نشر موقع "ميدل إيست مونيتور " مقالا لأليستر سلون، حول منع
الإمارات لأكاديميين وفنانين من زيارة البلاد "لأسباب أمنية".
ويبدأ الكاتب مقاله، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، بالحديث عن رسام من القرن السابع عشر الميلادي اسمه كارافاغيو، كان يبحث عن المشكلات بالإضافة إلى الرسم، وفي عام 1606 قتل رجلا إيطاليا خلال شجار في الشارع، ولأنه أصبح مطلوبا في روما هرب منها، ولكن السجلات تبين أنه شارك في الفترة ما بين عامي 1608 و1609 في شجارات الشوارع في مالطا ونابولي، وتسبب شجار نابولي بإصابته إصابة بليغة، ومات بعد عام في توسكانا وعمره 38 عاما.
ويورد سلون قصة كارافاغيو مثالا لفنان يشكل خطرا، حيث إنه كان يحب قتال الشوارع والشجارات.
ويذكر الموقع قصة أخرى لأستاذ في الفلبين في كلية "مونتيسوري بروفيشينال كوليج" في مدينة باسي، حيث يقوم الأستاذ برمي الكتب على طلابه المراهقين ويشتمهم، وقد صوره أحدهم على جهاز هاتف نقال، ونشر الفيديو على "يوتيوب"، وهذا مثال لأستاذ لديه خلل شديد.
ويقول سلون: "لو طلب مني دليل لضباط الهجرة الإماراتيين بعنوان (كيف تعرف
الإرهابي)، لاستخدمت المثالين المتقدمين، حيث إن الأمثلة قد تساعد أولئك الضباط الشباب لأن يميزوا بين فنان يشكل (خطرا أمنيا) وفنان عادي، والفرق بين أستاذ يشكل (خطرا أمنيا) وأستاذ عادي. وللأسف فإن عدم وجود مثل هذا الدليل ترك شرطة الهجرة الإماراتية في حيرة".
ويشير المقال إلى أنه في بداية شهر نيسان/ أبريل تم وصف البروفيسور أندرو روس من جامعة نيويورك بأنه يشكل "خطرا أمنيا" من شرطة الهجرة الإماراتية، الذين اتصلوا بمطار نيويورك، وأخبروهم بقرارهم قبل إقلاع الطائرة، التي كان سيسافر البروفيسور على متنها.
ويبين الموقع أن أشخاصا آخرين، وفي الغالب هم جزء من حكومة الإمارات، قاموا باستئجار محقق خاص للتفتيش في قمامة البروفيسور، وحتى مع ذلك البحث المكلف، لم تستطع سلطات الهجرة الإماراتية الإدراك بأن البروفيسور لا يشكل تهديدا أمنيا. فأولا هو إنسان لطيف الحديث، وثانيا هو أستاذ في جامعة نيويورك، التي لم يعرف عنها أنها مؤسسة أكاديمية متطرفة، وثالثا فهو إنسان يهتم بحقوق الإنسان، وفي العادة لا يكون ناشطو
حقوق الإنسان من النوع العنيف.
ويلفت الكاتب إلى أنه في أوائل هذا الشهر قررت سلطات الهجرة الإماراتية أن الفنان أشوك سوكوماران يشكل "خطرا أمنيا"، مع أن له علاقة فنية عريقة مع المنطقة، وخاصة بينالي الشارقة 2009، و2011، و2013، وفي أنشطة أخرى مثل مهرجان دبي للفن.
وينقل الموقع عن الفنان قوله: "عندما وصلت قاعة القادمين أخذني ضباط الهجرة جانبا، وصحبوني إلى غرفة انتظار، وعادوا بعد ساعتين ليخبروني أنني منعت من الدخول لأسباب أمنية، وتم اصطحابي إلى قاعة المغادرين، حيث قام مسؤولون آخرون بترتيب عودتي إلى الولايات المتحدة، وتم احتجاز جواز سفري مدة 24 ساعة، قضيتها في المطار، وقام موظف في المطار باصطحابي إلى البوابة في 12 أيار/ مايو، وأعطاني جوازي قبل صعودي إلى طائرة العودة. لم أضايق ولم أهدد، وفي الواقع كانت فقط إجراءات هجرة. وما بقي معي هي الكلمات التي نطقت بالعربية، وهي أنهم (سيسفرونني) و(لأسباب أمنية)، وبعد الحادثة بثلاثة أيام لا تزال هذه الكلمات تغضبني وتحزنني".
