هل هو تنظيم فعلي، أم أفراد أو مجموعات تناصر
تنظيم الدولة في
غزة؟ سؤال طرح على كثير من المسؤولين في غزة؛ فكانت الرواية الرسمية من قبل وزارة الداخلية في القطاع؛ تؤكد أنه لا وجود لهذا التنظيم في القطاع، لكن متابعين للشأن الفلسطيني يؤكدون وجود بعض "الأفراد والمجموعات" المناصرين لتنظيم الدولة، والمسؤولين عن بعض حوادث الفلتان الأمني التي تقع في القطاع، من تفجيرات، ومحاولات بعضهم جمع السلاح بطريقة غير مشروعة.
وفي هذا السياق، يأتي مقتل يونس الحنر، "المطلوب" لوزارة الداخلية في غزة، الثلاثاء، بعد مبادرته بإطلاق النار على القوى الأمنية خلال محاولة اعتقاله. وقد عُثر بمنزله، بحسب الداخلية، على "أحزمة ناسفة وعبوات تفجيرية، وقذائف "آر بي جي"، وأسلحة مختلفة"، فيما أكد مصدر أمني لـ"
عربي21" أنه "ينتمي لتنظيم الدولة".
واتهم مركز ابن تيميه للإعلام، وهو مركز يتبع "السلفية الجهادية" في غزة، في بيان له نشر على الإنترنت، حركة
حماس، بـ"الإقدام على إعدام الحنر وإطلاق النار علية بشكل مباشر"، محملا حماس "تبعات"، ما أسماها "تلك الجريمة النكراء".
هذه الحادثة تفتح الباب أمام كيفية تعامل حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، مع تلك المجموعات، وهل يمكن التوافق معها أم أنه لا خيار أمام "حماس" سوى مواجهتها؟
الضبط الأمني
وينفى الخبير في الشأن الإسرائيلي والمتابع لمجريات الأحداث في قطاع غزة، عدنان أبو عامر، "وجود تنظيم الدولة الإسلامية في قطاع غزة"، مؤكدا في ذات الوقت لـ"
عربي21" أن ما يوجد هي "مجموعات متناثرة، أو ما يمكن أن نسميها حالات أمنية متفرقة، تتكون من أربع أو خمس أفراد لكل مجموعة، وليس بينها تنظيم عنقودي كالمتعارف عليه من الناحية الأمنية".
ورأى أن حركة حماس تحاول في هذه المرحلة "التوصل لتفاهمات معينة مع تلك المجموعات من خلال حوارات فكرية أيدلوجية أو متابعات أمنية ميدانية"، مبينا أنها "تضطر أحيانا للتعامل معها بنوع من الضبط الأمني أو الملاحقة الميدانية للحيلولة دون حدوث حالة من الانفلات الأمني في قطاع غزة".
ويرى أبو عامر أن عثور الأجهزة الأمنية على هذه الكمية من الكبيرة من السلاح والمتفجرات لدى بعضهم "يعطي مصداقية لرواية حماس الأمنية؛ أن هناك حالة من جمع السلاح بطريقة غير مشروعة"، مؤكدا أن "هناك توجها من بعض الجهات في قطاع غزة أو خارجها؛ لإعادة مسلسل الفلتان الأمني لما كان عليه قبل سيطرة حماس على القطاع عام 2007".
حالة الفوضى
وأضاف أبو عامر: "هذا يمنح حماس نوعا من تأييد الرأي العام في ملاحقاتها الأمنية لهذه المجموعات المسلحة، بغض النظر عما لديها من أفكار أو توجهات أيدلولجية في هذه المرحلة".
وأكد أن هؤلاء المسلحين لديهم "أفكار وأيدلوجيات تتبع النهج المتطرف المتشدد؛ وهذا ما أفادت به وزارة الداخلية بغزة، والتي كشفت أن بعض تلك المجموعات مرتبط بأجهزة أمنية فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، وتحاول أن تنقل الفوضى الأمنية لقطاع غزة"، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي من جانبه "يحاول استغلال تلك المجموعات المتطرفة للبث الفوضى في القطاع".
ونوه أبو عامر إلى أنه "ليس هناك جهة محددة بعينها تقف خلف هذه المجموعات، لكن هناك العديد من الجهات التي ربما تكون مستفيدة من حالة الفوضى، والتي يعمل بعضها على توجيه تلك المجموعات".
من جهته؛ أكد الكاتب والخبير في الشأن الفلسطيني، أسعد أبو شرخ، أن "أي مواجهة مسلحة مع هؤلاء الأفراد الخاسر فيها هو الشعب الفلسطيني"، موضحا أنه في مثل هذه الحالات "لا بد من معالجة صادقة والتعامل مع تلك المجموعات أو الحركات بشيء من التنوير والحوار المتكرر، والذي بدوره يخلق حالة من التقارب في الأفكار، ويوجد قواسم مشتركة".
غسيل دماغ
وأضاف لـ"
عربي21": "المشكلة تحتاج لمعالجة صادقة، والتي من شأنها منع أي تغول أو تصرف يخلق مزيدا من التوتر"، معتبرا أن "المواجهات والقتل توغل الصدور، وتخلق حالة من الرغبة في الانتقام؛ والذي بدوره سيؤدي لتفتيت المجتمع الفلسطيني؛ خاصة في غزة لأن الأوضاع مهيأة ومتوترة بسبب الظروف الصعبة التي يمر القطاع بها بفعل الحصار الإسرائيلي".
وقال: "إذا لم نتصرف بحكمة فائقة، قد يؤدي ذلك لمشاكل كبيرة وتفجير الوضع"، محذرا من "خطورة تدخل بعض الأطراف الخارجية، والتي تعمل على إيجاد بعض التنظيمات المتطرفة بشكل كبير".
وتعليقا على كمية الأسلحة الكبيرة التي عثرت عليها الشرطة في حوزة المطلوب خلال محاولة اعتقاله، بين أبو شرخ أن هناك "أناسا لا يريدون الخير للشعب الفلسطيني، ولديهم ارتباطات مع أطراف خارجية (إسرائيل وغيرها)، تستغل جهل بعض الأفراد وتضللهم باسم الدين أو الوطنية، ويتم تعبئتهم بأفكار خاطئة، تكون نتيجتها عمل غسيل دماغ لهؤلاء الأفراد، (الأمر) الذي بدوره يؤدي لفقدان بصيرتهم التي لن ترى إلا من عين واحدة، وتكون على استعداد أن تفعل ما لا يفعل" حسب تقديره.