بعد إعلان السلطات في المملكة العربية
السعودية عن سلسلة من الاعتقالات التي همت أزيد من أربعمائة شخص متهم بالانتماء لـتنظيم الدولة، نشرت جريدة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تتحدث عن مواجهة المملكة لخطر التنظيم داخل أراضيها، بعد ما كانت تواجهه على حدودها.
وأبرز التقرير، الذي ترجمه "
عربي 21"، أن إستراتيجية التنظيم في السعودية تنبني على ركائز مختلفة، فهو من جهة يسعى إلى ضرب قوات الأمن السعودية والمصالح الدبلوماسية في المملكة، كما دأب على ذلك تنظيم القاعدة في بداية الألفية الثالثة. ومن جهة أخرى، يستهدف
تنظيم الدولة المساجد الشيعية في المملكة، وهو الأمر نفسه الذي عمله بسوريا.
بناء على ذلك، أكد التقرير أن تنظيم الدولة يضع نصب أعينه دفع الأقلية الشيعية في السعودية، -والتي تشكل ما يناهز 20 بالمائة من مجموع الساكنة التي تحس أنها "مضطهدة"-، إلى التطرف والتمرد على النظام السعودي، وذلك بحجة "الدفاع عن النفس، لكونهم ليسوا محميين بالدرجة الكافية"، يورد المصدر ذاته.
وحسب هذه المعطيات، يظهر جليا أن التحدي الذي يطرحه تنظيم الدولة يبدو أكثر تعقيدا وتطرفا من التحدي الذي واجهته المملكة في حربها على تنظيم القاعدة، -يورد التقرير ذاته-، لافتا في الوقت نفسه إلى أن التنظيم الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي يعد أكثر انتشارا بسيطرته على ثلث أراضي العراق، -البلد الذي تبلغ حدوده مع السعودية آلاف من الكيلومترات-، الأمر الذي يجعل من مراقبتها وضبطها مستحيلا.
على صعيد آخر، تطرق تقرير الصحيفة الفرنسية إلى تعامل السلطات السعودية مع تهديدات تنظيم البغدادي؛ حيث ذكر بأن الأمير محمد بن نايف، هو من أدار حرب السعودية على تنظيم القاعدة خلال السنوات الطوال التي قضاها على رأس وإدارة الداخلية، وكان هدفا لأربع من عملياتها، نجا بأعجوبة من إحداها
سنة 2009، ما يبقيه بعد تولي ولاية العهد علاوة على وزارة الداخلية، في الصفوف الأمامية في مواجهة تنظيم الدولة.
معطيات جعلت "ليبراسيون" تتوقع أن يلعب التاريخ السياسي للأمير دورا أساسيا في مواجهة الخطر الجديد، وهو ما ينبئ أن "القمع الذي سينتهجه سيكون رهيبا"، حسب ما جاء في التقرير ذاته.
من جهة أخرى، أكدت الجريدة الفرنسية أن هجوم تنظيم الدولة يأتي في وقت غير مناسب بالنسبة للمملكة العربية السعودية، والتي تركز اهتمامها في الآونة الأخيرة على الأوضاع في اليمن ومستجدات الاتفاق حول الملف النووي
الإيراني الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من كون الأمور في عدن تتجه لصالح القوات الحكومية التي تدعمها السعودية، إلا أن المناطق الحدودية للمملكة أضحت تعرف نوعا من الاضطراب.
على صعيد آخر، أشار المصدر ذاته إلى أن قلق حكام السعودية من المد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط يدفعهم إلى السعي نحو تشكيل جبهة سنية كبيرة، وهو ما تجلى في محطات كثيرة من ضمنها المحادثات التي جمعت الملك سلمان بخالد مشعل، القيادي في حركة حماس، والتي تعتبر مقربة من "الإخوان المسلمين"، ما جعل الجريدة تخلص إلى أن المملكة تسعى إلى التقارب مع "الإخوان" في إطار هذه الجبهة.
إلا أن رد فعل المعارضين لهذه الجبهة لم يتأخر كثيرا، تورد "ليبراسيون"، وهو الرد الذي كان عن طريق خمس عمليات استهدفت قياديين في حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، والتي على الرغم من كونها لم تخلف خسائر في الأرواح، إلا أنها شكلت "إنذارا جديا"، حسب التقرير ذاته.