتها، ورفع درجات الاستعداد الى الحالة "ج"، استعدادا للانتخابات ، مشيرة إلى أن خطة التأمين سيشارك بها أكثر من 180 ألف من رجال الشرطة.
وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة إنهاء استعداداتها للمشاركة في تأمين الانتخابات بمشاركة أكثر من 185 ألف عنصر من الجيش.
دعوات المقاطعة
وفي سياق متصل، تزايدت الأصوات المطالبة بمقاطعة الانتخابات، حيث أكد عدد من الرموز السياسية المعارضة في الخارج أن السلطة القمعية الفاشلة التي تدير البلاد تجري انتخابات وهمية معلومة النتائج ولا قيمة لها.
واشترط هؤلاء المعارضون عبر بيان أصدروه الجمعة، إطلاق حرية التعبير وحرية تكوين الأحزاب للمشاركة فى أي استحقاق انتخابي.
ووقع على البيان الذي تلقت "
عربي21" نسخة منه، كل من أيمن نور وعمرو دراج ومحمد محسوب ويحيى حامد وسيف الدين عبد الفتاح وثروت نافع وحاتم عزام وطارق الزمر وعبد الرحمن يوسف.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أطلق نشطاء وسياسيون حملات لمقاطعة الانتخابات، وأوردوا أسباب عدة للمقاطعة، من بينها الأجواء القمعية التي تجري فيها الانتخابات، وسيطرة المال السياسي، وإقصاء جميع المعارضين من خوض الانتخابات.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين أكثر من 55 مليون شخص، ويبلغ عدد الشباب من سن 18 إلى 40 عاما نسبة 58.8 في المئة من إجمالي عدد الناخبين، يتجاهل معظمهم متابعة الانتخابات أو المشاركة فيها، بحسب مراقبين.
ودشن نشطاء هاشتاج "#مقاطعون" لحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات، استعانت فيها بصور الشهداء والمعتقلين، وأطلقوا عليها اسم قائمة "المجد للشهداء"، تعبيرا رمزيا عن ضحايا الحكم العسكري.
وأعلنت أحزاب عدة مقاطعة الانتخابات، من بينها أحزاب الدستور ومصر القوية والاستقلال والوسط وغيرها، وأصدرت بيانات صحفية أكدت فيها أن القوانين المقيدة للحريات وقانون مجلس النواب وعودة نواب الحزب الوطني، كلها عوامل تؤكد أن مجلس النواب الجديد لن يكون إلا "قطعة ديكور لتجميل صور النظام القمعي الذي يحكم البلاد"، وفق تعبيرها.