زعمت صحيفة الأخبار اللبنانية، التابعة لحزب الله اللبناني، حصولها على محضر التحقيق مع الشيخ الموقوف أحمد الأسير من أحد المصادر الأمنية، بعد اعتقاله أثناء محاولة هروبه متنكرا من لبنان في مطار بيروت قبل أسابيع.
ويشكك مراقبون في مصداقية تسريبات الصحيفة، بسبب موقف حزب الله من الشيخ أحمد الأسير، فيما يرى مراقبون آخرون أن التسريبات كانت "متعمدة" لضرب معنويات أتباع الشيخ الأسير في إسطنبول، دون أن يتسنى لـ"عربي21" التحقق من مصداقية التسريبات من مصدر مستقل.
أحداث عبرا
وفي تفاصيل مثيرة، استحضرت الصحيفة أحداث عدرا التي اندلعت في طرابلس، في حزيران/ يونيو 2013، قائلة إن الأسير، إمام مسجد عبرا، ذكر لمحققي الأمن العام القصة، مفندا إياها بالتفاصيل، و"موقعا كثيرا ممن ساعدوه وعملوا إلى جانبه ممن لم يكونوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية"، بحسب تعبيرها.
ونقلت الصحيفة عن الأسير اجتماع "الشورى" الذي عقده في مقره قبل اندلاع الأحداث، عنوانه كيفية التعامل مع الجيش إذا تعامل معهم، إذ اتفق مع أتباعه "على الدفاع عن أنفسهم حتى الموت"، مضيفا أن السبب هو توقيف الجيش لاثنين من أتباعه، كاشفا أنه أرسل مساعدين للسؤال عنهم، وداعيا أتباعه للنزول بأسلحتهم لما غاب مساعدوه بعد توقيفهم.
وحول خروجه من عبرا، يذكر الأسير، بحسب الصحيفة، أن فضل شاكر أرسل إليه أحد مرافقيه ليدلّه على الطريق الذي سلكه قبلهم. ويكشف أنهم تمكنوا من الفرار إلى منزل، حيث مكثوا خمس ساعات، حلق خلالها الأسير لحيته، واستبدل ملابسه، ثم تواصل مع ش. س. الذي أرشده إلى منزل آخر هناك، مكث فيه الشيخ الفارّ فترة قبل أن ينتقل مع عائلته إلى منزل محمد علي الشريف، مدير المشتريات في دارة النائبة بهية الحريري، ونجل رئيس جمعية تجار صيدا على الشريف،
ومكث المطلوبون هناك عدة أيام قبل أن يتواصل الشريف مع شخص آخر نقلهم إلى منزله، أقاموا به عدة أيام ثم نقلوا بمساعدة زوجته إلى الشمال، كما تولت السيدة نفسها نقل أبناء الأسير الثلاثة إلى دير القمر، حيث سلمتهم لأحد الشيوخ الذي أوصلهم لمنزل الشيخ سالم الرافعي بناء على طلبه، فيما تولى أحد الأشخاص استئجار منزل لهم في محلة باب التبانة.
بعد أيام، أحضِرت زوجته إليه؛ حيث كان بحوزتها مبلغ 400 ألف دولار أمريكي، ثم نُقل الجميع من التبانة إلى المنية، حيث مكثوا لنحو ستة أسابيع في أحد المنازل، قبل أن يعاد نقلهم مجددا إلى التبانة، حيث قضوا 5 أشهر في منزل استأجره لهم الشيخ خالد حُبلص، غير أن اشتداد الطوق على التبّانة بعد تطبيق الخطة الأمنية، دفع الأخير إلى نقلهم مجددا إلى بحنين واستضافتهم في منزله لنحو شهر.
ثم زعمت الصحيفة أنهم نُقلوا بعدها إلى منزل آخر في بحنين؛ حيث بقوا لمدة شهر ونصف شهر، ولمّا بدأ السكّان يتداولون أنّ عائلة متشددة من
تنظيم الدولة تسكن في منزل جرت مداهمته، وكان الأسير يقيم فيه، عادوا إلى منزل خالد حبلص.
ونقلت الصحيفة عن الأسير قوله: "دفعت للشيخ ح. مبلغ 250 ألف دولار أميركي بغية إنشاء قوة عسكرية لنصرة أهل السنة"، كاشفا أن عداد مجموعة ح. كان يبلغ قرابة 180 فردا.
أما عن دوره في المواجهات مع الجيش في المنية، فينفي الأسير مشاركته شخصيا، كاشفا أن عناصره شاركوا بإشراف منه، باعتبار أن أصل الاتفاق بينه وبين ح. كان يقوم على قاعدة أن يكون ح. في الواجهة وهو في الكواليس. وأفاد الأسير بأنّه كلّف ش. س. بنقل السلاح من صيدا وعبرا إلى بحنين، حيث كان يتسلّمها ف.ع. غير أنّه أبلغ المحققين بأنّه فوجئ بإعلان حُبلص انطلاق الثورة السنية خلال خطبة الجمعة الشهيرة.