ويتطرق المقال إلى أن الفنان وليد رعد كان ضحية لسلطات الهجرة الإماراتية، التي منعته من الدخول للمشاركة في مؤتمر آذار/ مارس للفنون في الشارقة، حيث قرروا أنه يشكل "خطرا أمنيا"، وأنه نسخة حديثة من كارافاغيو.
وينقل الموقع عن بيان مهذب من "غولف ليبور" قوله: "تأمل (غولف ليبور) في أن يكون هذا القرار قد تم اتخاذه خطأ". و"غولف ليبور" منظمة حقوقية يعمل معها الرجال الثلاثة، وتقوم المنظمة الحقوقية بحملات في أنحاء العالم لجذب الانتباه لحقوق الإنسان، وهي تجمع فنانين وأكاديميين، ويقول سلون: "لا أحد منهم إرهابي بحسب معرفتي".
ويوضح الكاتب أن "هناك شبكة شعبية تدعمهم في بلدان مختلفة، وأنهم حازوا في كثير من الأحيان انتباه وسائل الإعلام. وتتلخص أنشطتهم في جذب الانتباه بطرق دراماتيكية لانتهاكات حقوق الإنسان، التي في الغالب تتم بحق
العمال الآسيويين العاملين في فروع أبو ظبي من غوغينهام واللوفر والمتحف البريطاني في جزيرة السعديات. وأقول في الغالب؛ لأنه من الصعب أن نعرف بالضبط، فالوصول إلى مكان المشاريع تتحكم فيه السلطات الإماراتية بشدة".
ويفيد المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن غوغينهام واللوفر والمتحف البريطاني تمثل عمالقة الثقافة الثلاثة في الغرب، وبالرغم من مركزها فقد بقيت المؤسسات الثلاث صامتة تماما حول وصم السلطات الإماراتية للناشطين الثلاثة بسبب أنشطتهم المطالبة بأدنى حقوق الإنسان بتشكيلهم خطرا أمنيا.
وبحسب سلون، فقد بقيت جامعة نيويورك بعيدة عن الصراع، فالجامعة أصبح لها الآن فرع مربح في الإمارات، وعملية بنائه جلبت انتقادات من منظمة "غولف ليبور". وبقيت الجامعة صامتة عندما منع الأستاذ الذي يعمل فيها من دخول الإمارات، والأدهى من ذلك أنها تشير إلى بيان في عام 2009، حول قيم التعامل مع العمال تدعي فيه أنها تضمن المعاملة الجيدة للعمال الذين يقومون ببناء فرع الجامعة في الإمارات، ومنذ ذلك الحين قالت الجامعة إنها تستخدم متعاقدين، وهم بدورهم يتعاقدون مع متعاقدين، ولا يمكن للجامعة تحمل المسؤولية إن قامت تلك الجهات بإساءة معاملة العمال.
ويجد الموقع أنه بسبب مواجهة هذه المؤسسات الثقافية الغربية العريقة صعوبات مالية، فقد لجأت إلى الخليج. وفي محاولة منها لوقف النقد لسجلها الحقوقي، فقد قامت الإمارات بتصنيف مجموعة صغيرة من الفنانين والأكاديميين على أنهم يشكلون "خطرا أمنيا".
ويخلص سلون إلى القول إن "غياب رد فعل من جامعة نيويورك وغوغينهام واللوفر والمتحف البريطاني يدل على أنها تهتم بمصالحها أكثر من مصالح العمال، الذين يقومون ببناء فروعها في أبو ظبي. يجب على المؤسسات الأربع أن تطلب بإعادة تقييم الحكم على الناشطين بأنهم يشكلون (خطرا أمنيا)".