رأى تقرير أصدره مركز الزيتونة في بيروت؛ أن الاتصالات التي تجريها أطراف أوروبية مع
حماس في الفترة الأخيرة قد لا يتمخض عنها أي حل سياسي، ورأى أن الهدف المرجح من هذه الاتصالات هو السعي لإعادة إعمار
غزة منعا لتفجر الأوضاع مرة أخرى.
ووفق التقرير الذي يحمل عنوان "الاتصالات الأوروبية الحمساوية وجهود التهدئة في غزة" وتلقت "
عربي21" نسخة منه؛ فإن "الحرص على مصالح وأمن "
إسرائيل" هو المحدد الأساسي لسلوك وسياسات الدول الأوروبية تجاه القوى
الفلسطينية".
وفي المقابل، فإن "حركة حماس، وبعد اشتداد الحصار على قطاع غزة وضعف أداء السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير في القيام بمسؤولياتها تجاه القطاع، تبذل كل جهد ممكن لفك الحصار والتخفيف عن الشعب الفلسطيني هناك".
ويلخص التقرير الأهداف الأوروبية المحتملة من العلاقة مع حماس في "التعرف عن قرب على أيديولوجية حماس وفكرها ومواقفها السياسية"، وفرصا لـ "دمج" الحركة في العملية السياسة، والتأثير في قرارها السياسي، إضافة إلى "المحافظة على الدور الأوروبي في الملف الفلسطيني"، مع "مساعدة "إسرائيل" في رسم سياساتها تجاه حماس كفصيل، وتجاه الحالة الفلسطينية بكل مكوناتها".
ومن جانب الحركة، فإنها ربما تسعى إلى "تحقيق الإقرار الأوروبي بدور حماس لاعبا لا يمكن تجاوزه"، و"التخلص من قائمة المنظمات الإرهابية الأوروبية، والحصول على الشرعية الدولية"، و"التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني"، إلى جانب "عدم حصر الوساطة مع "إسرائيل" في دول معينة، والاستفادة من
أوروبا وسيطا مقبول من الطرفين"، في وقت يشهد فيه الإقليم "حالة الفراغ السياسي".
ويرى التقرير أن "العلاقة بين حماس والأوروبيين قابلة للاستمرار والتطور"، وعزا ذلك إلى "قوة حماس ودورها الفاعل في الحالة الفلسطينية، سواء في قطاع غزة الذي تسيطر عليه بشكل كامل أم في الضفة الغربية (..) أم في أوساط فلسطينيي الشتات"، علاوة على أن "وصول مشروع التسوية وفق صيغة أوسلو إلى نهاياته وفشله في تقديم حلّ قابل للحياة للقضية الفلسطينية (..) يجعل الأوروبيين حريصين على التعرف على المرشح لوراثة المشروع السياسي الفلسطيني ومحاولة التأثير فيه"، بحسب التقرير.
وحول فرص تطور الاتصالات الأوروبية مع حماس، رأى التقرير أنها قد تفضي إلى "التهدئة مقابل التنمية"، وذلك لـ"الرغبة في حل مشاكل القطاع ورفع الحصار عنه ونقله إلى حالة البناء والتنمية لمنع انفجار حرب جديدة، بهدف العمل على تطويع القطاع المتمرد"، كما قول التقرير.
وطرح التقرير احتمالين آخرين لكنه رآهما أقل واقعية، وهما أن يكون هذا التحرك "تكتيكيا ومناورة تهدف إلى حرق الوقت، وتمكين "إسرائيل" من إعادة ترتيب أوراقها (..) والحيلولة دون انفجار الأوضاع في قطاع غزة (..) واستكشاف الموقف السياسي لحماس"، أو أن تكون "المبادرة المطروحة للتهدئة مقابل الإعمار هي مدخل وخطوة أولى نحو مسار سياسي جديد تجاه القضية الفلسطينية، يسعى الطرف الأوروبي أن تكون فيه حماس طرفا رئيسيا وشريكا أساسيا".
وقال التقرير إن "عدم وجود أفق سياسي واضح للتعامل مع المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، في ظل رفضها لشروط الرباعية ومبادرة السلام العربية، يجعل المسار السياسي مع هذه الحركة غير مشجع، ويُبقي التواصل الموجود حاليا تكتيكيا واستكشافيا".
وفي ظل "الحرب الشرسة على حركات الإسلام السياسي في المنطقة، لا سيما المعتدلة منها والتي يرعاها الغرب، لا يبدو منطقيا مساعدة أحد أهم هذه الحركات على تحقيق انجازات سياسية تقوي من موقفها المحلي والإقليمي والدولي" وفق قول التقرير.
وعلاوة على ذلك، فإن "البدء بمسار سياسي مع المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس يعني فيما يعنيه نهاية مسار التسوية الذي تقوده حركة فتح، وقد يعني تفكيك السلطة الفلسطينية، وهو أمر لا يمكن أن يحتمله الواقع الإقليمي والدولي في هذه المرحلة"، وهي مبررات اعتمدها التقرير لترجيح سيناريو "التهدئة مقابل التنمية".
ودعا التقرير حماس؛ إلى "عدم التسرع في التعاطي مع الانفتاح الأوروبي"، و"إشراك القوى الوطنية الفلسطينية (..) في الحوارات الدائرة"، و"اعتماد الشفافية والوضوح".
وشدد التقرير على أن هذا المسار، "حتى وإن كان جادا وفعالا" يجب ألا يشكل "بديلا عن مسار المصالحة الوطنية الفلسطينية".