تختلف قصة جعفر، أحد مقاتلي حركة
أحرار الشام الإسلامية في سوريا، عن غيره من المقاتلين، فهو كان ينتمي للمذهب الشيعي، قبل أن يتحول للمذهب السني.
كان جعفر يقطن في بلدة معرة مصرين في ريف
إدلب، مع عائلته التي تعود جذورها لبلدة
الفوعة الشيعية الواقعة في ريف المحافظة، وعند بداية الثورة السورية في العام 2011 اصطفت معظم العائلات الشيعية مع النظام السوري، وكان بينهم العائلات الشيعية التي تقطن في معرة مصرين ذات الغالبية السنية، في حين انضم معظم أهل قرية معرة مصرين للثورة، فبدأ الخلاف يتفاقم لدى بعض العائلات الشيعية القليلة الموجودة في قرية معرة مصرين، بسبب مواقفها الموالية للنظام، ما دفع هذه العائلات إلى الانتقال للعيش في بلدتي
كفريا والفوعة، القرييتين من معرة مصرين.
إلا أن عائلة جعفر برقدار رفضت أن تغادر بلدة معرة مصرين، وبقيت داخلها متمسكة بمعارضتها للنظام السوري، وما لبثت أن أعلنت العائلة دخولها المذهب السني، وهذا شكّل للشاب جعفر دافعا قويا لدخوله ضمن التشكيلات العسكرية للثوار، فقرر الانتماء للواء بدر، الذي يعمل في بلدة المعرة ضد قوات النظام، قبل أن يلتحق اللواء بحركة أحرار الشام فيما بعد.
وكانت حركة أحرار الشام قد استطاعت، بالمشاركة مع فصائل جيش الفتح، أن تسيطر على كامل محافظة إدلب، ما عدا قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمواليتين للنظام السوري.
يقول الناشط الإعلامي أبو اليزيد، عضو المكتب الإعلامي لحركة أحرار الشام: "لقد بدأ شعور جعفر متغيرا تجاه
الشيعة بعد دخوله المذهب السني، وذلك بسبب اصطفافهم مع قوات النظام، وكان يردد دائما "أريد أن أموت مجاهدا في سبيل الله"، حسب قول أبي اليزيد لـ"عربي21".
ويشكل موقف جعفر "تحولا غريبا من نوعه"، كما يقول أبو اليزيد لـ"عربي21"، "لأن جعفر كان من أكثر المقاتلين كرها لأهالي قرية الفوعة وكفريا الشيعيتين، ودائما يرجح السبب بأنه بعد بداية الثورة عرف مكرهم وخداعهم، وكان يقول دائما مخاطبا مقاتلي حركة أحرار الشام: ثأري عندهم أكبر من ثأركم".
وسقط جعفر قتيلا في صفوف حركة أحرار الشام في أثناء محاولة الحركة السيطرة على تلة الخربة المطلة على بلدة الفوعة الشيعية، التي تعود جذور جعفر الأصلية إليها.
وأكد أبو اليزيد أن "موقف العائلة واضح ضد قوات النظام، لا لبس فيه، بل كان والد جعفر يذرف الدموع فرحا باستشهاد ابنه، ويقول: الآن نستطيع أن نرفع رؤوسنا، فنحن لدينا شهيد فداء هذا الدين"، بحسب ما ينقله أبو اليزيد.
ويرى أبو اليزيد أن الثورة السورية لها دور كبير في انتماء بعض العائلات للمذهب السني، حيث كانت تحمل فكرا معارضا للنظام السوري، وكانت تدعو لإسقاطه بالرغم من مذهبها الشيعي، ولكن اصطفاف غالبية أتباع هذا المذهب في سوريا مع النظام دفع بعائلات، وبينها عائلة جعفر، للتحول للمذهب السني، وكان دافعا لتطوع جعفر للقتال ضد قوات النظام.
وفي المقابل، يوجد المقاتلون السنة في قوات النظام السوري أو المليشيات الموالية لها (الشبيحة)، وذلك لعوامل عديدة، منها دفع النظام مبالغ طائلة للتطوع في صفوفه في ظل الوضع الاقتصادي السيئ، وانتشار البطالة والفقر، بالإضافة إلى فرض الخدمة الإلزامية على الشباب السنة في مناطق سيطرته في المدن السورية.
ولكن تعد قصة جعفر من الحالات النادرة، فهو شيعي اعتنق المذهب السني وقاتل ضد النظام السوري المدعوم من إيران، وسقط قتيلا على جبهة الفوعة التي تعد بلده الأم.