منذ بدء إدارة موقع "
تويتر" وإدارة "فيسبوك" إغلاق حسابات النشطاء الجهاديين بشكل مستمر منتصف العام الماضي، تقلّصت قدرة القيادات الجهادية والمكاتب الإعلامية في تلك التنظيمات في إيصال محتواها إلى المتابعين.
ولم تفلح الجهود الضخمة التي بذلها أنصار التنظيمات الجهادية، لا سيما أنصار تنظيم الدولة الذي أنشأ حسابات مختصة لنصر عناوين الحسابات الجديدة لعناصر وأنصار التنظيم الذين تم إغلاق حساباتهم.
"
تيليجرام"، موقع تواصل اجتماعي شبيه بـ"الواتس آب" ويعمل على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر.
أسس الموقع الأخوان الروسيان يكولاي وبافل دروف عام 2013، وهما أصحاب موقع "VK" الشبيه بـ"تويتر"، الذي استخدمه تنظيم الدولة وأنصاره لفترة محدودة في العام الماضي.
ذاع سيط "تيليجرام" في شباط/ فبراير من العام الماضي، بعدما باعت شركة "واتس آب" خدماتها إلى شركة "فيسبوك"، وهو ما دعا مجموعة من الخبراء الأمنيين في مجال التكنولوجيا بنصح مستخدمي "واتس آب" بالانتقال إلى "تيلجرام" الأكثر أمانا.
ويمتاز "تيليجرام" بوجود خاصية إنشاء محادثات سرية للغاية، ومغلقة، بالإضافة إلى أن محتواها يُحذف تلقائيا بعد فترة زمنية محدود، وهو ما جعل جل قادة الفصائل الجهادية، وغيرها في سوريا، يلجأون إليه في مراسلاتهم التي تشكل خطرا على حياتهم، وعلى فصائلهم.
وبالرغم مما سبق، فإن "تيليجرام" لم يكن بمقدوره حتى أيام قليلة مضت أن يجذب "الجهاديين" إليه بكثرة، بسب عدم وجود مجموعات تتسع لعدد لا محدود.
وقبل 17 يوما، وتحديدا بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، أطلقت شركة "تيليجرام" خدمة "القنوات"، حيث أصبح بمقدور أي شخص إنشاء قناة خاصة به، وبث ما أراد بها من مواد صوتية ومصورة ومرئية ومكتوبة.
الميزة في قنوات "تيليجرام" أنها لا تتقيد بعدد محدود من المشتركين، كما يمكن للشخص أن يجعل قناته عامة أو خاصة.
الداعية السعودي عبد الله
المحيسني، القاضي العام لـ"جيش الفتح"، ورئيس مركز "دعاة الجهاد"، كان من أوائل المبادرين لإنشاء قناة خاصة به في "تيليجرام"، حيث وصل عدد المشتركين في قناته 9500 شخص في غضون تسعة أيام فقط.
وأعلن المحيسني أن قناته في "تيليجرام" ستكون هي المصدر الحقيقي والرئيسي لما يصدر عنه، بعدما قامت إدارة "تويتر" بإغلاق حسابه قبل شهور بعد وصول عدد متابعيه إلى قرابة نصف مليون متابع.
ولاحظت "
عربي21" أن الفصائل الإسلامية، ونشطاء، وشرعيين، يقومون بفتح قنوات خاصة بهم في "تيليجرام"، ما يزيد التوقعات بأن "الجهاديين وجدوا بيتا آمنا لهم"؛ ليتمكنوا من إيصال رسائلهم إلى أكبر نطاق ممكن.
ويُتوقع أنه وفي حالة استمرت ظاهرة انتقال النشطاء الجهاديين إلى "تيليجرام" أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على إدارة الشركة لحجب تلك القنوات، كونها تشكل خطرا عليهم، كما تصرح أمريكا بذلك دوما.
وبرزت من بين القنوات التي تشهد تفاعلا كبيرا، قناة "أخبار الجهاد"، التي تحظى بـ3500 مشترك، والتي تُدار من قبل ناشطين إعلاميين في سوريا، وتغطي أخبار فصائل "جيش الفتح"، و"جبهة أنصار الدين".
قناة "ناشر" المختصة بنشر إصدارات تنظيم الدولة، فور صدورها، حظيت على أكثر من 4000 متابع، فيما قاربت قناة "وكالة أعماق" التابعة للتنظيم على الرقم ذاته من المتابعين.
بدوره، واكب تنظيم "القاعدة" في اليمن الحدث بإنشائه قناة مختصة بنشر البيانات والإصدارات الرسمية الصادرة عنه، حيث استطاع حتى اليوم جمع 1500 متابع.
ولا يقتصر النشاط العربي في قنوات "تليجرام" على الجهاديين، حيث أنشأت عشرات المؤسسات الخيرية وعدد من الدعاة -على رأسهم الشيخ محمد العريفي- قنوات مماثلة.
إلا أن مراقبين قالوا إنه "من الطبيعي أن يكون الزخم الأكبر في تلك القنوات للجهاديين، كون الشخصيات والمؤسسات الأخرى غير محاربة في "تويتر" و"فيسبوك" مثل الفصائل والشخصيات الجهادية".