اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء، إسرائيل بتقويض جهود الولايات المتحدة للوساطة من أجل السلام، وقال إن العمليات الأمنية الإسرائيلية في المسجد الأقصى بالقدس قد تؤدي إلى اندلاع حرب دينية.
وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل مراسيم رفع العلم الفلسطيني على مقر المنظمة الدولية في نيويورك قال عباس إن السلطة الفلسطينية لم تعد تعتبر نفسها ملزمة بالاتفاقات التي وقعتها مع إسرائيل في منتصف التسعينات.
وفي تكرار لما دأبت السلطة الفلسطينية على قوله منذ ما لا يقل عن خمس سنوات قال عباس إن الاتفاقات لن تطبق ما دامت إسرائيل تدعم بناء مستوطنات للإسرائيليين في الضفة الغربية وترفض الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
وقال عباس "تعلمون جميعا أن الحكومة الإسرائيلية أفشلت الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس أوباما في السنوات الماضية، والتي كان آخرها الجهود التي قام بها الوزير جون كيري (وزير الخارجية) من أجل التوصل إلى اتفاق سلام عبر المفاوضات".
ودعا عباس إسرائيل إلى إيقاف سياساتها الحالية في المسجد الأقصي، قائلا "إنني أدعو إسرائيل إلى التوقف عن مخططاتها في القدس وبخاصة في المسجد الأقصي، لأن ذلك سيحول الصراع من سياسي إلى ديني ويفجر المنطقة".
ووجه حديثه إلى أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة قائلا "أدعوكم إلى مراجعة قضية فلسطين ومراجعة قرارات الأمم المتحدة، لأنه عندئذ ستدركون أن ظلما تاريخيا لحق بشعب ووطن وعاصمته القدس الشرقية، نحن شعب لا نستحق أن يحرم من وطنه، أو أن يموت في المنافي، أو أن تظل قضيته العادلة ترواح مكانها طوال هذه السنين، نحن نعول الآمال على الأمم المتحدة لتحقيق هدفنا في إقامة دولة خاصة، وحل قضية لاجئينا وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194".
واستطرد "إنني جئت اليوم من فلسطين لأدق ناقوس الخطر إزاء ما يحدث في القدس، إن المتطرفين الإسرائيليين يقتحمون المسجد بشكل ممنهج، بغية إيجاد واقع جديد وتقسيم زمني يسمح للمتطرفين الذين تحميهم قوات الأمن الإسرائيلية، وبمرافقة وزراء إسرائيليين، من الدخول إلى المسجد، ويتم منع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد في تلك الأوقات.
وأضاف أن استمرار الوضع الراهن لا يمكن القبول به، وما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقات الموقعة معنا، وطالما أنها ترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى، وطالما أنها لا تترك لنا خيارا، فنحن لن نبقى الوحيدين الملتزمين باتفاقاتنا معهم".
وقال عباس "نحن مصممون على وحدة أرضنا وشعبنا.. ونسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية".
وتصاعدت حدة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الأسابيع الأخيرة ويتهم الفلسطينيون والدول العربية القوات الإسرائيلية بانتهاك حرمة المسجد الأقصى.
وقال عباس إن استخدام إسرائيل "للقوة الغاشمة" في المسجد الأقصى قد "يحول الصراع من سياسي إلى ديني ويفجر الأوضاع في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتابع "من أراد البحث عن السلام وأن يحارب الإرهاب، عليه البدء في حل المشكلة الفلسطينية، ونحن من جانبنا سنسعى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية".
وانتقد عباس استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض في مجلس الأمن الدولي (دون أن يشير إليها بالاسم) إزاء القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتساءل أمام أعضاء الجمعية العامة قائلا "إن استمرار الوضع الحالي يدعونا إلى التساؤل:هل تصويت دولة ديمقراطية بهذا الشكل يخدم السلام العادل أم أنه يخدم المتطرفين ويزيدهم عنصرية ويجعلهم فوق القانون، حتى أنهم قاموا بحرق عائلة فلسطينية ولا يزال القتلة طلقاء، ولم يتم اعتقالهم إلى الآن، أين العدالة وأين دولة القانون؟".
