الحركة العونية التي يقودها الجنرال
ميشال عون وصهره ونوابه، الهادفة إلى "استعادة حقوق المسيحيين" في
لبنان، لم تهدأ بعد، ويبدو أن الجنرال مصر عليها حتى إشعار آخر. هذه "المقاومة المسيحية" المستجدة لن تسكت رصاص بياناتها وخطاباتها وتحد من هجوماتها التي لا تستثني إلا
حزب الله، قبل أن تزال "النون" عن ملفات الكهرباء والبلديات والإنماء في "مناطقنا لا مناطقهم"، والوصول إلى شراكة حقيقية داخل مجلس الوزراء وخاصة في ظل غياب رئيس الجمهورية، تكرس المناصفة الفعلية التي قبل بها التيار العوني على مضض، وهو الذي زرع في هذه المنطقة نهضة وتاريخ وتراث وتراكم حضارات وهو مؤتمن للحفاظ عليها، وأي خلل في بند من بنود استعادة الحقوق يعرض هذه الأمانة إلى انتكاسات فعلية التيار الحر لن يسكت عنها.
هذه خلاصة أولية لثلاث خطابات ألقاها وزير الخارجية جبران باسيل في ثلاث مواقع مختلفة في إطار جولته المناطقية التي تستهدف شرائح كبيرة من المنتسبين إلى
التيار الوطني الحر بهدف استمالتهم الى جانبه في الانتخابات الرئاسية داخل الحزب، ويبدو وفقا لنائب بارز في 14 آذار أن "باسيل نسي أنه وزير خارجية لبنان وأن مهام وزير الخارجية ومضمون خطاباته تختلف كثيرا عما يدلي به"، فقد وجد باسيل أن الخطاب الأفضل لكسب ود وأصوات هؤلاء هو الخطاب الغرائزي الذي يستثير العواطف ويجيش الناس ويجعلهم يصطفون بطريقة لا إرداية خلف قائله منادين له بالنصر لأنه يريد إعادة الاعتبار إلى موقعهم ودورهم الذي للصدفة ربما لا أحد يمثله في كل مسيحيي لبنان سوى من يحظى ببركة ورضى العماد ميشال عون، و"هذه سابقة بتاريخ وزراء الخارجية اللبنانيي اذ يقدم باسيل الخطاب المسيحي على خطاب الدولة التي يمثلها".
فهل بهذه الطريقة وبهذا الخطاب يطالب المسيحي اللبناني بحقوقه؟ يجيب مصدر سياسي مسيحي من 14 آذار بالقول: الغريب أن العماد عون يطالب بحقوق المسيحيين في دولة غير مكتملة السيادة، فعلى أراضيها دويلة تنافسها في القوة والقرار، وبالتالي كان أجدر به أن يطالب باستعادة حقوق الدولة اللبنانية المسلوبة من الدويلة، ومن ثم يطالب بحقوق كل اللبنانيين"، مضيفا: "لا حقوق للمسيحيين من خارج حقوق الدولة، ولا حقوق للمسلمين أيضا من خارج حقوق الدولة، وعندما يكون هناك دولة تفتقد الكثير من مزايا الدولة الحقيقية تكون حقوق الطوائف جميعا منقوصة، ومسلوبة". ويتابع المصدر: "لا يمكن لمسلم أن يطالب بحقوق المسلمين ولا لمسيحي أن يطالب بحقوق المسيحيين على الفريقين أن يطالبا بحقوق اللبنانيين كل اللبنانيين"، سائلا: "كيف يمكن للعماد عون أن يطالب باستعادة حقوق المسيحيين ولا يطلب استعادة الدولة من هيمنة الدويلة؟.
من جهته، يرى المستشار الاعلامي للرئيس ميشال سليمان بشارة خيرالله أن استعادة حقوق المسيحيين تبدأ أولا بالإسراع نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا تعطيل عملية الانتخاب، فعلى سبيل المثال ربط عدم قدرة الحكومة على تعيين قائد للجيش وبالتالي تأجيل تسريح العماد قائد الجيش، ليس تعديا على حقوق المسيحيين، لأن هذه الحقوق برأي خيرالله مهدورة في ظل غياب الرئيس، وستكون مهدورة أكثر، إن تم الاتفاق على تعيين بهذا الحجم من دون وجود "قائد أعلى للقوات المسلحة" يؤخَذ برأيه لحظة الاختيار، فأكبر حق مفقود للمسيحيين في ظل الفراغ غير البريء هو غياب رئيس للجمهورية".
بالتالي إن المناداة بحقوق المسيحيين يحاكي ما يجري في المنطقة من صعود للخطاب الطائفي في ظل الحديث عن رسم خرائط جديدة للمنطقة تلحظ دويلات للأقليات، الأمر الذي يعزز الشعور الطائفي ويلغي فكرة الانتماء إلى دولة أيا يكن شكل هذه الدولة، لذا يقول مصدر في 14آذار: "حبذا لو ينادي العماد عون باستعادة لبنان من حزب الله وتمتين المؤسسات الشرعية فيه حتى يتمكن من الصمود في وجه التقسيم الذي يلوح في المنطقة، وبعدها فلينتقل الى حيث يشاء ونحن معه".