تعمل
الإمارات على تشكيل تحالف إقليمي يضم إلى جانبها كلا من الأردن ومصر؛ من أجل الترويج لحل سياسي سلمي في
سوريا يبقي نظام
الأسد على حاله، وهو ما دعا كلا من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة
موسكو، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك بمعزل عن السعودية.
وبعد يوم واحد فقط من الزيارات اللافتة لممثلي الدول الثلاث إلى روسيا، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتوضح الموقف الرسمي للسعودية حول عدة ملفات مهمة، في مقدمتها الملف السوري، ومصير الرئيس السوري بشار الأسد، حيث أعاد الجبير التأكيد على أنه لا مكان للأسد ومن وصفهم بالملطخة أيديهم بالدماء في مستقبل سوريا، بل شدد على أن ذلك "واقع لا مساومة فيه".
وتؤكد تصريحات الجبير أن زيارة القادة الثلاثة إلى موسكو كانت في اطار الترويج للحل الذي يتضمن دعم بقاء الأسد، حيث أغلق الجبير الباب أمام أي محاولات أو مفاوضات تتحدث الأطراف التي زارت موسكو عنها، ويفتح الباب على أسئلة حول ما يجري في الكواليس بين التحالف الجديد مصر والإمارات والأردن، بعد لقاءات زعماء تلك الدول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحضرت السعودية بتصريح وزير خارجيتها بعد غيابها الملحوظ عن اجتماعات روسيا بحضور حلفائها في المنطقة، خاصة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت ذات نفوذ قوي في
اليمن، من خلال مشاركتها الفاعلة في العمل العسكري منذ بدء عاصفة الحزم في آذار/ مارس الماضي.
ولأن عواصم الدول العربية الثلاث أعلنت سابقا مشاركتها الرياض في عملياتها ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لم يكتف وزير الخارجية السعودي بحسم موقف المملكة من الوضع السوري، لكنه أكد على أن حل الأزمة في اليمن لا بد أن يمر عبر تطبيق القرار الأممي 2216؛ ليقطع الطريق على أي محاولات لهذه العواصم للترويج للحل السياسي، سواء في اليمن أو في سوريا.
وكان لافتا أن مشاركة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في مشاورات روسيا جاءت عقب زيارته إلى المملكة المغربية رفقة نائب رئيس الإمارات محمد بن راشد، للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي استقبلهما في مقر إقامته بمدينة طنجة.
ويرى مراقبون أن زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للعاهل السعودي، كان الهدف منها الحصول على مباركة سعودية، وتبرير اجتماع روسيا في هذا الوقت، خاصة مع حضور الرئيس المصري والعاهل الأردني، اللذين يروجان أيضا لتسوية سياسية للأزمة السورية، حيث تشترك الدول الثلاث في رؤية موحدة حول قضايا المنطقة، بينها القضية السورية، وتنسق حول ذلك فيما بينها للوصول لنتيجة واحدة، وهي إنقاذ الرئيس السوري.
وقال خبير في الشأن الخليجي لـ"عربي21" إن الإمارات العربية المتحدة، التي برزت أدوارها مؤخرا في اليمن، تعمل على تشكيل حلف ثلاثي مكون من مصر والأردن والإمارات، وتهدف من خلاله لحشد إجماع حول حل سياسي في سوريا، مع بقاء الأسد، وتشكيل ملفات المنطقة من جديد، وبينها ملف اليمن التي أصبحت لاعبا رئيسيا فيها بالتعاون مع شركاء إيران وأبرزهم روسيا.
وأضاف الخبير -الذي طلب عدم نشر اسمه- أن السعودية تعدّ ذلك محاولة للضغط والابتزاز من قبل حلفائها، خاصة الإمارات، وهو ما جعل رد السعودية سريعا من خلال تصريح وزير خارجيتها حول أنه (لا مساومة) على بقاء الأسد، بغرض توضيح موقف المملكة من أنباء سابقة عن تفاوضها على بقاء الأسد، ولإغلاق الباب على أي محاولات في ذلك الاتجاه.
ولا يستبعد مراقبون أن المشاورات، التي تمت بمعزل عن المملكة ودول الخليج الأخرى، تهدف إلى طرح أجندة سياسية للمنطقة، وفرضها على لاعب رئيسي كالسعودية وحلفائها الآخرين، والسماح لإيران بالظهور من جديد للحصول على مكاسب إقليمية، وفق مفاوضات غير معلنة، وبمباركة روسيا.
وتتزامن زيارة الزعماء الثلاثة إلى روسيا مع تصريحات مثيرة للرئيس السوري بشار الأسد حول علاقاته الوثيقة مع النظام المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث قال الأسد إن العلاقة بين سوريا ومصر هي التي تحقق التوازن على الساحة العربية، وتابع: "وبكل تأكيد من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، مصر دولة مهمة، والخصوم في المنطقة يركزون الضغوط على مصر، لكي لا يسمحوا لها أن تلعب دورها المأمول، مضيفا: "ما نريده نحن في المرحلة الأولى ألّا تكون مصر منصة انطلاق ضد سوريا أو ضد غيرها من الدول العربية".
وأضاف الرئيس السوري خلال حواره عبر فضائية "المنار"، أن هناك عددا من المؤسسات في مصر رفضت قطع العلاقة بسوريا، واستمرت بالتواصل معنا، وشدد الأسد على أن سوريا تعتقد أنها في الخندق ذاته مع الجيش المصري ومع الشعب المصري في مواجهة الإرهابيين، حسب قوله.
وجاءت تصريحات الأسد متطابقة مع تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي عبر أكثر من مرة عن ضرورة قيام تسوية سياسية في سوريا.
وتأتي كل تلك المعطيات لتؤكد مخاوف دول المنطقة، والسعودية في مقدمتها، من مشروع جديد يهدف إلى اللعب بالأوراق، والقيام بأدوار مشكوك بها، في ظل ما يعتمل في المنطقة من حروب وفوضى، من أجل فتح الحوار مع إيران من جديد، وإنقاذ بشار الأسد.