تحاول غوادالوبيه رييس أن تتصور ابنتها وهي تقود طائرة، فهذا كان حلم الشابة التي اختفت قبل عشرة أشهر قرب
مكسيكو.
وقد أضيف اسم ماريانا على قائمة طويلة من النساء اللواتي قتلن أو اعتبرن في عداد المفقودين في ولاية مكسيكو التي أصبحت أخطر مناطق البلاد عليهن.
وتعتقد السلطات بأنها عثرت على رفات ماريانا ودفنتها في مقبرة جماعية في غياب العائلة. لكن كما الحال مع مكسيكيين كثيرين يبحثون عن أقاربهم المفقودين، لا تثق رييس بالتعاطي الرسمي للقضية.
وفي نهاية حزيران/ يونيو، نجحت هذه الأم اليائسة في نبش بقايا جمجمة وعظام يفترض أنها عائدة لابنتها لإخضاعها لفحوص الحمض النووي.
وتقول رييس همسا بعد مشاركتها في نبش الرفات من مقبرة في منطقة نيكستلابلان بحضور خبراء مستقلين: "ما زلت آمل بأنها على قيد الحياة. لكن يجب انتظار نتائج التحاليل".
ولم يسمح لهذه الوالدة يوما بمعاينة هذا الرفات قبل دفنه، وذلك بعدما "قالوا لي إنني لست جاهزة نفسيا للموضوع" على حد تعبيرها.
ابنتها المفقودة شابة سمراء رشيقة كانت تتابع دروسا في الكمان. وقد غادرت منزلها في 17 أيلول/سبتمبر الماضي بغية نسخ صفحات متصلة بدراستها في مجال الطيران. لكنها لم تعد يوما.
وفي تسعينيات القرن الماضي، اكتسبت مدينة سيوداد خواريث وجوارها الصحراوي عند الحدود مع الولايات المتحدة، سمعة سيئة على خلفية جرائم
قتل شهدتها وراحت ضحيتها نساء. وقد بلغ عدد هذه الجرائم حوالي أربعمائة، بحسب منظمة العفو الدولية، وأكثرها بقيت من دون أي عقاب. أما راهنا فأصبحت ولاية مكسيكو تشهد العدد الأكبر من حالات الاختفاء وجرائم القتل للنساء.
وتتكرر الأنباء عن العثور على جثث مهشمة أو محروقة أو شبه عارية في الحقول والأراضي الواسعة أو في المياه الآسنة في ضاحية العاصمة التي يعيش فيها 15 مليون شخص.
وبحسب المعهد الوطني للإحصاءات، فقد استحوذت ولاية مكسيكو على 14% من جرائم قتل النساء بين عامي 2008 و2013، وهي نسبة أكبر من تلك التي سجلت في ولاية شيواوا التي تضم مدينة سيوداد خواريث.
وتؤكد ماريا دي لوث إسترادا مديرة مرصد المواطنية ضد جرائم قتل النساء، فقدان امرأتين يوميا في هذه الولاية.
وتقول إيرينيا بوينديا التي عثر على ابنتها الشابة مقتولة في العام 2010: "إن الوضع أسوأ مما هو عليه في سيوداد خواريث، والحالات تتواصل".
وقد أعادت فتح التحقيق في
الجريمة بعد الاحتكام للمحكمة العليا، إثر اعتبار القضاء في بادئ الأمر أن الشابة قضت انتحارا.
وسحبت سبع جثث من نهر لوس ريميديوس في إيكاتيبيك حيث تصب مياه العاصمة المبتذلة. ويشير دافيد مانسيرا رئيس منظمة "التضامن مع العائلات": "يعثر في هذا المكان على أكبر عدد من الجثث".
وقد أعيدت تسميته بـ"منعطف الموت". وفي هذا المكان أيضا عثر على جثة ماريانا. وتفيد المدعية العامة للولاية ديلسيا غارسيا، أن جرائم القتل هذه مردها إلى أعمال عنف أسري أو إلى جرائم جنسية.
لكن رئيس منظمة العدالة وحقوق الإنسان رودولفو دومينغيز، يعتبر أن هذه الجرائم هي من تبعات الحرب على عصابات تجار المخدرات التي أسفرت عن سقوط 80 ألف قتيل و22 ألف مفقود.
ويوضح دومينغيز أن مكسيكو تشهد حالة عنف معمم "ناجمة عن الاستراتيجية العسكرية ضد الجريمة المنظمة وهذا الأمر يعزز العنف ضد النساء".
كما أن الوضع "يزداد سوءا بسبب المستويات الكبيرة من الإفلات من العقاب".
ويقدر الصحافي أومبيرتو بادغيت، في كتابه "موت ولاية"، أن 1997 امرأة قتلن بين عامي 2005 و2011 في ولاية مكسيكو التي كان إنريكي بينيا نييتو حاكما لها قبل توليه رئاسة البلاد. وتؤكد المدعية العامة للولاية أنه "على صعيد الأرقام، فالموضوع ليس بالخطورة التي تصورها المنظمات"، لكنها لم تعط أي بيانات مفصلة على رغم الطلبات المتكررة من وكالة فرانس برس.
وقبل فترة قصيرة، عثر بعض المارة في إيكاتيبيك على امرأة تصارع الموت بجسد محروق بشكل شبه كامل ولا يزال الدخان يتصاعد منه.
وتعيش نساء كثيرات في الولاية حالة خوف دائم كما الحال مع هذه المجموعة من الشابات اللواتي يستعدن خلال تنقلهن ضمن مجموعة ذكرى فقدان جارة لهن قبل شهرين.
وتقول إيدي ابنة الـ17 عاما: "الآن نحاول البقاء معا على الدوام كلما أردنا التنقل".