ونفى الأسير بالاعترافات أي علاقة له بتنظيم الدولة وجبهة النصرة، كما نفى ارتباطه بالشيخ سراج الدين زريقات أو كتائب عبد الله عزام. واعترف بأنه كان يعرف الانتحاريين عدنان المحمد ومعين أبو شهر اللذين نفّذا العملية الانتحارية ضد السفارة الإيرانية.
اغتيالات
وادعت الصحيفة أن الأسير كان ينوي الانتقام، والبدء باغتيال شخصيات تنتمي لحزب الله وحركة أمل وسرايا المقاومة وضباط من الجيش مقربين لهم.
ونقلت أن الأسير كلف شخصا باستنهاض المجموعات لتحديد الأهداف وجمع المعلومات للبدء بالاغتيالات، إذ بدأ العمل على توزيع المجموعات والمهام ضمن مناطق جغرافيا، وأهداف محددة، بحسب زعمها.
أما الشخصيات المستهدفة، فزعمت الصحيفة نقلا عن الأسير، أنهم قرروا اغتيال كل من الشيخ ماهر حمود ومسؤول حزب الله في صيدا زيد ضاهر وأحد قياديي حزب الله الحاج محمد كوثراني، إضافة إلى استهداف مجمع الزهراء قرب محلة الحسبة، وحواجز الجيش المختلفة. غير أنّه نفى وجود أي نية لديه لاستهداف النائبة بهية الحريري.
وذكر الأسير أنه كان لدى هذه المجموعات الأمر بالتحرّك بمجرّد بدء استهدافها إن حصلت حملات توقيف استباقية، أما لماذا لم يُنفَّذ المخطط، فأفاد الأسير بأنّه عدل عن مخططه بسبب تعرضه للخذلان من مناصريه إثر أحداث طرابلس، وأفاد الأسير خلال استجوابه بأن عديد الخلايا النائمة ناهز مئة عنصر، بحسب زعم الصحيفة.
كذلك كشف الأسير عن أسماء الشخصيات التي تموّل منها ماليا. فذكر أنّ أبرزها ن. ع. الذي حصل منه على ما يُقارب 330 ألف دولار أمريكي على دفعتين، كاشفا أن ع. كان يدفع نصف تكاليف أي نشاط كان يقيمه الأسير. غير أنه أكّد للمحققين أن ع. لم يموّل أي نشاط عسكري له، كما كشف عن حصوله على مبلغ 400 ألف دولار من أجل إنشاء فضائية.
الهيكلية
وقالت الصحيفة إن الأسير كشف عن هيكلية حركته المنظّمة، مدعية قوله بأنها كانت تُقسم إلى: لجنة المسجد، المكتب الشخصي، اللجنة الدعوية، لجنة الاعتصامات، لجنة شراء العقارات، كتائب المقاومة الحرة، جهاز الحماية الشخصية.
وذكر أنّ معظم سلاحه، بحسب زعم الصحيفة، حصل عليه من عرسال والشمال، كاشفا أنه كان ينقل بواسطة بيك أب يوجد فيه مخبأ سري بالاتفاق مع القيادي في كتيبة الفاروق أحمد سيف الدين الملقب بـ"السلس".
أمّا من الشمال، فذكر أن فصائل المعارضة المسلحة في منطقة جوسيه كانت مصدرا، أما معسكرات التدريب لديه، فذكر أنّ أحدها كان في القصير والآخر في ملجأ يقع مقابل مسجد بلال بن رباح في عبرا يُستعمل للدروس العسكرية النظرية، بحسب زعم الصحيفة.
الهروب الأخير
ظُهر 12 آب/ أغسطس الجاري، خرج أحمد الأسير للمرة الأخيرة من مخيم عين الحلوة عبر حاجز للجيش اللبناني يُعرف بـ"حاجز سيروب".
انتقل إلى محيط مسجد الشهداء، حيث التقى ع. ر. ش. لينتقلا سويا إلى منزل الأخير في جدرا، قبل أن ينتقل في اليوم التالي، أقلّ ع. ش. الأسير إلى مبنى السفارة التركية في الرابية. غير أن الأسير تردد في الانتظار؛ بسبب الاكتظاظ أمام السفارة، وخاف أن يفتضح أمره، فعاد إلى بيروت.
هناك قصدوا مكتب خ. للسفر في محلة مارالياس. وتمكن ش. من الحصول على تأشيرة السفر إلى نيجيريا. وجاء ذلك نتيجة أيام من التنسيق بين الشيخ ي. ح. وم. ن. مع م. ع. الموجود في أفريقيا.
عاد الأسير إلى جدرا، حيث بقي في منزل ش. حتى 15 آب/ أغسطس. في صباح ذلك اليوم، حضرت سيارة تاكسي لتنقل الأسير إلى محطته الأخيرة في مطار بيروت.