علقت الموافقة التشريعية الممنوحة لوكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة لجمع معطيات الاتصالات الهاتفية للأمريكيين ليل الأحد الاثنين، بعد إخفاق مجلس الشيوخ في الاتفاق على تمديد العمل بهذا البرنامج الذي كشفه للعالم إدوارد
سنودن.
ولم ينجح مجلس الشيوخ الأمريكي في تجنب انتهاء العمل بالفصل 215 من قانون مكافحة الإرهاب الذي يشكل الأساس القانوني لجمع بيانات كل الاتصالات الهاتفية الأمريكية.
ولم يقر مشروع قانون إصلاح برنامج وكالة الأمن القومي لجمع البيانات الهاتفية بحلول منتصف ليل الأحد الاثنين، ما يعني فصل الخوادم التي تتيح للوكالة جمع هذه البيانات.
وفي الواقع، فقد أخفق أعضاء المجلس في التوصل إلى اتفاق على نص يحمل عنوان "قانون الحرية" أعده الجمهوريون والديموقراطيون لإصلاح تشريعي يسمح بإنهاء برنامج جمع المعطيات الهاتفية لملايين الأمريكيين الذين لا علاقة لهم بالإرهاب.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور ريتشارد بور، لوكالة فرانس برس: "اعتبارا من مساء الأحد، فإنه لن يعود بإمكان العاملين في وكالة الأمن القومي الذين يدققون في قاعدة البيانات أن يفعلوا ذلك".
وأضاف بور غاضبا، أن "الفضل في ذلك كله يعود إلى السيناتور راند بول" الذي عرقل تمديد العمل بالبرنامج الذي يطال توقيت المكالمات ومدتها والأرقام الهاتفية التي تتم بينها، ولكن ليس محتوى هذه المكالمات.
من جهته، عبر السيناتور الجمهوري راند بول، المرشح لانتخابات الرئاسة المقبلة والذي عرقل وحده دراسة النص مستفيدا من الإجراءات التشريعية المعقدة في مجلس الشيوخ، عن ارتياحه لأن قانون "باتريوت آكت ينتهي مساء اليوم".
ودانت الرئاسة الأمريكية التصرف "غير المسؤول" لمجلس الشيوخ. وقال المتحدث باسم
البيت الأبيض جوش آرنست في بيان: "ندعو مجلس الشيوخ إلى ضمان أن هذا الفشل غير المسؤول" في إقرار تمديد العمل بالبرنامج "سيدوم أقل وقت ممكن".
وأضاف أنه "في مسألة على هذا القدر من الأهمية تتعلق بأمننا القومي، فإنه يجب على أعضاء مجلس الشيوخ أن يضعوا جانبا اعتباراتهم الفئوية وأن يتصرفوا بسرعة".
وسيواصل مجلس الشيوخ مناقشة النص هذا الأسبوع، إذ إن بول لا يستطيع تأخير الإجراء لفترة طويلة بينما عبر عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديموقراطيين عن دعمهم لتمديد البرنامج.
ويمكن أن يسمح التصويت الأخير خلال الأسبوع الجاري بالتمهيد لإعادة الصلاحية القانونية لجمع المعطيات.
وقال السيناتور تيد كروز، المرشح المحتمل لانتخابات الحزب الجمهوري للرئاسة: "سنصوت هذا الأسبوع على مشروع القانون".
من جهته، قال مصدر قريب من زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، إن المجلس سيواصل خلال الأسبوع المقبل النظر في النص، مشيرا إلى أن التصويت النهائي عليه سيتم على الأرجح "الثلاثاء أو الأربعاء".
والنص العالق في مجلس الشيوخ (قانون الحرية) يقضي بتمديد جمع بيانات الاتصالات من قبل وكالة الأمن القومي لأشهر، بانتظار أن تقوم شركات الاتصالات الهاتفية بإعداد الوسائل لتخزينها بنفسها. ويعزز مشروع القانون هذا أيضا المراقبة القضائية لاستعمال البيانات من قبل وكالات الاستخبارات.
ويلقى هذا النص تأييد شركات الإنترنت وشركات المعلومات الأمريكية الكبرى التي تضررت سمعتها بعد الحديث عن تعاون من قبلها مع وكالة الأمن القومي. وتدعمه كذلك منظمات غير حكومية تدافع عن الحياة الخاصة وتتصدى للمراقبة الإلكترونية.
وكان مجلس النواب تبنى النص في حين ضاعف البيت الأبيض دعواته من أجل إقراره. وصرح الرئيس باراك أوباما بأنه "للأسف، يحاول البعض استغلال هذا الجدل لتسجيل نقاط سياسية"، في إشارة واضحة إلى راند بول.
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون برينان، صباح الأحد: "لا يمكن أن نسمح لأنفسنا" بتقليص نظام المراقبة.
وأضاف في مقابلة مع شبكة التلفزيون "سي بي أس": "إذا نظرتم إلى الهجمات الإرهابية المروعة والعنف الذي يحدث في العالم، فستجدون أننا نحتاج لإبقاء بلدنا آمنا، ومحيطاتنا لا تبقينا سالمين كما كانت قبل قرن".
وأضاف أن جماعات مثل تنظيم الدولة، تابعت التطورات "بدقة كبيرة" و"تبحث عن وسائل للتحرك". ولم يذكر برينان اسم راند بول، لكنه عبر عن استيائه من تسييس برامج مهمة أصر على أنها "لم تستغل" من قبل السلطات الأمريكية.
وعلى كل حال، فإن ذلك يشكل انتصارا لإدوارد سنودن المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الذي كشف عن حجم البرامج الحكومية للمراقبة الإلكترونية، ويعيش حاليا في روسيا.
وفي كواليس الكونغرس، اعترف جاستن أماش السيناتور عن ميتشيغان ويدعم مواقف راند بول: "لولا ما كشفه سنودن لما كنا هنا اليوم". لكنه رأى في الوقت نفسه أن سنودن "انتهك القانون"، مشيرا إلى أن البت في ملف المستشار السابق للوكالة يعود إلى القضاء.