أكد نشطاء عراقيون أن الحملة الشعبية الرافضة لبقاء رئيس مجلس
القضاء، مدحت المحمود، في منصبه، تطعن في جميع الأحكام التي صدرت خلال عهده، وفي مقدمتها أحكام الإعدام التي باشرت وزارة العدل
العراقية مؤخرا بتنفيذ وجبة جديدة منها.
ودشن مدونون شباب على مواقع التواصل الإجتماعي حملة "ارحل"، للمطالبة بعزل رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو مطلب تكرر طرحه ورفع شعارات بخصوصه في جميع التظاهرات التي يشهدها العراق خلال أكثر من شهر، وتتخذ من ساحة التحرير وسط بغداد مكانا لها، فضلا عن أماكن أخرى في محافظات الوسط والجنوب.
وكتب المدون العراقي الشاب أزهر اليساري في مدونته الشخصية: "تمسك الحكومة العراقية برئيس مجلس القضاء، لا يمكن فهمه إلا أنه استخفاف بالجماهير الغفيرة التي دأبت على التظاهر في ساحة التحرير"، مشيرا إلى أن تسلم الشخص الخطأ لأي منصب يجعل من جميع قراراته باطلة، على حد تعبيره.
وفي سلسلة تغريدات له على "تويتر"، اعتبر الدكتور علاء الفحام أن عمل القاضي المحمود كان طيلة الفترة الماضية يستهدف إرضاء الأحزاب المتنفذة، والقابضة على السلطة في العراق، مضيفا: "إننا يمكننا تحمل حكم خاطئ في قضايا يمكن تعويضها، ولكن الأمر لا ينطبق على عشرات أحكام الإعدام التي أصدرها المحمود وتم تنفيذها بحق السجناء".
من جهته كتب الشيخ سلمان الجبوري، وهو خطيب مسجد، أن المحمود "حكم على مئات الشبان السُّنة بالإعدام، ولم يحكم بشيء مماثل على مجرمي الميلشيات الشيعية، وهو ما يبرر إصرار السلطة على التمسك به"، حسب تقديره.
وأشار الجبوري إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها قادة الميلشيات، مثل هادي العامري وأبي مهدي المهندس للمحمود، والإعلان عن تأييده يأتي في هذا السياق.
وفي شأن متصل، أعلن مركز مختص بالدفاع عن حقوق الإنسان أن وزارة العدل العراقية باشرت بتنفيذ أحكام الإعدام ضد سجناء لم تتوفر الأدلة القانونية الكافية لإدانتهم.
وقال مركز بغداد لحقوق الإنسان، ومقره في العاصمة العراقية، أن وزارة العدل باشرت بتنفيذ مجموعة من أحكام الإعدام التي صادق عليها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في وقت سابق.
وبين مدير المركز مهند العيساوي، في تصريح لـ "
عربي21" أنهم يحملون رئيس الجمهورية المسؤولية القانونية والإنسانية عن إقدامه على تصديق أحكام الإعدام الصادرة من القضاء العراقي، مبينا أن هذه الأحكام صدرت بناء على اعترافات انتزعت بالتعذيب، أو بناء على إفادات المخبرين السريين.
وأضاف العيساوي لـ"
عربي21"؛ أن تنفيذ تلك الأحكام سيؤدي بلا شك إلى إعدام مجموعة من المعتقلين الأبرياء، أو من الذين لم تتوفر الأدلة القانونية الكافية لإدانتهم.
وطالب مدير المركز المعني برصد الانتهاكات ضد حقوق الإنسان المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية والعربية والمحلية إلى التدخل العاجل من أجل إيقاف حملة الإعدامات، مشددا على أن أغلب أحكام الإعدام الصادرة ضد المعتقلين بنيت على أسس غير قانونية، وصدرت بعد
محاكمات لم تتوفر فيها متطلبات العدالة الكافية.
ولفت العيساوي إلى أن الإدارة السياسية ذات التوجه الطائفي هي من تحرك القضاء العراقي، وتوجه حملة الإعدامات التي لا تعدو كونها تصفيات طائفية ضد المعتقلين السنة، حسب قوله.
إلى ذلك، كشف مصدر عامل في وزارة العدل العراقية أن أحكام الإعدام التي تم تنفيذها مؤخرا جرت في موقعين، هما سجن الحماية القصوى في منطقة الكاظمية ببغداد، وسجن الناصرية في جنوب العراق.
وبين المصدر، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، أن التعليمات في هذه المرة نصت على عدم الإعلان عن تنفيذ هذه الأحكام، والاكتفاء بإشعار ذوي المعدومين من أجل الحضور واستلام الجثث، لافتا إلى أنه في الحالات السابقة كان يتم الكشف لوسائل الإعلام عن معلومات مفصلة بخصوص عدد المعدومين وأماكن التنفيذ وتفاصيل الاتهامات.
وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت في وقت سابق؛ الحكومة العراقية إلى وقف فوري لكافة الإعدامات، معربة عن قلقها من كون الذين تنفذ فيهم هذه العقوبة، لم يخضعوا لمحاكمة عادلة بموجب المعايير الدولية.
وفي السياق ذاته، أوردت منظمة هيومن رايتس ووتش حالة تابعتها في بغداد، وهي الحكم بالإعدام على 24 متهما، قالت إن محاكمتهم لم تستغرق سوى ساعتين، ولم يسمح لهم بتقديم أدلة أو الاعتراض على الأدلة المستخدمة ضدهم، لافتة إلى أن هذه المحاكمة الجائرة لم تضمن تقديم الجناة الحقيقيين، حسب قول المنظمة.