أصبح دور الصحافيين
المصريين منذ
انقلاب تموز/ يوليو 2013، هو التصفيق للمسؤولين في المؤتمرات الصحافية، ودعم الانقلاب وقادته بشكل كامل، حيث تحول الإعلام المصري إلى ناطق رسمي باسم النظام الجديد المدعوم من الجيش.
ولكن الإعلام المصري حاول هذا الشهر التعبير عن لحظة احتجاج على قانون مكافحة الإرهاب، الذي نص على سجن الصحافيين لمدة عامين، في حال نشرهم أخبارا عن الحرب ضد الجهاديين لا تلتزم بأرقام الجيش.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن نقابة الصحافيين ضغطت بنجاح من أجل تعديل البند في قانون مكافحة الإرهاب الجديد، واصفة ما جرى بأنه لحظة نادرة من التمرد في بلد تحول قادته وبشكل متزايد إلى
قمعيين. ويأمل بعض الصحافيين أن يدفع هذا النجاح باتجاه حركة أوسع لحرية التعبير في مصر، في وقت تزيد فيه الحكومة من إجراءات محاكمة الصحافيين.
وينقل التقرير عن نائب مدير نقابة الصحافيين المصريين خالد البلشي، قوله: "لم توجد أبدا
صحافة حرة في مصر، ولكننا اليوم نواجه بدولة عنيفة بشكل واسع".
وتذكر الصحيفة أن البلشي قاد الحملة ضد قانون الإرهاب الجديد. وعمل في الماضي محررا ومراسلا لمدة لعقدين. مشيرة إلى أنه واحد من قلة يعارضون من هم في السلطة. ويقول إن الكثير من الصحافيين عملوا على فضح الفساد وانتهاكات الجيش، لكن الكثيرين منهم يرون أنفسهم مدافعين عن مصر، خاصة في وقت عدم الاستقرار. وأضاف: "بعض الصحافيين لن يسكتوا أبدا، لقد أصبحوا جزءا من حركة صغيرة اتخذت موقفا".
ويلفت التقرير إلى أن القانون الجديد، الذي اقترحته الحكومة، جاء بعد مقتل النائب العام هشام بركات في 28 حزيران/ يونيو، وهجمات منسقة قام بها جهاديون على مواقع للجيش المصري في سيناء قتلت، كما تقول الحكومة، 21 جنديا على الاقل.
وتبين الصحيفة أن عدد القتلى كان هو السبب في محاولة الحكومة تقييد حرية الصحافيين في تغطية أحداث سيناء. فقد أشارت أرقام أولية عن مقتل ما بين 30 -70 جنديا. ولكن الجيش المصري اعترض، وقال إن الرقم أقل بقليل من ذلك.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المتحدث باسم الجيش المصري اتهم الإعلام الدولي بتشويه الحقائق، حيث قال لصحيفة "الأهرام" الرسمية إن الهدف من نشر تلك الأرقام كان "التأثير على معنويات الجيش المصري".
وتوضح الصحيفة أنه قد تم تعديل المسودة للقانون بعد الهجمات، حيث اقترحت السجن عامين لكل صحافي يبني معلوماته على مصادر مجهولة، أو مسؤولين يتحدثون عن عمليات إرهابية.
ويستدرك التقرير بأنه بعد حملة من الصحافيين احتجاجا على هذا البند، أعلنت وكالة انباء الشرق الأوسط الرسمية أن الحكومة قررت شطب سجن الصحافيين، ولكن الإعلام الحكومي قال إن الحكومة ستعاقب من ينشر أرقاما غير تلك التي تنشرها المؤسسات الرسمية بغرامات مالية قد تصل إلى 64 ألف دولار.
وتنوه الصحيفة إلى أن مصر لديها تاريخ طويل في السيطرة على الإعلام واحتوائه. ففي ظل النظام السابق لحسني مبارك امتلكت الحكومة تقريبا 500 صحيفة ومجلة ودورية، وذلك بحسب "فريدم هاوس"، وهي مؤسسة رقابة أمريكية على عمل المؤسسات السياسية وغيرها.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة تحكمت برخص الإذاعات والتلفزة، وهو أمر مهم للتحكم بالرأي العام. ولا يزال التلفزيون هو الوسيلة المهمة في مصر، بحسب مجلس مديري الإذاعات الأمريكي الذي يشرف على إذاعات الحكومة الأمريكية في الخارج. وبحسب المجلس، فإن نسبة 84% من المصريين تشاهد التلفزيون يوميا أو في معظم أيام الأسبوع.
وتكشف الصحيفة عن أن مصر قد شهدت بعد ثورة 2011، تخفيفا في شدة القيود على الإعلام، وهو ما أدى إلى ظهور كم كبير من الصحف والإذاعات والمجلات. وظلت الصحف مملوكة من الحكومة، أو من رجال أعمال فضلوا الحفاظ على علاقة جيدة مع النظام. وبحسب لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، فإن النظام المصري يعتقل الآن حوالي 81 صحافيا معظمهم بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
ويورد التقرير أنه بعد انتخاب محمد مرسي في عام 2012، فقد حاول السيطرة على البيروقراطية الإعلامية، التي ظلت معارضة له. وعندما قام وزير الدفاع، الرئيس الحالي عبد الفتاح
السيسي، بانقلابه، قام الجيش بقطع خطوط التزويد كلها عن الشبكات التلفزيونية المؤيدة للإخوان، وهو ما أدى إلى تأييد الإعلام الرسمي له. ويقول المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عماد جاد: "عرف السيسي أن الإعلام هو ذراعه الأيمن".
وتلفت الصحيفة إلى أن مديري الصحف ومحطات التلفزة قد أعلنوا في خريف العام الماضي عن دعمهم للسيسي، أو ما وصفته الحكومة بالحرب على الإرهاب، وتعهدوا بمنع أي نقد للدولة على صفحات صحفهم أو عبر الأثير.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن البلشي يرى أن موقف مديري الصحف كان وراء حملة لاستعادة حرية التعبير، مؤكدا أن مصر لا يوجد فيها إعلام حر، ولكن يوجد فيها صحافيون أحرار. ويعتقد البلشي أن الحكومة ستحاول فرض قيود جديدة على الإعلام، لكنهم متفائلون بأن هذه القيود ستؤدي إلى معارضة أكثر.