وأردف "هذه ليست الجريمة الأولى فقبلها قامت إسرائيل بقتل الطفل محمد أبو خضير في القدس، وقتل محمد الدرة في غزة، ولا زلنا نذكر مذبحة "دير ياسين" في 1948، وإنني أتساءل: إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون الدولي ودون محاسبة؟ أما آن لهذا الظلم أن ينتهي؟ أما آن لهذا العذاب أن يتوقف؟ أما آن لنقاط التفتيش والحواجز المذلة والمهينة التي يقيمها الجيش الإسرائيلي أن تزول؟ أما آن رفع الحصار على غزة؟ أما آن لهذا الاستيطان العنصري أن يزول؟ أما آن لأكثر من 6 آلاف سجين فلسطيني أن يزورا أهلهم؟ أما آن لأطول احتلال في التاريخ أن ينتهي؟".
حماس تدعوه لترجمة "خطابه"
بدورها، طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الرئيس
الفلسطيني محمود
عباس، بترجمة خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلانه عدم الالتزام بالاتفاقات الموقّعة مع إسرائيل، على أرض الواقع.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في بيان نشرته، مساء الأربعاء، إن "إعلان عباس عدم التزام السلطة بالاتفاقات التي لم يلتزم بها العدو، مطلب الشعب الفلسطيني كله، ولكن هذا الإعلان لا بد أن يكون له رصيد على أرض الواقع"، مطالبة الرئيس الفلسطيني، بـ"الإعلان بشكل فوري عن موت اتفاقية أوسلو وسحب الاعتراف بالجانب الإسرائيلي".
كما أكدت في بيانها "ضرورة وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، ووقف الاعتقالات السياسية، والإفراج عن كافة المعتقلين في سجون السلطة الفلسطينية".
ودعت حماس الرئيس عباس إلى "التطبيق الفوري لبنود المصالحة الفلسطينية، والبدء باجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير وتشكيل حكومة وحدة وطنية ورفع الحصار عن غزة".
رفع علم فلسطين
ورفع علم فلسطين، بعد كلمة عباس، فوق مبنى الأمم المتحدة، بمشاركة رئيس الوزراء التركي أحمد دواد أوغلو، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزراء خارجية فرنسا والنرويج والصين.
وقال الرئيس محمود عباس، في كلمة قصيرة وجهها للمشاركين في مراسم الاحتفال التي جرت بحديقة الورد بالمقر الرئيسي للمنظمة الدولية في نيويورك، ولجميع الفلسطينيين حول العالم، إن "رفع علم فلسطين لحظة تاريخية، وهو يرمز إلى كرامتنا وذاتيتنا، إنه يوم شرف للفلسطينيين، ونحن نبعث رسالة إلى شهدائنا، وإلى هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم من أجل فلسطين".
معربا عن أمله في "أن يتم رفع العلم الفلسطيني في القدس قريبا" داعيا الدول التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية، إلى سرعة القيام بذلك.
واعتبر بان كي مون، أن اليوم الموافق لـ 30 أيلول/ سبتمبر 2015 "يوم فخر للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم"، قائلا إن "هذا اليوم هو يوم فخر للفلسطينيين في العالم بأسره، وهو أيضا يوم الأمل، إن رفع العلم يعكس التزام السلطة الفلسطينية بمواصلة سعيها لتحقيق الحلم الطويل للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة، كما يرمز إلى التزام طويل الأمد من قبل الأمم المتحدة بدعم تطلعات الشعب الفلسطيني".
ورغم أن فلسطين ليست عضوا بالأمم المتحدة فقد وافقت الجمعية العامة للمنظمة الدولية على مشروع قرار فلسطيني يسمح للدول التي تحمل صفة مراقب غير عضو أن ترفع أعلامها إلى جانب الدول ذات العضوية الكاملة.
وفلسطين والفاتيكان هما الوحيدتان اللتان تحملان صفة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
وفي عام 2012 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاعتراف فعليا بدولة فلسطينية ذات سيادة.
وحاول الفلسطينيون بعدها الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة لكن محاولتهم لم تكلل.