نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا، تناولت فيه التصريحات التي يتناقلها المسؤولون الأمريكيون حول شخصية "
أم سياف" المنتمية لتنظيم الدولة، التي تم القبض عليها خلال عملية أمريكية في شرق
سوريا قتل فيها زوجها القيادي في التنظيم.
ورأت الصحيفة أن الادعاءات الأمريكية المتعلقة بدور "أم سياف" القيادي في استقطاب المجندين وتنظيم جهاد النكاح، تنطوي على مبالغة ومغالطات كبيرة، وتهدف إلى تغطية فشل واشنطن في التعامل مع
تنظيم الدولة، حسب قولها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها التي ترجمته "عربي21"، إن المرأة المعروفة بـ "أم سياف"، وهي زوجة أحد القياديين في تنظيم الدولة، تم إلقاء القبض عليها على يد الاستخبارات الأمريكية في 16 أيار/ مايو الماضي. ومنذ ذلك الحين تؤكد المصادر الأمريكية أن هذه المرأة تملك معلومات مهمة وكانت تضطلع بمهام حساسة في التنظيم.
ولكن "ليبراسيون" شككت في هذه الرواية، وقالت إن البنتاغون يحاول استعمال هذه السجينة الغامضة، لإقناع الناس بأنه حصل منها على معلومات مهمة من شأنها أن تؤثر على سير المعارك في سوريا والعراق.
وأضافت أن هذه المرأة، التي لا تعرف إلى حد الآن لها تسمية غير "أم سياف"، قبضت عليها فرقة الكوماندوس "دلتا" التابعة للقوات الخاصة الأمريكية خلال غارة في شرق سوريا، كانت تستهدف عدة قيادات في تنظيم الدولة منها زوجها "أبو سياف". وأدت العملية إلى مقتل هؤلاء القياديين، ومصادرة الجنود الأمريكيين مجموعة من أجهزة الكمبيوتر التي تحتوي على كميات ضخمة من المعلومات، وهواتف جوالة تستعمل للتواصل بين قادة التنظيم، وتمكنوا أيضا من القبض على أم سياف التي تقبع منذ ذلك التاريخ في قاعدة عسكرية أمريكية في العراق.
وبحسب الصحيفة، فإن القوات الأمريكية تصف هذه السجينة بأنها صيد ثمين، وتؤكد أنها مستشارة رفيعة المستوى في تنظيم الدولة، كما نقلت عن وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر؛ أنها أدّت دورا مهما في الأنشطة العسكرية للتنظيم، وهي مصدر المعلومات الأكثر أهمية الذي يقع في يد الولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة أن المعلومات المقدمة من البنتاغون تبدو مليئة بالمغالطات والمبالغة؛ أولا لأن زوجها أبو سياف الذي قدمته المخابرات الأمريكية على أنه المسؤول المالي لتنظيم الدولة المكلف بتجارة تهريب البترول والغاز، تحوم حوله العديد من الشكوك، إذ إنه لا يظهر في أي من الوثائق والتقارير المتعلقة بهرم القيادة في التنظيم، ولهذا فإن أرملته المفترضة تفقد الكثير من قيمتها، بما أن شهرتها تأتي من أهمية المنصب الذي يفترض أن زوجها كان يشغله.
كما اعتبرت الصحيفة أنه من الصعب التصديق بأنها كانت مسؤولة عن إدارة شبكة النساء المتطوعات للانضمام لتنظيم الدولة، كما أنها كانت تقود شبكة المتجارة بالنساء، أو ما يعرف بجهاد النكاح، وهما وظيفتان مهمتان داخل هذا التظيم المتشدد، لا يمكن وضعهما بين أيادي النساء، إذ إن الدور الوحيد الذي تضطلع به النساء في تنظيم االدولة هو دور الزوجة المطيعة، وتحضير الأطفال لحياة العنف والقتال التي تنتظرهم، كما تقول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن دور النساء في المجال العسكري يتمثل في القيام بالعمليات الانتحارية، ونقل الرسائل والتجسس، ومراقبة بقية النساء الموجودات في المناطق التابعة للتنظيم، أو العمل ضمن شرطة الأخلاق التي تراقب مدى التزام النساء بتعليمات التنظيم. وهو ما يعني تأدية دور الشرطة الدينية في المدن الواقعة في قبضة التنظيم، خاصة تلك التي تم إسناد مهمة إدارتها لمقاتلين غربيين لا يتكلمون العربية.
كما اعتبرت الصحيفة أن ما تتناقله المصادر الأمريكية حول الدور القيادي لأم سياف يتنافى تماما مع المنطق، في هذا التنظيم الذي يبرر كل قراراته بنصوص دينية وتأويلات يتم نسبها للمسلمين الأوائل في عصر الخلفاء الراشدين.
وفي الختام رجحت الصحيفة أن تكون الاستخبارات الأمريكية قد نشرت هذه المعلومات غير الدقيقة بهدف إرباك تنظيم الدولة، وخلق هالة إعلامية حول فرقة الكوموندوس "دلتا"، وإثبات نجاح هذه العملية التي تعد، على الأقل على المستوى الرسمي، الأولى للقوات الأمريكية على الأراضي السورية.