ترقد عظام بشرية منذ ألف عام في محيط كنيسة سان جيرمان دي بري في باريس، وقد عثر عليها في الآونة الأخيرة علماء آثار في اكتشاف أطلق أسئلة وتكهنات حول صاحب هذا
القبر.
ودفن صاحب هذا القبر ويداه متشابكتان على صدره، ورأسه متجه شطر الكنيسة، وهي من أقدم الكنائس في العاصمة الفرنسية، إذ شيدت في عهد الملك شيلدبير من الأسرة الميروفنجية في القرن السادس للميلاد.
وقد دمرت هذه الكنسية التي ضمت أولى
مقابر الملوك على يد النورمان، أي الشعوب الشمالية التي هاجمت أوروبا في أواخر الألف الأول للميلاد، ثم أعيد بناؤها بحسب نمط بناء الكاتدرائيات الرومانية، وذلك في مطلع الألفية الثانية.
وهذا الهيكل العظمي الذي يحمل الرمز "اس بي او 10" ليس الوحيد المعثور عليه في الباحة الصغيرة للكنيسة، بل إن علماء الآثار العاكفين منذ أسابيع على التنقيب في هذا المكان عثروا على أربعة قبور تعود للحقبة الميروفنجية بين القرنين السادس والسابع.
والأسرة الميروفنجية هي أسرة حكمت ما يعرف اليوم بفرنسا وبلجيكا وأجزاء من ألمانيا وسويسرا بين القرنين الخامس والثامن للميلاد.
وتمكن العلماء من نبش عشرة هياكل عظمية، وهم يعتقدون يوجود هياكل أخرى، إذ أن عددا من النواويس لم يفتح بعد.
يقدر فريق علماء الآثار أن تنتهي مهمتهم مع نهاية شهر أيلول/ سبتمبر، ثم يبدأون بعد ذلك الأعمال اللازمة لمنع الرطوبة من التسرب إلى جدران الكنيسة.
في القرن التاسع عشر، بدأ عالم الآثار تيودور فاكر أعمال التنقيب في هذا الموقع، وذلك بالتزامن مع شق جادة سان جيرمان.
في ذلك الحين، عثر عالم الآثار على قبور ميرونجيفية، لكن أبحاثه كانت تتركز على المقتنيات المستخدمة في الدفن في تلك
الحقبة، ولم يلتفت إلى الهياكل العظمية.
ويقول دافيد كوكسال رئيس دائرة الآثار في باريس إن سان جيرمان دي بري ضمت أول مقبرة ملكية قبل أن تنقل إلى سان دوني في منطقة باريس.
ويضيف "كان أفراد الطبقة العليا من النبلاء يدفنون إلى جانب الملك". ويقول فرنسوا غوريه عالم الآثار المشرف على الورشة في باحة الكنيسة "كنا نتوقع أن نعثر على قبور من المقبرة الميروفنجية".
لكن الجديد هو العثور على القبور الكارولنجية في مستوى أعلى من مستوى القبور الميروفنجية، ولم يعثر في هذه القبور سوى على هياكل عظمية لرجال، الأمر الذي يدفع العلماء إلى ترجيح أن تكون هذه القبور مخصصة لرهبان.
ويمكن تميير القبور الميروفنجية عن تلك الكارولنجية، إذ أن الثانية لا تحتوي على مقتنيات تدفن مع الميت. لكن التثبت من ذلك يقتضي استخدام تقنية تحديد
التاريخ بواسطة الكربون 14.
وأتاحت ورشة التنقيب أيضا اكتشاف خندق دفاعي شق في النصف الأول من القرن الرابع عشر.
ويأمل علماء الآثار أن يتوصلوا إلى اكتشافات جديدة في الأشهر القليلة المقبلة، ولا سيما مع فتح النواويس الميروفنجية.
في تلك الحقبة، كان النبلاء يدفنون مع مقتنياتهم وأسلحتهم وملابسهم.. وفي حال لم تتعرض هذه النواويس للنهب فإن العلماء يتوقعون العثور على كنوز أثرية.