فتحت إقالة الناطق باسم رئيس الحكومة
العراقية على خلفية أدائه أغنية للرئيس العراق الراحل
صدام حسين؛ شهية العديدين للبحث في الأرشيف الصحفي عن الأسماء التي مدحت الرئيس الراحل سابقا، وتحولت في الوقت الحالي إلى مدح التوجهات الطائفية الموجودة في العراق، فيما تسعى أطراف أخرى إلى إتلاف أكبر قدر ممكن من هذا الأرشيف خوفاً من فضح أمرهم.
يستغرب أبو جواد الوحيلي، وهو بائع كتب ومجلات قديمة في منطقة سوق هرج ببغداد من الإقبال الشديد، والمفاجئ على المجلات القديمة التي بقيت لفترة طويلة مكدسة لديه دون اهتمام أحد، مبينا لـ"عربي21" أن أغلب الزبائن يبحثون عن إصدارات تعود لعقدي الثمانينات والتسعينات من تاريخ العراق.
وأكد الوحيلي أن أحد زبائنه المقربين كان أكثر صراحة من غيره، وأبدى استعداده لشراء أي كمية من المجلات التي تحتوي على صور كبيرة ومقالات وقصائد مدح بحق صدام حسين، مضيفا أن زبونه المقرب لم يكن في يوما مهتما بهذا النوع من الإصدارات.
ويتابع البائع العجوز حديثه لــ"عربي21": "سمحت لي الثقة الكبيرة بيني وبين الزبون الاطلاع على حقيقة المهمة التي يقوم بها، بعد أن كلف من قبل مجموعة من النافذين في شبكة الإعلام الرسمية الحالية، الذين يعملون على إتلاف كل موادهم المنشورة سابقا، والتي تتضمن مدح والإشادة بالرئيس السابق".
وعادت قضية "مادحي صدام" إلى الواجهة بعد العثور المفاجئ على أغنية أرشيفية غير مذاعة يظهر فيها رافد الجبوري، الناطق باسم رئيس الوزراء العراقي الحالي، وهو يمتدح ويشيد بصدام حسين، الأمر الذي أدى إلى خسارة جبوري وظيفته كمتحدث رسمي باسم رئيس الحكومة حيدر العبادي.
ومن جهة أخرى، يعكف الإعلامي براء الهلالي على ما أسماه حمله "كشف المتلونين والمنافقين"، ويقوم من خلالها بإعادة بحث في مئات الصحف والمجلات القديمة التي يمتلكها للكشف عن "المادحين" الذين تحولوا الآن إلى طائفيين، أو مقربين من قيادات الأحزاب أو الزعماء الحكوميين.
ويبين الهلالي في حديث لــ"عربي21" أنه لا يستهدف الذين مدحوا صدام سابقا واختاروا الانعزال أو التوقف حاليا، مضيفا أن هدفه هم الذين كانوا يكتبون القصائد والمقالات في القائد الملهم والمجاهد، وباتوا الآن يمتدحون زعماء الأحزاب وقادة الميليشيات الطائفية.
ويستعرض الهلالي نموذجا من هؤلاء، وهو كاتب وشاعر شعبي لقبه "الدراجي"، كان مقربا بقوة من المكتب الإعلامي لصدام حسين، وآخر نص كتبه قبل الاحتلال الامريكي في صحيفة بابل ختمه بالقول: "نلتقيكم على شراع الحب في القدس، والراية تخفق بيد المنصور صدام حسين حفظه الله" بينما يعرض نص آخر بتاريخ نيسان/ أبريل من العام الحالي ويكتب فيه الدراجي "أود أن أقبل الأيادي الطاهرة لأبطال عصائب أهل الحق (ميليشيا شيعية) التي قتلت المجرم عزة الدوري".
ويشير الهلالي إلى عيّنة أخرى وهي كاتبه عراقية عملت سابقا في مجلة ألف باء الرسمية ولقبها "العريض"، كانت تؤكد في أعمدتها الصحفية أن صدام هو أفضل شيء حصل عليه العراقيون في تاريخهم، ولكنها تحولت بعد الاحتلال إلى باحثة متخصصة في كتابة سيرة قيادات وأعلام الأحزاب الشيعية الحاكمة، وتعمل على وضع موسوعة متخصصة في المراقد والأماكن الدينية.
ويؤكد الهلالي أنه ماض في سعيه لكشف هذه الشخصيات، من أجل فضح الزيف والتناقض الذي تشهده الحكومة العراقية حين تقيل أو تقطع راتب ضابط أو مسؤول بتهمة العمل مع صدام، في وقت تقوم بترقية وتكريم العشرات من "مادحي صدام"، وتسلمهم مسؤولية إدارة المؤسسة الإعلامية الرسمية، فضلا عن مؤسسات أخرى ومنها السفارات والقنصليات العراقية في الخارج.
وفي السياق ذاته، أعلن رئيس تحرير صحيفة المدى العراقية، عدنان حسين، عن العمل على إعداد قائمة كاملة بمن فعلوا "الشائنات" في عهد صدام ويتولون الآن مناصب في الدولة والكتل والأحزاب الحاكمة، ودعا حسين إلى التركيز على الذين كانوا رفاقا في حب البعث، وأصبحوا وزراء وبرلمانين ووكلاء وزارات ومدراء عامين، بفضل الأحزاب التي انتموا إليها بعد 9 نيسان/ أبريل 2003 (سقوط نظام صدام حسين).