كتب كمال أوزتورك: لقد اطّلعت على تصريح المحكمة للكيان الموازي بالتنصّت عليّ لسنوات طويلة بتهمة "الانتماء لتنظيم إرهابي". لقد قاموا بتسجيل كل مكالماتي الهاتفية ورسائل بريدي الإلكتروني ورسائلي لسنوات عديدة وأصبحت جزءا من قضية.
حين شاهدت تقارير التنصت انتابني غضب رهيب، فبين هذه الوثائق كانوا يحتفظون بكل محادثاتي مع ابنتي وزوجتي وأفراد أسرتي. شعرت حينها بأن هناك أشخاصا سيئي النية دخلوا إلى منزلي وجلسوا في غرفتي وشاهدوا وسجّلوا كل ما فعلناه وتحدثنا به. إنه أمر مثير للاستفزاز ولا يمكن لأحد تحمله. لقد قاموا بالدخول إلى منازل مئات وآلاف الأشخاص مثلي وتسجيل كل شيء.
جعل العائلة جزءا من الصراع
إن الأشخاص الذين قاموا بالهجوم اللاأخلاقي على ابنة السيد
أردوغان وأولئك الذين تنصّتوا على محادثاتنا مع أهلنا هم الأشخاص أنفسهم. لقد جعلوا من هذه الحرب القذرة حربا بلا أخلاق حين أدخلوا أهلنا فيها.
لم أعد أهتم لأمر هذه التصرفات المخجلة للجماعة. ولم أعد أستغرب من تصرفاتهم لأنهم فقدوا القدرة على التفكير والمحاكمة والاستجواب والتعليق، ولكن بعد سنوات طويلة حين يستيقظون من سباتهم سيفهمون حينها فظاعة العمل الذي قاموا به حين افتروا على امرأة محجبة تمثل المسلمين، وما فعلوه بالمجتمع والعوائل المسلمة. حينها سيتمنون أن تنشق الأرض وتبتلعهم من خجلهم ولكن الأرض ستأبى ذلك.
تحالف حزب الشعب الجمهوري المخجل
انظروا إلى حال نواب
حزب الشعب الجمهوري الذين أصبحوا آلة لتنفيذ أفعال الكيان الموازي القذرة. لقد تحالفوا مع تنظيم لا يحترم القيم المقدّسة ويجرؤ على تسجيل المعلومات الخاصة للشخص مع ابنته وزوجته وإخوانه وأهله. إن تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الكيان الموازي سيكون أكثر التحالفات المخزية له. لقد تحالف أول حزب سياسي في
تركيا وحزب المعارضة الرئيس، مع تنظيم ابتزازي لا يملك أي قيم مقدسة، حتى إنه صار ينشر أخبار كذباتهم التي يجهّزونها ويحمل الفخاخ التي ينصبونها.
لأجل ماذا؟ ما الفائدة التي اكتسبها حزب الشعب الجمهوري من هذا التحالف في الانتخابات الماضية؟
لقد انخفضت أصواته وقل عدد نوابه وبقي في مكانه في المعارضة. أي أنهم لوّثوا اسمهم باتفاق قذر لأجل لا شيء. فإن كان كمال كليجدار أوغلو يحترم القيم الأخلاقية ويهتم بعائلته فيجب أن يقوم باللازم بحق النواب الذين خدموا حملة الافتراء على ابنة رئيس الجمهورية السيد أردوغان. فإن لم يفعل فسيصبح جزءا من هذا الشجار اللاأخلاقي.
قليلو الحيلة يهاجمون العوائل
ليس فقط في الكيان الموازي، بل إن هذه التجاوزات اللاأخلاقية تحدث في جبهات حزب العمال الكردستاني و"داعش" أيضا. فلماذا يجعلون عوائلنا جزءا من هذا الشجار اللاأخلاقي؟ لأنهم لا يحترمون المقدسات ولأنهم عاجزون أيضا.
وكما يفعل الأطفال عديمو التربية الذين يتشاجرون في الحارات ويضربون فيكسرون زجاج المنازل أو يهجمون على الإخوة الصغار؛ فهكذا يفعل التنظيم الذي يفهم أنه سيُغلَب فيهاجم صغارنا الذين لم يتواجدوا في الشجار.
إن الرجل الحقيقي لا يفعل ذلك، ولا يفعل ذلك إلا الجبناء وعديمو الأخلاق.
فكيف علينا أن نتصارع؟ ما الذي سنفعله لمواجهة هذه الهجمات اللاأخلاقية؟ هل سنرد عليهم بالمثل؟
لا، يجب أن نستخدم عقلنا وهدوءنا ونواجههم ونحافظ على أخلاقياتنا.
فحتى وإن كان صعبا وإن تسبب في إيذائنا، ومهما تجاوزوا حدودهم، فإن علينا أن نتمسّك بالحدود، علينا أن نكون ذوي أخلاق مهما خالفوا هم الأخلاق. مهما تعدوا على قيمنا، فإن علينا أن نحفظها. مهما هاجموا مقدسات عوائلنا، فإننا يجب أن نحترم نحن مقدسات عوائلهم.
علينا ألا ننسى أن الأدب يغلب اللاأخلاقية وأن الهدوء يطفئ الغضب والصبر يهدئ الألم. لا يمكننا أن نغلب الغضب بالكره. ولا يمكننا إسكات من يشتم بالشتائم.
سينتصر من يدافع عن الأخلاق والحقوق
إن لشجارنا أخلاقا ولحروبنا حقوقا. وما حَفِظ الحضارات العريقة من التنظيمات والمخربين إلا تمسّكها بالأخلاق والحقوق. ومن ينتمي لحضارة عريقة، فإن إنسانيته تظهر في الحرب لا السلم.
أن تكون خلوقا لا يعني أن تكون ضعيفا. على العكس؛ فإن هذا يدل على كونك محّقا. والتمسك بالحقوق لا يعني العجز. بل إنه على العكس، يثبت الإنسانية. علينا أن نواجه أولئك الذين يريدون أن يشلّوا حركتنا بالحكمة والعقل عنادا فيهم.
وعنادا في أولئك الذين يريدون أن يسوقونا نحو شجار العمي وشجار الصم، فإن علينا أن نستمع للغير.
يجب ألا نخسر أصدقاءنا ورفقاء دربنا. وبدل أن نفتح جبهات جديدة ونشتّت قوتنا، فإن علينا أن نوحّدها.
نحتاج لكل شخص يعترض على هذه الحرب التي لا تحترم المقدسات دون أن ننظر لدينه أو مذهبه أو عقيدته، وعلينا أن نضع يدنا بيده.
فمن لا يراعي المقدسات في الحروب قد يقتل الكثير، ولكن في النهاية ينتصر المدافعون عن الحقوق.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية، ترجمة وتحرير: تركيا بوست، خاص لـ"عربي21")