يبدو أن الرغبة الجارفة في النكاية بجماعة
الإخوان المسلمين في
مصر باتت أقوى من أي اعتبارات أخرى، حتى أصبح مؤيدو الانقلاب يستمرئون انتهاك المقدسات الإسلامية في سبيل تحقيق هذا الهدف.
وخلال العامين الماضيين، شهدت مصر العديد من الوقائع التي خلط أبطالها بين مكايدة الإخوان وبين ارتكاب محرمات دينية، مثل دعوات خلع الحجاب أو تقنين ممارسة الدعارة.
وبعد أن كانت هذه الوقائع يقوم بها شخصيات علمانية أو بعيدة عن التدين، فوجئ الكثيرون بأن بطل آخر محاولة، هو أستاذ في جامعة
الأزهر، شارك في استباحة المساجد وامتهان
القرآن الكريم في
فيلم سينمائي بحجة إظهار فساد جماعة الإخوان!.
المصحف تحول إلى سنادة
ويقول صناع الفيلم إنه مشروع تخرج لأحد طلاب معهد السينما، شارك فيه بدور البطولة الدكتور "ربيع الغفير"، الأستاذ بجامعة الأزهر، وهو أيضا أحد خطباء الجامع الأزهر.
وكانت صحيفة "اليوم السابع" قد نشرت مقطع فيديو من داخل مسجد "فاطمة الزهراء" في مدينة "الرحاب" الراقية الواقعة شرقي القاهرة، ويظهر استباحة المسجد وتحويله إلى موقع تصوير سينمائي، حيث امتلأ بأجهزة الإضاءة وكاميرات التصوير.
كما تم امتهان القرآن الكريم خلال التصوير، حيث استخدم الفنيون المشاركون في العمل عشرات المصاحف المتواجدة في المسجد كسنادات لتثبيت كشافات الإضاءة.
تدور قصة الفيلم حول استغلال المساجد في النصب على المصلين، حيث يدخل شاب المسجد ومعه نعش فيه جثمان والده، ويدعي أن والده توفي، وهو مدين بمبلغ كبير، ويطلب مساعدة المصلين له في جمع هذا المبلغ لسداده للدائنين الذين يرفضون دفن الجثمان قبل الحصول على حقوقهم.
وبعد أن ينجح الشاب في جمع مبلغ كبير من المصليين يختفي من المسجد، ليكتشف المصلون أن النعش لا يوجد به جثمان وإنما كفن خال.
توعية بخداع الإخوان
وبعد أن أثارت الواقعة غضب الكثيرين، دافع الدكتور "ربيع الغفير" عن نفسه، قائلا إنه وافق على المشاركة في الفيلم، وتجسيد دور رجل الدين؛ لتوعية الشباب من الوسائل الخبيثة التي يلجأ لها الإخوان لخداعهم.
وأكد الغفير، في تصريحات صحفية، أنه صور الفيلم داخل المسجد بعد معرفته بقصته، وأنه يوضح طرق خداع الجماعات الإسلامية للمواطنين باسم الدين خلال فترة حكم الإخوان، مضيفا أن الفيلم يهدف إلى توعية البسطاء بألا يدفعوا أموالهم لكل من هب ودب دون التحقق من صدق ادعائه.
وأضاف أنه التقى طالبا يدرس في معهد السينما، وطلب منه تجسيد رجل دين يفضح ممارسات الإخوان في النصب على العامة، وتحصيل أموالهم منهم لتوظيفها في أغراض مشبوهة، مؤكدا أن الطالب حصل على تصريح بالتصوير في المساجد من جهاز المدينة.
ولم يوضح الغفير علاقة قصة الفيلم بالإخوان، حيث تعد هذه الطريقة في النصب إحدى الطرق التي يتبعها المحتالون والمتسولون في خداع البسطاء، مثلها مثل عشرات الطرق الأخرى، ولا دخل للجماعات الإسلامية بها.
وحول ما حدث أثناء تصوير الفيلم من إهانة للمصاحف ووضع الكاميرات والكشافات فوق المصاحف، نفى الغفير رؤيته لأي مخالفات، مشددا على أنه لو كان رآها لما سكت أو استمر في التصوير؛ لأنه تربى على احترام القرآن الذي يقوم بتدريسه في الأزهر، ولا يقبل أن يقبل إهانة كتاب الله.
اتهامات بجمع الأموال دون ترخيص
وتعليقا على هذه الواقعة، قال الشيخ "محمد عبد الرازق عمر" رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف، إن الوزارة سترسل وفدا برئاسة مدير إدارة القاهرة الجديدة للتحقيق في الواقعة، والتأكد من صحتها عبر سؤال رواد المسجد.
وكانت وزارة الأوقاف قد هاجمت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2014 الدكتور "ربيع الغفير" وقالت إنه يسيطر على مساجد مدينة الرحاب، ويتكسب منها ماليا عن طريق إنشاء معاهد دينية غير مرخصة داخل المساجد.
وقالت الوزارة إن الغفير يتعدى على المساجد بمعاونة مجموعة من الخطباء التابعين له، مقابل حصوله على مبالغ مادية كبيرة من رجل أعمال شهير يقيم بالمدينة، واتهمته بمنع خطباء الوزارة من اعتلاء المنابر عبر تحريض الجماهير عليهم.
كما اتهمته بفتح معهد للدراسات الإسلامية، وإعداد الدعاة يحمل اسم جامعة الأزهر دون ترخيص رسمي، وأنه يحصل مبالغ مادية طائلة من مئات الدارسين فيه بالمخالفة للقوانين.