نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، تقريرا عرضت فيه أسباب تجنب
اللاجئين السوريين دخول الأراضي الفرنسية، واختيارهم لوجهات أوروبية أخرى، مثل ألمانيا وبريطانيا، وهو ما أحرج
فرنسا ودفعها نحو إظهار المزيد من السخاء إزاء اللاجئين.
وأفادت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، بأن اللاجئين السوريين يمتنعون عن طلب اللجوء إلى فرنسا، ويفضلون العبور نحو
بريطانيا، بالرغم من الجهود الفرنسية المبذولة لتشجيعهم على البقاء فيها، مشيرة إلى أنه لم يُسجّل سوى 600 طلب لجوء فقط خلال الأسابيع الماضية.
وأضافت أن النائبة الاشتراكية مارتين أوبري، عبّرت الجمعة الماضي عن خيبة أملها، بعد فشلها في إقناع عدد من الشباب السوريين، العازمين على الوصول لبريطانيا، بالبقاء في الأراضي الفرنسية، بالرغم من أنها وضعت على ذمتهم مساكن مؤقتة لإيوائهم واستقرارهم.
ونقلت الصحيفة عن فرنسوا بايرو من الحركة الديمقراطية قوله: "حتى أفقر المهاجرين لا يريدون القدوم إلى فرنسا.. إنها علامة تبعث على القلق، وتجعلني أشعر بالخجل".
ونقلت أيضا عن جيرار ساديك، الناشط في منظمة "سيماد" التي تساعد المهاجرين وطالبي اللجوء، تأكيده أن "هناك واقعا إحصائيا لا يمكن لأحد أن ينكره، فقد منحت فرنسا اللجوء لحوالي سبعة آلاف شخص منذ بداية الصراع السوري في 2011؛ في حين استضافت ألمانيا أكثر من 10 آلاف لاجئ في شهر آب/ أغسطس الماضي فقط".
واعتبرت الصحيفة أن الأسباب الكامنة وراء ذلك؛ هي أن المهاجرين يقومون باختيار البلدان التي سيذهبون إليها بالاعتماد على فرص العمل الموجودة فيها، وعلى البرامج التي هيأتها تلك البلدان لاستقبال اللاجئين، الأمر الذي يجعل من ألمانيا الوجهة الأفضل، باعتبار أنها توفر مواطن شغل، وبالنظر لتزايد عدد السوريين هناك، وخاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وذكرت "لاكروا" أن جيرار ساديك وكثيرون غيره على قناعة بأن "فرنسا تستطيع القيام بما هو أفضل"، لتصبح أكثر جاذبية في نظر اللاجئين.
ونقلت عن ساديك قوله إن "الإجراءات المتخذة في الوقت الحالي لا تكفي، فقد تم تخصيص 12 بالمئة فقط من الأماكن المعدة للجوء لفئة الرجال، وتم تخصيص البقية للعائلات وبقية الفئات، وهي أماكن غير كافية بالمرّة. وبغض النظر عن الصعوبات التي سيواجهونها في الحصول على عمل؛ فإن الناس على علم بأنهم سيواجهون صعوبة في إيجاد مسكن أيضا".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين ونشطاء فرنسيين في ميونيخ؛ واجهوا صعوبات كبيرة في إقناع اللاجئين باختيار فرنسا، وقد نجحوا فقط في إقناع 600 شخص من الذين كانوا يعتزمون البقاء في ألمانيا، وذلك على أثر تصريحات الرئيس فرنسوا هولاند التي تعهد فيها بتوفير ثمانية آلاف و500 فرصة إضافية لإدماج اللاجئين في عام 2016.
ونوهت إلى أن إدارة مدينة كاليه قد اعترفت بعجزها التام عن إقناع السوريين بفكرة البقاء في فرنسا، وعدم العبور نحو إنجلترا في رحلة محفوفة بالمخاطر، "وقد تلقت ألفا و400 طلب حماية منذ بداية 2014، أغلبها من قبل سودانيين وإريتريين فضلوا البقاء في فرنسا".
وقالت إن عائلات سورية استقرت في فرنسا عبر قنوات أخرى غير اللجوء، "فقد تم منح ما يقرب من ثمانية آلاف تأشيرة إقامة لفترة طويلة، لفائدة الأشخاص ذوي المؤهلات العالية؛ مثل الطلاب والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال".
وبحسب الصحيفة؛ فإنه من المنتظر أن يتغير الوضع في فرنسا بعد الخطة الأوروبية لتوزيع طالبي اللجوء، حيث سيتم تسجيل طلبات اللجوء مباشرة من بلدان الوصول؛ كإيطاليا واليونان، وستتغير معايير الاستفادة من البرنامج الأوروبي الموجه مبدئيا لكل قادم من بلاد مضطربة، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وإيران وليبيا والعراق وأوزبكستان وإريتريا؛ دون نسيان عديمي الجنسية.
وفي الختام؛ أشارت "لاكروا" إلى موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي دعا الدول الأوروبية إلى "بذل المزيد من الجهد، ومحاولة التوصل إلى حلول، حسب القوانين الدولية وقيم حقوق الإنسان"، وإلى موقف البابا فرنسوا المتمثل في قوله: "صحيح أنه ليس من السهل إيجاد حلول، ولكن إقامة الجدران العازلة ليست حلولا، لذلك من الأفضل بناء الجسور".