يواصل بابا الكنيسة الأرثوكسية في
مصر تواضروس الثاني زيارته إلى
أثيوبيا التي بدأها السبت الماضي وتستغرق خمسة أيام، بمناسبة احتفال أثيوبيا بعيد الصليب، وسط استقبال شعبي ورسمي حافل.
وبعد أن كان الجميع يتوقع أن يتدخل تواضروس بقوة في أزمة
سد النهضة التي تبنيه أثيوبيا على نهر النيل خلال تلك الزيارة، قلل البابا من قدرة الكنيسة المصرية على التأثير في مسار المفاوضات المتعثرة بين البلدين.
وعقب انقلاب تموز/ يوليو 2013، أعلن تواضروس عدة مرات إمكانية استغلال الكنيسة المصرية لتأثيرها الديني على أثيوبيا لتقريب وجهات النظر بين مسؤولي البلدين، لكنه عاد وأكد عدم إدراج ملف سد النهضة ضمن جدول المباحثات التي سيجريها في أثناء الزيارة، موضحا أن زيارته "دينية فقط".
محاولة خجولة
وأضاف البابا - في حوار مع صحيفة "الأهرام" نشرته السبت الماضي - أنه سيحاول على استحياء التدخل في ملف "سد النهضة" لإيجاد التوافق بين البلدين، مشيرا إلى أن الحوار هو الوسيلة الأمثل لتقريب وجهات النظر بين مصر وأثيوبيا".
وبعد تلميحات تواضروس بأن الأنبا متياس بابا الكنيسة الإثيوبية قد يؤدي دورا لمساعدة مصر في ملف مياه النيل، قطع "الأنبا بيمن"، منسق العلاقة بين الكنيستين المصرية والأثيوبية على البابا الطريق بقوله إن العلاقات الدينية بين الجانبين لا شأن لها بتلك الأزمة، وأن الكنيسة الأثيوبية لا علاقة لها بالشأن السياسي، مشيرا إلى أن ذلك الملف يتعامل معه السياسيون والخبراء فقط.
وترأس تواضروس الأحد قداسا أقيم احتفالا بعيد الصليب بحضور كبار مسؤولي أثيوبيا وآلاف المواطنين.
وألقى تواضروس كلمة في القداس الذي أقيم بكنيسة "الثالوث القدوس" التاريخية بأديس أبابا، اكتفي فيها بالعبارات الدبلوماسية حيث أكد عمق الروابط التي تربط بين الشعبين المصري والأثيوبي، ومن بينها نهر النيل، مؤكدا أن المستقبل مشرق للجميع.
وأكد البابا أن نهر النيل يحمل الخير للبلدين من خلال قطرة المياه التي يقدسها الجميع، مشيرا إلى دور الخبراء والقيادة السياسية الحكيمة في البلدين في احتواء أي خلاف يتعلق بسد النهضة.
ومن المقرر أن يقوم البابا في ثاني أيام زيارته، ونظيره الأثيوبي الأنبا ماتياس الأول، بترؤس قداس بكنيسة "ميداني علم" بميدان "ماسكال" احتفالا بعيد الصليب، بمشاركة آلاف المواطنين الأثيوبيين.
انتقادات لتواضروس والسيسي
وانتقد نشطاء عدم اهتمام البابا بالقدر الكافي بملف "سد النهضة"، وطالبوه بأن يتدخل لتوصيل رسالة للأثيوبيين، مفادها أن مصر لن تفرط في حصتها التاريخية في مياه النيل.
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن مصادر في ملف المفاوضات، إن النظام المصري لجأ إلى الكنيسة للمساعدة في الملف وتوصيل رسالة إلى الأثيوبيين توضح أزمة المياه الّتي تعاني منها مصر، وأن مصر تفضل التفاوض بشكل سلمي وعدم اللجوء إلى طرق أخرى.
لكن نصر الدين علام، وزير الري السابق قلل من إمكانية تأثير زيارة البابا على سير المفاوضات، مشيرا إلى أنها تساهم - فقط - في تعزيز العلاقات الشعبية بين البلدين.
وأضاف علام أن لجوء النظام إلى المؤسسات الدينية لحل الخلاف حول مياه النيل هو تضييع للوقت، ولن تثمر مثل تلك الزيارات عن نتائج ملموسة.
وعقد برهان جبري كريستو، وزير خارجية أثيوبيا لقاء مع البابا تواضروس والوفد المرافق له مساء الأحد، بحضور الأب متياس الأول بطريرك أثيوبيا، والسفير المصري بأديس أبابا، وسفير أثيوبيا بالقاهرة اقتصرت على عبارات المجاملة والترحاب.
ديسالين يلتقي السيسي في نيويورك
إلى ذلك، التقى رئيس الوزراء الأثيوبي هيلي ماريام ديسالين مع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في نيويورك، حيث يحضر الرجلان اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحثا معا مسار الدراسات الفنية المتعلقة بسد النهضة.
وقال ديسالين إنه أكد للسيسي أهمية التنسيق القوي والمستمر بين البلدين لمواجهة المشكلات المختلفة ومن بينها مشكلة الإرهاب.
ووقع رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا، في آذار/ مارس الماضي، وثيقة اتفاق مبادىء بشأن سد النهضة، تتضمن مبادئ تحكم التعاون فيما بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل.
وأوشكت أثيوبيا على الانتهاء من تشييد نصف سد النهضة، وسط خلافات بين مصر والسودان وأثيوبيا بسبب انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي، المكلف بتنفيذ جزء من الدراسات الفنية التي تظهر مدى تأثير السد على مصر والسودان.