تواصل فصائل "
الحشد الشعبي" الشيعية انسحابها من مركز مدينة
تكريت، منذ نحو أسبوع، بعد ضغوط أمريكية جاءت استجابة لطلبات من مجلس محافظة صلاح الدين ومطالب عشائرية، فيما ترفض مليشيات الحشد الشعبي الانسحاب من جامعة تكريت ومحيطها، حسب مصادر ذات صلة.
وأكد مصدر في شرطة تكريت، لـ"
عربي21"، طالبا عدم الكشف عن هويته، بدء قوات الحشد الشعبي انسحابها من مركز مدينة تكريت منذ أكثر من أسبوع، وتسليم مواقعها للشرطة المحلية، بعد عدة طلبات "قدمها مجلس المحافظة ورفضها الحشد الشعبي، لكنه وافق مؤخرا بعد تدخل الولايات المتحدة وضغوط حكومية مُورست عليه".
وتأتي طلبات مجلس المحافظة على خلفية شكاوى تلقاها من "قيادات عشائرية تتهم الحشد الشعبي بأعمال سرقة وإحراق للبيوت والمزارع، واستمراره بمنع عودة العوائل النازحة إلى بيوتها في المدينة بذريعة انتمائهم إلى
تنظيم الدولة أو البعث، ما أثار حالة من السخط لدى أبناء
العشائر الذين يُقاتلون إلى جانبهم، وتحت قيادتهم"، حسب مصدر عشائري تواصلت معه "
عربي21" من مقر إقامته في أربيل.
ويشير المصدر في شرطة تكريت إلى رفض فصائل الحشد الشعبي الانسحاب من جامعة تكريت ومحيطها، "فيما لا يزال مجلس المحافظة يواصل مفاوضاته مع الحشد الشعبي الذي يصر على تقاضي مبالغ مالية مقابل انسحابه من الجامعة، وهي معضلة كبرى نواجهها حين تتم مساومتنا على دفع مبالغ مالية ثمنا لتحرير المدينة، وهو الأمر الذي يضع الحشد الشعبي في نظر أبناء المدينة ضمن تصنيف ما يعرف بالمرتزقة"، حسب توصيفه.
ويرى الضابط في شرطة تكريت احتمالات تراجع القدرات الدفاعية عن المدينة بعد انسحاب الحشد الشعبي، خاصة "مع بدء تنظيم الدولة حملة عسكرية استهدفت مناطق غرب تكريت، مثل الديوم وشجرة الدر، وسيطرته على عدّة ثكنات عسكرية في المنطقتين، فيما يستهدف مواقعَ عسكرية شمال المدينة بالقصف المكثّف".
مصدر عشائري من داخل المدينة تحدث، من خلال اتصال هاتفي مع "
عربي 21"، عن "رفض شعبي واسع لوجود الحشد الشعبي في المدينة، وإصرار على خروجه منها، بل من كل مدن المحافظة، بعد أن شاهد المواطن الجرائم التي ارتكبها الحشد الشعبي بقتله المشتبه بتأييدهم لتنظيم الدولة أو البعث دون تدقيق، وحرق البيوت وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، وهي جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلا انتقاما من انتماء صلاح الدين الأيوبي وصدام حسين والبغدادي للمحافظة"، على حد قوله.
ويُضيف: "لا يمكن لنا أن نتعايش مع قوة كهذه تضعنا في تصنيف الإرهاب، وتتعامل معنا كإرهابيين لمجرد سيطرة داعش على المدينة لعدة أشهر، وهم أنفسهم سبق أن هربوا من مواجهتها قبل التدخل الأمريكي".
يُذكر أن تسمية الحشد الشعبي تطلق على فصائل مسلحة تم تشكيلها بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها المرجع الشيعي علي السيستاني، وكانت تقتصر على متطوعين شيعة، فيما تم إدماج المليشيات الشيعية تحت مسمى "قوات الحشد الشعبي" الذي اتسع فيما بعد ليضم متطوعين سنة يحملون اسم الحشد، مثل "حشد قضاء الدور"، أو "حشد الجيسات"، و"حشد الجبور"، نسبة إلى العشائر التي ينتمي إليها المتطوعون.
ويؤكد المصدر العشائري من أربيل على أن مطالبتهم بانسحاب الحشد الشعبي "لا تقتصر على فصائل الحشد الشيعية، إنما أيضا حشد عشيرة الجبور السنية التي لا تقل إجراما عن غيرها من فصائل الحشد"، حسب وصفه، محذرا من أن "عدم سحب حشد عشيرة الجبور قد يؤدي إلى صدامات واسعة على خلفية الثأر العشائري لضحايا حشد عشيرة الجبور من العشائر الأخرى، بعد اتهامهما بالانتماء لداعش"، كما يختم المصدر العشائري حديثه لـ"
عربي21".
ومع هجوم تنظيم الدولة على مناطق عدة على مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الغرب من المدينة منتصف الأسبوع الماضي، تعود تكريت إلى واجهة الأحداث من جديد، بعد فترة من الهدوء النسبي التي عاشتها منذ استعادتها من تنظيم الدولة في نهاية آذار/ مارس الماضي، حين شنت القوات الأمنية وفصائل الحشد الشعبي ومقاتلو العشائر، بإسناد طيران التحالف ودعم إيراني مباشر، هجوما واسعا على المدينة استمر لحوالي شهر كامل، انتهى بخروج تنظيم الدولة من المدينة.