نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، تقريرا يتضمن حوارا لها مع "جورج لومونكو" سفير دولة
المكسيك بجنيف، يتحدث فيه عن ازدهار سوق
الأسلحة في ظل الوضع العالمي الراهن، ومدى نجاعة
معاهدة تجارة الأسلحة في الحد من ظاهرة تهريب السلاح، معرجا على آفاق هذه المعاهدة في المستقبل، ومدى خضوع الدول الكبرى لها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن سوق السلاح تشهد ازدهارا كبيرا، في ظل الواقع الذي تعيشه دول مثل سوريا وجنوب السودان وليبيا، والذي أفرز وجود جماعات مقاتلة، ومنظمات لا تتردد في حمل السلاح، وارتكاب انتهاكات جسيمة.
وتساءلت عن مدى إمكانية تغيير هذا الواقع بعد دخول معاهدة تجارة الأسلحة حيز التنفيذ في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2014، حيث أعرب السيد جورج لومونكو عن قناعته الكاملة بجدوى هذه المعاهدة التي لعب فيها دورا هاما في توقيعها، كما ترأس مؤتمرها الأول الذي انعقد بمدينة "كانكون".
وأثارت تساؤلات عن المدة اللازمة لملامسة نتائج هذه المعاهدة، في ظل عالم يحترق بالحروب والقتل، حيث أكد لومونكو أن تفعيل أي اتفاق دولي يستغرق وقتا طويلا، فمنذ ولادة معاهدة تجارة الأسلحة سنة 2013؛ وقعت عليها حتى الآن 72 دولة، منها 50 دولة انضمت إليها خلال عام ونصف، ما يعكس حرص المجتمع الدولي على إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة، بعد أن ظل لسنوات يفتقد لأي غطاء قانوني ينظم تجارة السلاح، وأشار إلى أن تحقيق هذه المعاهدة للنتائج المرجوة هو رهين انضمام جميع الدول إلى المعاهدة.
وأكّد لومونكو أن جميع الدول الموقعة على المعاهدة؛ ملزمة بالتصريح عن صادراتها ووارداتها من الأسلحة سنويا، ابتداء من نهاية العام الجاري، ووفقا لهذه المعطيات سيتم تحديد نسبة التجارة غير المشروعة للأسلحة.
واعتبر أنه من غير المعقول اليوم أن تكون تجارة الموز منظمة بشكل جيد، وتجارة الدبابات والصواريخ والطائرات المقاتلة لا تخضع لأي رقابة.
وأضاف أن هذه المعاهدة لن تسبب ضررا لمصالح الدول واقتصادها، باعتبار أنها لا تمنع بيع الأسلحة لأي دولة؛ باستثناء تلك الخاضعة لعقوبات دولية، أو للجماعات المقاتلة المصنفة إجرامية أو إرهابية؛ بسبب تورطها في انتهاكات لحقوق الإنسان.
وحول العقوبات التي تنتظر من لا ينصاع لأحكام هذه المعاهدة؛ قال لومونكو إن معاهدة تجارة الأسلحة هي نظام مراقبة فقط، وكل دولة تعتبر مسؤولة على محاسبة المسؤولين، والتحقيق في القضايا، في حال وجود تجاوزات، ومجلس الأمن الدولي هو الطرف الوحيد الذي يمتلك صلاحية تسليط العقوبات.
وأشارت الصحيفة إلى عدم مصادقة الدول الكبرى المصدرة للأسلحة في العالم، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، على هذه المعاهدة، بسبب ما اعتبرته تعقيدات مرافقة لها، وهو ما يمثل عائقا كبيرا أمام تحقيقها أهدافها.
ونقلت الصحيفة على لسان لومونكو، في معرض إجابته على إشكالية تفريغ هذه المعاهدة من محتواها، وتطويعها لصالح نفس الدول التي تعارض الكشف عن الإحصائيات للعموم، مثل المملكة المتحدة، أنه تم الاتفاق في مؤتمر كانكون على كون القرارات الكبرى تؤخذ بالإجماع، والمسائل الإجرائية يصوت عليها بأغلبية الثلثين، أو الأغلبية المطلقة، وأن المطلوب هو التوافق في الآراء، والابتعاد عن استعمال حق النقض الفيتو، الذي عادة ما يكون استعماله منافيا لقيم الديمقراطية، حيث اعتبر أن هنالك دولا تعطل العمل في موضوع تنظيم تجارة الأسلحة منذ زمن طويل.
وحول إمكانية إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالإمضاء على المعاهدة؛ قال لومونكو إن الإدارة الأمريكية موافقة مبدئيا على الانضمام، في انتظار عرض المسألة على
الكونغرس، وهو يعتقد أن الأمر سيحسم بعد انتخابات العام المقبل، كما أعرب عن استعداده للذهاب إلى واشنطن لتبديد بعض المخاوف، وخاصة أن هذه المعاهدة لا تمنع حق ملكية السلاح التي يضمنها الدستور الأمريكي.