بعد خمسة أيام من البحث المضني، وجد محمود حمدان شقيقه أشرف وقد "تعرض للضرب والصعق بالكهرباء" في أحد أقسام الشرطة لاتهامه بالمشاركة في أعمال عنف دامية أمام ملعب لكرة قدم في القاهرة.
ويحاكم أشرف (21 عاما) وابن شقيقته علي (14 عاما) مع 14 شخصا آخرين بتهمة التورط في مقتل 20 شخصا على الأقل أثناء تدافع أمام إستاد الدفاع الجوي في القاهرة في الثامن من شباط/ فبراير الماضي، قبل مباراة في كرة القدم بين فريقي الزمالك وإنبي.
وكان شهود اتهموا الشرطة مباشرة بالمسؤولية عن "المجزرة" مؤكدين أنها السبب في التدافع بسبب إطلاقها بكثافة قنابل غاز مسيل للدموع على المشجعين الذين وجدوا أنفسهم محصورين بين حواجز حديدية تقودهم إلى بوابة الإستاد.
وقد نشر شهود صورا وأشرطة فيديو للحادث على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويقول محمود بينما كان في منزله ببلدة شبرامنت الواقعة في محافظة الجيزة قرب القاهرة: "أشرف بريء قال لي إنهم ضربوه وصعقوه بالكهرباء في الأماكن الحساسة من جسده".
والدة علي، نجاة، تؤكد هي الأخرى أنها لم تتمكن من احتضان ابنها عندما زارته في السجن "لأن جسده كان مغطى بالكدمات وآثار الصعق بالكهرباء".
وأكدت توقيف علي وتعرضه للضرب حتى يعترف بأسماء "شركائه".
وأضافت: "لقد اعتقلوا ابني مع الآخرين ظنا منهم أننا لن نجد من يصغي إلينا كوننا من الفلاحين البسطاء".
ورفض مكتب النائب العام الإدلاء بأي تعليق على الاتهامات بتعذيب أشرف في قسم الشرطة.
وتتهم النيابة الشاب والفتى بالانتماء إلى مجموعة "ألتراس وايت نايتس"، مشجعي نادي الزمالك. وتقول إن هذه المجموعة تتلقى تمويلا من جماعة الإخوان المسلمين لإثارة أعمال عنف.
وترفض الأسرة هذه الاتهامات، مؤكدة أن أشرف وعلي مشجعان عاديان لنادي الزمالك لا صلة لهما بـ"ألتراس وايت نايتس" أو بالإخوان المسلمين الذين ينتمي إليهم الرئيس السابق محمد مرسي.
ويقول محمد، وهو من قيادات "ألتراس وايت نايتس" وسبق أن وضع صورا لواقعة التدافع على صفحة المجموعة على "فيسبوك"، إن "منظمي المباراة هم من يستحقون العقاب، أي الشرطة التي أطلقت الغازات المسيلة للدموع".
ويضيف أنها "تصفية حسابات سياسية".
وكانت مجموعتا "ألتراس وايت نايتس" و"ألتراس أهلاوي" (مشجعو فريق الأهلي)، الذين يعلنون صراحة مواقفهم المناهضة للشرطة، شاركتا بقوة في الثورة التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك وكانت انتهاكات الشرطة أحد أسباب اندلاعها.
وقبض على 13 من المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا في
مصر باسم "قضية الدفاع الجوي".
وتستأنف محكمة الجنايات النظر في القضية السبت.
وكانت مباراة الثامن من شباط/ فبراير هي الثانية في دوري كرة القدم التي يسمح للجمهور بحضورها منذ أن قررت السلطات إقامة المبارايات من دون مشجعين، بسبب أعمال العنف التي أوقعت 74 قتيلا عقب مباراة في بورسعيد مطلع العام 2012.
وقالت منظمة العفو الدولية إن سقوط قتلى قبل مباراة الثامن من شباط/ فبراير سببه إطلاق الشرطة لغازات مسيلة للدموع ودانت "الاستخدام المفرط للقوة من دون الأخذ في الاعتبار أي تبعات قد تنجم عن ذلك".
لكنّ مسؤولا في الشرطة كان ضمن الفريق الذي أوقف المتهمين، طالبا عدم ذكر اسمه، قال: "لم نضربهم أو نعذبهم، فمعظمهم شبان بلا خبرة واعترفوا بمجرد أن واجهناهم وكان بوسعهم التراجع عن هذه الاعترافات أمام النيابة لكنهم لم يفعلوا".
ويرد حمدان على ذلك قائلا: "إن شقيقي كبش فداء وأدلى باعترافات غير حقيقية لكي يتجنب التعرض مجددا للتعذيب".
وأثناء إحدى جلسات القضية، قال متهم آخر هو ياسر عثمان للقاضي إن "اعترافاته" انتزعت تحت التعذيب.
وقال عثمان: "لقد علقوني من ذراعي وصعقوني بالكهرباء أكثر من مرة، بل إنهم هددوني باغتصاب زوجتي".
وقالت زوجته إيمان إن رجال الشرطة "نزعوا حجابها أمام زوجها وهددوا باغتصابها" قبل أن يصرخ بأنه "مستعد للاعتراف بأي شيء".
وفي أيار/ مايو الماضي، قال الاتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان إن هناك "زيادة ملحوظة" في لجوء قوات الأمن المصرية إلى العنف الجنسي منذ انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.
فبعد الانقلاب، شنت الأجهزة الأمنية حملة قمع دامية ضد الإسلاميين أدت إلى مقتل أكثر من 1400 شخص وتوقيف أكثر من 15 ألفا آخرين، وبعد ذلك امتدت الملاحقات لتشمل النشطاء العلمانيين واليساريين.
واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش أخيرا السلطات باستخدام "منشآت شبه رسمية" كأماكن للاحتجاز حيث تعتبر "سوء المعاملة أمرا روتينيا".
وتقول المنظمة، ومقرها نيويورك، إن أكثر من 40 ألف شخص اعتقلوا، وحكم على مئات بالإعدام في محاكمات جماعية سريعة.