حقق ثوار
الساحل السوري تقدما جديدا على قوات النظام، منذ صباح يوم السبت الماضي، بسيطرتهم على تلة السريتل القريبة من قرية جب الأحمر بمحور قمة النبي يونس التي تخضع لسيطرة النظام السوري، وهي أعلى قمة في ريف
اللاذقية، فيما قتل أكثر من 17 عنصرا من قوات النظام.
وتشارك في جبهة
ثوار الساحل كل من الفرقة الأولى الساحلية، وحركة أحرار الشام، وكتائب أنصار الشام، وحركة شام الإسلام، وجيش المجاهدين.
وكانت تلة السريتل تشكل خط المواجهة الأول بين قوات النظام والثوار خلال العام الماضي، ولكن بعد سيطرة جيش الفتح على مدينة جسر الشغور في ريف إدلب وأجزاء من سهل الغاب في ريف حماة، فقد عمدت قوات النظام مدعومة بحزب الله اللبناني إلى محاولة التقدم من محور النبي يونس باتجاه المناطق المحررة، حيث كان هدفها الأساسي التقدم من قرية جب الغار باتجاه قرية الجب الأحمر للسيطرة عليها.
وتكمن أهمية هذه القرية كونها على الطريق الواصل بين مدينة صلنفة بريف اللاذقية وقرية جورين بريف حماة الغربي بسهل الغاب، حيث إن قرية جورين تمثل الهدف الأسهل لجيش الفتح في المرحلة القادمة، لذلك تسعى قوات النظام إلى تعزيز تواجدها بتلك المنطقة وفتح الطريق الواصل بين جورين والساحل من خلال سيطرتها على جب الأحمر ولكن جميع محاولتها فشلت، حيث لم تسيطر إلا على تلة السريتل التي استعادها الثوار يوم السبت.
ونشرت الصفحات الموالية للنظام السوري في الثاني من الشهر الجاري؛ صورا لقائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني في
سوريا، وذكرت الصفحات أن هذه الصور في جورين، مضيفة أنها خلال زيارة لسليماني لخطوط الجبهة بتلك المنطقة ليطلع على احتياجات المقاتلين هناك. ولكن كان رد الثور بقصف مراكز تجمع الشبيحة داخل القرية بعدد من صواريخ غراد.
وحاولت قوات النظام التقدم من تلة الشيخ محمد بالقرب من قمة النبي يونس في جبال اللاذقية، ومن قمة الجلطة باتجاه محارس الثوار بجبل مركشيلة، أكثر من سبع مرات خلال الشهر الماضي، سعيا منها إلى تحقيق أي تقدم لتحويله إلى نصر على جبهة الساحل، التي يعدها النظام أهم جبهة في سوريا ولامتصاص غضب الموالين له الذين خسروا المئات من أبنائهم في معارك إدلب وجسر الشغور، ولكنه فشل في تلك المحاولات جميعها بسبب تصدي فصائل الثوار له بقوة.
وفي هذا السياق، أكد قائد كتيبة المهام الخاصة التابعة للفرقة الأولى الساحلية، أحمد حمزة، في حديث لـ"
عربي21" أن النظام لم يتقدم مترا واحدا بمحور النبي يونس، مرجعا ذلك إلى التنسيق العالي بين جميع الفصائل الموجودة بالساحل السوري.
وأكد حمزة أنه خلال المعركة الأخيرة التي سيطروا فيها على تلة السريتل، شارك أكثر من خمسة فصائل للثوار، وبعد وضع خطة عمل مشتركة للجميع استطاعت تحرير التلة عقب اشتباكات استمرت أكثر من ست ساعات مع قوات النظام.
ونشرت عدد من الصفحات الموالية للنظام السوري أخبارا عن وصول أكثر من 1500 مقاتل إيراني إلى قمة النبي يونس، بهدف تعزيز هذه النقطة والتقدم باتجاه المناطق المحررة بريف اللاذقية.
لكن حمزة يؤكد أن "هذا الأمر لا يخيفنا، فمن واجه جيشا عدده أكثر من 400 ألف مقاتل في بداية الثورة من دون سلاح، يستطيع مواجهة 1500 مقاتل بكل سهولة".
وأضاف: "السبب الآخر الذي يفيدنا في هذه المعركة أن من يقاتل في صفوف الثوار هم أبناء ريف اللاذقية، وهم يقاتلون من أجل تحرر بلادهم من ظلم الأسد ومن أجل الدفاع عن قراهم"، مشيرا إلى أنه في المقابل "أغلب الذين يقاتلون في صفوف النظام هم مرتزقة جلبهم الأسد من إيران ولبنان والعراق وعدد من الدول الأخرى، فهم لا يعرفون طبيعة المنطقة كما نعرفها نحن ولا يعرفون الطرق بشكل جيد، وهذا يصب في صالحنا" بحسب تعبيره.
ويذكر أن النظام حاول أيضا خلال الشهر الماضي التقدم من محاور جبل التركمان في ريف اللاذقية، باتجاه المناطق المحررة، مدعوما بما يسمى "المقاومة الشعبية" (الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون)، وهي مليشيات يشرف عليها علويون من لواء إسكندرون في تركيا.
وأهم تلك المحاولات كانت في الأسبوع الأخير من نيسان/ أبريل الماضي، حين تقدمت قوات النظام السوري والمليشيات الموالية من قرية نبع المرة، بهدف السيطرة على برج زاهية بالقرب من محمية الفرنلق. ويعد برج زاهية من أعلى القمم في جبل التركمان، وفي حال استطاعت قوات النظام السيطرة عليه فستصبح أغلب القرى المحررة بجبل التركمان تحت رحمة نيران الأسد، ولكن الثوار أفشلوا محاولة تقدمه.
ولكن هذا لم يوقف قوات النظام عن محاولاتها للتقدم، ففي 23 أيار/ مايو الماضي كانت أحدث محاولات النظام للتقدم بجبل التركمان باتجاه جبل الريانة بالقرب من قرية السرايا، حيث سيطرت في بداية الأمر على جبل الريانة واستطاعت رصد تحركات الثوار بشكل شبه كامل داخل قرية السرايا.
لكن في اليوم التالي، وبينما كانت قوات النظام تقوم بحفر الدشم والمتارس لتعزيز تواجدها بالجبل، كانت قوات الثوار قد جهزت لعملية عسكرية بالمنطقة لطرد قوات النظام من الجبل. ودارت اشتباكات استمرت قرابة الأربع ساعات، استخدم فيها الطرفان مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كما استعانت قوات النظام بالطيران الحربي والمروحي لتوقف هجوم الثوار، ولكن الثوار استطاعوا تحرير جبل الريان من قوات النظام وقتل أكثر من عشرة أشخاص في تلك المعركة.
يذكر أن آخر معركة كبيرة بين الثوار وقوات النظام بجبهة الساحل كانت في آذار/ مارس 2014، حيث سيطر خلالها الثوار على مصيف كسب ومعبره الحدودي مع تركيا، وقرية السمرا، بحيث وصل الثوار لأول مرة منذ انطلاق الثورة إلى منفذ على البحر المتوسط. ولكن وبعد معارك استمرت ما يقارب الثلاثة أشهر أعادت قوات النظام السيطرة على هذه المناطق جميعها.