قضايا وآراء

بل الحكم على مزاج الدولة يا شيخ أبو إسماعيل!

1300x600
أحرص على متابعة حالة في "كتاباتي".. وأحب ألا أتعرض لأشخاص، مع احترامي لجميع الذين يسيرون على درب الإخلاص، وأرى أن ما يحدث في مصر والأمة يتعدى القامات والأشخاص إلى مصير وجودي لكل الذين يدعون إلى استمرار راية دين الله تعالى على الأرض، هذه مقولة حق الذي لا يعلنها اليوم آثم قلبه، برأيي، مذبذب فؤاده بين العمى واليقين.. لم يخلص النصيحة للأمة، ولكل عذره .. لكن إن لم تستطع النطق بالحق فلتصمتْ..  

كنتُ أقول إن الأمر لمّا يتعرض لقامات ارتبط في الوجدان بعاطفة أو عقل فإن القلم ليردد مع الفقهاء بأنها حالة "شاذ الفتيا الذي لا يقاس عليه" أي إن هناك أفراداً في عمر الأمة الحالي هم بمثابة شعاع نور أناروا دربها.. وإن لم يحسن أغلبهم تصويب ضوئه في الاتجاه الصائب، وأعتقد أن دلالة الكلمات واضحة لا تحتاج إلى تفسير، أو إغراق في التوضيح، ألقِ نظرة على الواقع من حولك تعرف المراد منها بلا لبس، أما الكلمات التي يجب أن تكون جلية مباشرة فهي التالية.. لأنها تخص رجلاً لم يكن مثل الرجال، ولا نزكيه على الله تعالى، ولكنه كان رجلاً "هالة" كما قالت العرب.. أو يشع ضوءاً ينير الدرب لنفسه ومن حوله كاشفاً الحقائق في عمق ووضوح .. ولكن من آسف لم يستمع "الصف" الإخواني إليه .. إلا كما قال الشاعر أحمد شوقي .. وأبدع: 

لقد أنلتُكَ أٌذناً غير واعية .. ورب منصتٍ والقلب في صمم! 

في صمم: 

قال أحد قيادات حزب الحرية والعدالة، مع المحبة للجميع فما انتقادنا إلا محاولة لأن يعي الصف الدرس جيداً ما حدث ويعرف المخرج.. ويستحيي أن يتكرر عليه الدرس تلو الآخر .. فيما هو مستكين يلقي باللوم على المؤامرة الداخلية والخارجية .. وإن كانت هناك مؤامرة متكاملة.. فأين كانت عقولنا وأفهامنا وألبابنا؟ لو يعرف متخذ القرار المُصر عليه من يصيب به لتمهل.. قال أحد القيادات قبل الانقلاب بثلاثة أيام إنه ليس هناك انقلاب ولا مؤامرة إلا في ذهن رجلنا اليوم وأمس.. وأسأل الله أن يحفظه في غد.. فضيلة الشيخ الرائع، ولا أقل من هذا الوصف، حازم صلاح أبو إسماعيل.. 

(1)

نال فضيلة الشيخ الأربعاء حكماً بالبراءة من تهمة سب الشرطة، فالتف المحامون حوله يهنئونه به، من باب اشتهاء الفرحة، والبحث عن أسبابها، وإن كانت قليلة نادرة، فالرجل لديه سيل من الأحكام الأخرى، أما أول ما قاله "الرجل" العزيز المثال، النادر الوجود ..فكلمتان للمحامين أحسست ببردهما في "كبدي".. "وحشتموني جداً" بل إنك من "وحشنا" يا فضيلة الشيخ والله، كلماتك العذبة.. أدبك الجم .. نصائحك السديدة التي رسمت الدرب .. درب الوعي حيال مخطط الانقلاب .. ولكن ..لو أن هناك من كان يسمع أو ينتبه .. فضلاً عن أن يحاذر أو يفهم ..أما الخبر المنشور في عدد من المواقع الإلكترونية، المحترمة، فإن فضيلة الشيخ حازم يقول عن الحكم إنه جاء على غير المزاج العام للدولة، حكم تبرئته من سبّ الشرطة المصرية.. 

