في أحد معسكرات
الثورة السورية شمال إدلب؛ تمارس مجموعة من المقاتلين تدريبات
قتالية وبدنية شاقة، بينهم شاب عشريني؛ يحاول أن يجاري رفاقه في الركض رغم عرجه الشديد، إلا أنه لم يستطع الركض معهم سوى 500 متر، ليعود بعدها بصعوبة إلى مكان الاستراحة.
جلس عبدالكريم حساني في ظل شجرة داخل المعسكر، وأزال الرجل الصناعية التي كان يرتديها، وقال لـ"
عربي21": "هذا الطرف أتعبني كثيرا، وأخشى أنني لن أستطيع دخول المعارك مرة أخرى".
وأضاف بنبرة حزينة: "أثناء تواجدي في منزلي بريف حماة الشمالي؛ أغارت طائرة حربية على المنزل، وقتلت والدتي، وأصيب شقيقي الصغير، أما أنا فصحوت من غيبوبتي بعد خمسة أيام؛ ليخبرني الأطباء بأنهم اضطروا لبتر رجلي من فوق الركبة، بعد أن فقدوا الأمل في علاجها".
سافر حساني إلى تركيا للعلاج، وفي مدينة الريحانية؛ قدمت له إحدى المؤسسات طرفا صناعيا لعلّه يعينه على المشي، لكنه يقول إن فكرة "
الانتقام" من قاتل أمه؛ لم تغب عن خاطره طيلة فترة علاجه التي تجاوزت الستة أشهر، وقرر أن يعود ليشارك كتيبته -التي كان يقاتل في صفوفها قبل إصابته- في معاركها ضد النظام السوري، بالرغم من تحذيرات الأطباء له من أن الطرف الصناعي لا يساعده سوى على المشي، وقضاء بعض حاجاته.
وأضاف أنه طلب من أصدقائه المغتربين؛ السعي في جمع مبلغ 50 ألف دولار أمريكي، بهدف تأمين تكاليف تركيب "طرف ذكي"، حيث أخبره الأطباء بأن الطرف الذكي قد يقترب بأدائه من الطرف الطبيعي، ويساعده في ممارسة الرياضة بشكل شبه طبيعي.
وفي المعسكر ذاته؛ اقتاد حساني مراسل "
عربي21" إلى موقع آخر، حيث يتواجد
مقاتلون يتدربون على استخدام القناصات، وكان أحدهم يُدعى زهير العوض، يعاني من تشوه دائم في الجانب الأيمن من وجهه. قال إنه فقد عينه خلال إحدى معاركه ضد قوات النظام، حيث تعرض لشظية هشمت أجزاء من وجهه.
ومع هذه الإصابة التي تعرض لها العوض، والتي استغرق الأطباء أكثر من عام من العمليات الجراحية المتعاقبة لعلاج وجهه من التشوه الكبير الذي تعرض له؛ فإنه أصر على العودة إلى سلاحه، وبدأ يتدرب قبل حوالي شهرين على استخدام القناصة بيده اليسرى.
ويؤكد العوض أن مهارته باستخدام سلاح القنص باليد اليسرى، بعد هذه المدة؛ تكاد تجاري مهارته باليد اليمنى، مشيرا إلى أنه كان من أمهر القناصين قبل إصابته.