نشرت صحيفة "إلمانيفستو" الإيطالية، تقريرا حول الصراع اليومي الذي يعيشه سكان بلدة
بيت جالا الفلسطينية، في مواجهة مخططات
الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تدمير ممتلكاتهم، وإقامة
الجدار العازل للتضييق عليهم، نقلت فيه كفاح هؤلاء السكان ومعاناتهم، وسط تجاهل الجيش الإسرائيلي لقرارات المحاكم، ولنداءات المنظمات الدولية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن جرافات الجيش الإسرائيلي عادت لتسوية الأراضي التي تعود إلى عشرات العائلات المسيحية في بيت جالا، والتي سيمر منها جزء من الجدار العازل، وسط ممانعة كبيرة وصمود من رجال الكنيسة وأهالي البلدة.
وذكرت أن أهالي بيت جالا يتجمعون ويؤدون الصلوات كل صباح، ويرفضون الاستسلام للأمر الواقع، مشيرة إلى أن "الجرافات جاءت منذ يومين إلى وادي كرميزان في حي بير عونة، وتمثلت أولى النتائج الكارثية لحضورها في اجتثاث 55 شجرة زيتون روماني معمرة، متجاهلة ما تتميز به هذه الأشجار من عراقة وقيمة تاريخية، قبل أن تتوقف هذه الآلات الضخمة أمام الوقفة المستميتة للسكان المحليين وبعض القساوسة".
ونقلت الصحيفة عن الأب ماريو كورنيولي، قوله إن "الجرافات جاءت من وراء المنازل، وبدأت عملها بشكل مفاجئ، وقد تضررت من عملية اجتثاث أشجار الزيتون إلى حد الآن عائلتان، من أصل 58 عائلة فلسطينية تعيش في وادي كرميزان ستفقد كلها أشجارها عند إتمام عمليات التدمير. كما يجب أن لا ننسى أن هذه الأشجار التي يتم اقتلاعها ستتم على الأرجح إعادة زرعها في إسرائيل".
وقالت الصحيفة إن الآمال بإنقاذ أراضي بير عونة انتعشت في نيسان/ أبريل الماضي، عندما صدر حكم قضائي من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية؛ بإيقاف بناء الجدار في تلك المنطقة الواقعة بين القدس وبيت لحم، وهي إحدى أجمل المناطق الخضراء في فلسطين.
وتوجد في هذه المنطقة قرية "بتير"، التي تم تصنيفها مؤخرا من قبل اليونسكو كتراث عالمي. كما أن خيرات تلك المنطقة يتم تصدريها إلى كامل أنحاء العالم. ولكن خلال الشهر الماضي أصدرت المحكمة العليا قرارا جديدا يقضي باستئناف الجيش لأعمال تجريف الأراضي وبناء الجدار، مع تعديل بسيط في مخططات الأشغال الأصلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعمال البناء المزمع إنجازها؛ ستؤدي إلى فصل دير وادي كرميزان عن بقية أجزاء بيت جالا، ولم تنجح سنوات من المعارك القضائية والاحتجاجات الفلسطينية في منع ذلك.
ونقلت الصحيفة عن الأب كورنيولي قوله إن "تطورات جديدة حركت القضية من جديد في الفترة الأخيرة، تمثلت في الاتفاق المنتظر بين الفاتيكان وفلسطين، الذي تعارضه إسرائيل بشدة، وهو ما أثر كثيرا على القرارات الإسرائيلية، وهذا واضح من خلال إصدار المحكمة العليا لقرار منع بناء الجدار، ثم تعديلها لهذا القرار، وقد حاولنا الاعتراض واستئناف الحكم، ولكن الجرافات لم تمهلنا".
وأضاف الأب كورنيولي أن "القرار الذي صدر، وطريقة تنفيذه بشكل عاجل؛ يبين أن إسرائيل تريد الانتقام، ومعاقبتنا على نجاحنا في إقناع الفاتيكان بالاعتراف بدولة فلسطين. كما أن تناقض قرارات المحكمة وتغاضيها عن تصرفات الجيش؛ يثبت وجود تنسيق ولعب أدوار بين الجانبين".
ونقلت الصحيفة أيضا عن المطران وليم الشوملي، بطريرك القدس، قوله إن "إسرائيل لم تبدِ أي رد فعل رسمي على اعتراف الفاتيكان بفلسطين، ولكن أصبحت هنالك خشية الآن من رد الفعل في الميدان؛ عبر اعتماد سياسة الأمر الواقع".
وقالت الصحيفة إن الإسرائيليين يريدون بناء الجدار في منطقة بيت جالا بأي ثمن، من أجل الربط بين مستوطنتي جيلو وهار جيلو، وإحكام قبضتها على المزيد من الأراضي الفلسطينية، "وبعد إتمام البناء؛ ستبقى الكنيسة والدير في داخل الأراضي الفلسطينية، ولكن أراضي العائلات المسيحية ستصبح في الجانب الآخر الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي".
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي لا تعوزه الطرق للالتفاف على القرارات والقوانين، ولكن نضالات الفلسطينيين تتواصل على كل الأصعدة، من أجل التعريف بقضيتهم وانتزاع حقوقهم، "فبالتوازي مع معركة سكان بيت جالا؛ يخوض 250 سجينا سياسيا فلسطينيا إضراب جوع إلى جانب الأسير محمد علان، من أجل انتزاع حريتهم".