نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا حول استراتيجيات التنظيمات الجهادية التي تقاتل ضد النظام السوري، ورد فيه أنه مع دخول المعارك مراحلها الحاسمة، بدأت الاختلافات بين جبهة
النصرة وتنظيم الدولة تتوضح أكثر، وهو ما ينبئ بحصول مواجهات دموية بين الطرفين، على غرار تلك التي وقعت بينهما منذ شهر في ريف درعا.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إنه بينما يواصل
تنظيم الدولة نشر الرعب في
سوريا والعراق واضطهاد الأقليات الدينية وبث الرسائل المعادية للغرب، تعمل جبهة النصرة على تطمين المجتمع الدولي وإثبات أنها لا تسعى لأي هدف غير إسقاط نظام بشار الأسد.
وأضافت الصحيفة أن جبهة النصرة، التي تعتبر رسميا فرع تنظيم القاعدة في سوريا، تحاول توجيه رسائل تطمين لمسيحيي سوريا، وكسب ثقة الدول الغربية، رغم أنها لا تخفي تهديدها للعلويين، فيما تتوالى الانتهاكات والإعدامات التي يرتكبها تنظيم الدولة وينشرها على الشبكة العنكبوتية. وبينما يواصل كلا التنظيمين كسب المعارك وتحقيق تقدم ميداني، بات من الواضح أن كلاً منهما طور استراتيجية مختلفة لفرض وجوده والتواصل مع الغرب.
وذكرت أنه بعد أسبوع من نجاحه في السيطرة على مدينة تدمر الأثرية، قام تنظيم أبي بكر البغدادي بإعدام 20 أسيرا، في المسرح الروماني الذي تشتهر به المدينة، بتهمة مساندة عناصر نظام الأسد، وقد قام عناصر التنظيم بتنفيذ "جريمة الحرب هذه" أمام السكان.
ولاحظت الصحيفة أن هذه الإعدامات الجماعية تأتي بعد يوم واحد من ظهور أبي محمد الجولاني، أمير جبهة النصرة، على قناة الجزيرة القطرية، حيث أكد الجولاني ولاءه لأيمن الظواهري، الرجل الأول في تنظيم القاعدة وخليفة أسامة بن لادن، وأعلن أن مهاجمة الدول الغربية ليس على قائمة أولوياته في المرحلة الحالية.
ونقلت الصحيفة عن الجولاني، الذي ظهر وهو يغطي وجهه بوشاح أسود ويجلس على كرسي فخم ومذهب كأنه رئيس دولة: "إن التعليمات التي تلقتها جبهة النصرة من أيمن الظواهري تقضي بعدم استعمال سوريا قاعدةً لشن هجمات ضد الغرب أو أوروبا".
وأضافت الصحيفة في السياق ذاته أن الجولاني أكد أنه لن يتردد في الرد على الطيران الأمريكي في حال تواصل القصف، "حيث قال: كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، وكل طرف له الحق في الدفاع عن نفسه". كما اتهم الجولاني الولايات المتحدة بالتنسيق مع نظام الأسد لاستغلال المجال الجوي السوري، ولكنه أكد أن الهدف الأساسي بالنسبة إليه يبقى محاربة الأسد، بقوله: "مهمتنا هي إسقاط النظام، ورموزه وحلفائه، على غرار حزب الله".
كما أوردت الصحيفة أن الجولاني أكد عدم وجود مشكلة بين جبهة النصرة والمسيحيين، ولكنه في المقابل أرسل رسائل تهديد للعلويين: "إذا تركوا أسلحتهم، وتبرؤوا من نظام الأسد وتعهدوا بعدم مساندته مجددا وعادوا للإسلام، فإننا سنعتبرهم إخوتنا".
في المقابل، اعتبرت الصحيفة أن قيام تنظيم الدولة بإعدام عشرين رهينة في المسرح الروماني، يعني أنه مصر على اعتماد استراتيجية العداء للغرب، فمن خلال اختياره لهذا المسرح الأثري، الذي كان يزوره 150 ألف سائح أجنبي سنويا قبل الثورة السورية، أراد التنظيم أن تصل أصداء مجزرته لكل أنحاء العالم، ما يؤكد أنه مطلع جيدا على الثقافة الغربية ويعرف كيف يؤثر على المشاعر الشعبية.
ورأت الصحيفة أن اعتماد تنظيم الدولة على هذه الطريقة يؤكد أنه لا يزال يراهن على أسلوبه المتشدد والدموي الذي مكنه في السابق من إخافة خصومه واجتذاب المتطوعين من جميع أنحاء العالم، في مقابل سعي جبهة النصرة لكسب تأييد القوى الإقليمية والغربية، أو تحييدها على أقل تقدير، من خلال الإقبال على التواصل الإعلامي وبعث رسائل التطمين للأقليات الدينية والغرب.