فور سماع خبر استشهاد الشاب
مهند حلبي (19) برصاص جنود الاحتلال
الإسرائيلي بعد طعنه وإطلاقه النار على أربعة مستوطنين، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بآخر منشورات الشهيد اللافتة.
وكتب مهند حلبي ليلة استشهاده: "حسب ما أرى، فإن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا، وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا".
وتابع: "فلا أظن أنّا شعب يرضى بالذل، الشعب سينتفض، بل ينتفض".
حلبي طالب كلية الحقوق في جامعة
القدس المفتوحة، والمحسوب على تيار حركة
الجهاد الإسلامي، وجه رسالة إلى رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس قبل ثلاثة أيام من استشهاده، قائلا: "كلمة جميلة أيها الرئيس، لكن عذرا، نحن لا نعرف قدس شرقية وغربية، فقط نعرف أن لنا قدسا واحدة غير مقسمة، وكل بقعة فيها مقدسة".
وأضاف: "وعذرا يا رئيس، فما يحدث لنساء الأقصى والأقصى لن توقفه الطرق السلمية، فما تربينا على الذل، والدفاع عن حرمة الأقصى ونسائه هو شرفنا وعرضنا، والدفاع عنه بأي شكل أو وسيلة يعدّ قانونيا".
وختم الشهيد مهند حلبي منشوره بالتهكم على عباس، قائلا: "أشكر جهودك حضرة الرئيس".
وبحسب ناشطين، فإن المتتبع لمنشورات مهند حلبي لا يمكنه بأي شكل من الأشكال التفاجؤ بما أقدم عليه؛ حيث قال في أحد منشوراته الأخيرة، تعليقا على فيديو لاعتداء جنود الاحتلال على المرابطات في الأقصى: "يا لله على حال قد وصلنا له، لقد خرج العقل عن حدود المنطق، غضب وغضب وغضب، فيقوا من سباتكم، انصروا الأقصى وأحراره، فلتشتعل الثورة".
ومن المفارقات أن مهند حلبي هو صديق الشاب ضياء تلاحمة، الذي استشهد قبل أيام في مدينة الخليل، حيث وضع حلبي صورة رفيقه تلاحمة على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك".
وعلّق مهند على صورة رفيقه ضياء بعد استشهاده: "تأملوا جيدا، انظروا إلى وجهه فيها، علامات مخلص واثق، مبتسم، ميقن، فرح، شامخ، صامد، قوي، مستبشر، جميل، نعم إنه الشهيد".
وشر ناشطون مقطع فيديو يظهر قيام الشهيد مهند حلبي بتقبيل رأس والد الشهيد ضياء تلاحمة "عرس الشهيد" الذي أقيم له في مدينة الخليل قبل أيام.
كما كانت قضية المسجد الأقصى هي الشغل الشاغل لمهند حلبي ابن مدينة البيرة؛ حيث كتب في أحد منشوراته: "مساء الخير على كل واحد الأقصى شاغل باله".
كما لاقت القصة التي كتبها مهند حلبي ليلة استشهاده تفاعلا كبيرا من قبل آلاف الناشطين "الفيسبوكيين"، حيث كتب: "إلى متى هذا الذل والعار إلى متى؟؟، هل نبقى صامتين؟ هل نبقى مذلولين؟ هل يوجد مجال للطرق السلمية، القانون، نعم يوجد فيه مجال، فالقانون: من يشهر السلاح في وجهك يكون لديك كامل الحق في الدفاع عن نفسك بأي وسيلة، فالمقاومة هي ضمن حدود وإطار القانون، وهي مشروعة".
وأضاف: "سأروي لكم قصة صغيرة، كان هناك طفلة صغيرة فيها جميع الصفات الجميلة، علما بأن هذه الطفلة يتيمة، وكان لديها الكثير من الأخوة، ومعظمهم أكبر منها، وهذه الطفلة كانت الأكثر مرحا بين أخوتها الآخرين، والأكثر جمالا وكرامة، ركزوا على الأكثر كرامة".
وأكمل: "شعرها الأسود، وعيونها الخضراء، وقلبها الأبيض، وشفتاها الحمراء. وفي يوم من الأيام رأى هذه الطفلة شخص شرير، ليقرر أن يستولي عليها، علما بأن هذا الشخص لم يكن لديه أطفال، ولا يعرف كيف يعامل الأطفال، ومعروف بأنه شرير".
وتابع: "ومن المعروف أيضا أن إخوة الطفلة كانوا شجعانا، يتمتعون بالقوة، فقرر الشرير أن يعمل على تقوية نفوذه، ليتمكن من الاستيلاء على هذه الطفلة، لكن هذا الشرير لم يكن يعلم بأن أخوة الطفلة لا يتمتعون بالشجاعة التي تتمتع بها الطفلة، فقام الشرير بالتقرب من الأشرار الآخرين الذين يمتلكون القوة، حتى قرر أن يستولي على الطفلة، وتصبح تحت سيادته، لكنها كانت عصية عليه، إلى أن قام إخوتها ببيعها لهذا الشرير، والتآمر والتخاذل على هذه الطفلة الصغيرة، التي برغم صغر حجمها إلا أنها كانت تتمتع بالقوة".
وأضاف الشهيد مهند حلبي قصته قائلا: "وكان إخوتها يعلمون بأن الطفلة الصغيرة (فلسطين) ستعامل بأكثر المعاملات إساءة و حقارة، إلا أنهم باعوا ضمائرهم".
وتابع: "ومرت الأيام والسنين على فرض هيمنة الشرير (إسرائيل) على هذه الطفلة، وكان الشرير يوميا، بل طوال الوقت، يقوم بمحاولة اغتصاب هذه الطفلة، بل أحيانا يقوم إخوة الطفلة بمساعدة الشرير ليتمكن من اغتصابها، ولكن هيهات هيهات، فهي لم تأبه له يوما، وبقيت ولا زالت وستزال تقاوم، ولم ولن يتمكن من اغتصابها، فلها من الكرامة والعزة والشرف التي فقدها إخوتها".
وبتوصيف دقيق، قال حلبي: "ومع أن هذا الشرير يقوم بتجويعها وسلب حقوقها وسجنها وحرقها، إلى أنه لم يتمكن من اغتصابها، وستبقى هذه الطفلة تقاوم حتى تنال حريتها".
ونوّه حلبي في نهاية قصته إلى عدة ملاحظات، قائلا: "هذه القصة من كتاباتي، لكنها حقيقية وتحاكي القليل من واقع فلسطين، أعرف أن القصة فيها الكثير من الأخطاء النحوية، لكن المهم أن تصل الفكرة والهدف، لكن هل عرفتم ماذا يعني شعرها الأسود، وعيناها الخضراوتان، وقلبها الأبيض، وشفتاها الحمراوتان؟ ولماذا قلت إخوتها، ولم أذكر أنها أختهم، ولماذا وصفتها وحدها باليتيمة، ولم أصف إخوتها الآخرين بالأيتام، ومن هم أخوتها؟".