لما قرأت الخبر للمرة الأولى .. لم أر كلمة "غير" هذه ..فقلتُ في نفسي .. الشيخ رائع متألق كما هو .. عرف بما حدث وبثته وزارة الداخلية في صورة جهازها الإعلامي من حادثة المطار الأخيرة، أقصد حوار ضابط الشرطة من "ضابطة شرطة خفية" وتطارح الكلام المسجل المصور، السماعة في أذن الضابط للتنفيس عنا، ولكي نرى الشرطة تهان وتلام .. فنعود إلى رشدنا ولا نصدق إن الشرطة قتلت الآلاف من المصريين وما تزال تنتهك الأعراض، حفظ الله مصر والمصريين الشرفاء.. وفي سياق "تلميع" صورة الشرطة جاء الحكم ..  

(2)

لم يخطأ الشيخ حازم صلاح فهم أو قراءة الحكم .. وإنما غلبت عليه "شقوة" الجمع من حوله .. نحن من لم ينتبه للواقع المضني المر، نحن من لم نأخذ بكلماته، وإن كان مثلي مثل الرجل، لم أشارك في الأمر.. بل كنتُ في ذهول منه، ولن أقول كتبتُ أو قرأتُ، ولكنني لا أبوح بسر إذا ما قلتُ إنه خلال عام بل "سنة" لأن المفردة الأخيرة يتم استحضارها للواقع المر الضروس، كنتُ أتعجب وحذرتُ مرة واثنين .. ولكني استسلمتُ لقسوة الواقع ..فكنتُ أتعجب مرتين: من ضراوته .. ومن إصرار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل على الاستمرار في "التحذير" منه بدأب، إذ إنه كان واضحاً إنه لا أحد يسمع، ومن سمع لن يستجيب ..

وذاق الشيخ "الأمرين" من تعجل البعض هذا المصير.. رغم كون محنة سنة 1949م واستشهاد الإمام المؤسس لم تكن بعيدة، ثم محنة سنة 1954م لم تكن أبعد .. وفيها تم تعذيب وتنكيل واستشهاد ما لا يعد من الإخوان، وقل نفس الكلام عن 1964م .. ثم جاءت التتمة عام 2013م .. إن لم تستفيدوا من كل هذا .. فمم ستستفيدون يا سادة؟! 

(3)

 حكم البراءة يا فضيلة الشيخ حازم يسير على هوى الدولة تماماً .. فمن ناحية يعرف النظام الحالي، الذي هو ليس الدولة، وإنما يعبر عن "محنة وستزول" عن رغبة في التهدئة، يعلنها على حذر لعلمه رفض الطرف الآخر لها، ثم هو يوجهها إليك أنت لأنه يعرف إنك تستطيع القراءة المتأنية للحدث، وتعرف ما بين السطور، ثم لأنه يعرف إن الشارع المصري مفرط في محبتك، وهو لا يريد أن يخسر ما بقي من ورقة التوت التي تحمي عورة سمعة الشرطة بالحكم عليك في قضية تخص سبّها، ومن يدري ماذا في قادم الأحكام إليك.. 

ولكن يبدو أن كلماتك جاءت في غير سياق أو متسرعة بعض الشيء، أو أن السجن يا مولانا .. ولله درك .. إذ يسجن مثلك فيما يكرم العالم أمثالك، واضعاً إياهم في المرتبة التي يستحقونها في قلب صنع القرار منه، أو أن السجن حجب عنك أخباراً وواقعاً أنت في الصميم منهما! 

حفظ الله الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وخفف عن جميع المعتقلين.. وشفى المصابين .. ورد صناع القرار إلى العقل رداً جميلاً ..
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع