شكل قرار السلطات الموريتانية، الأربعاء الماضي،
طرد المستشار الأول في السفارة
الجزائرية بنواكشوط
بلقاسم الشرواطي، بداية توتر بين نواكشوط والجزائر، بعد نحو ثلاث سنوات من تشكيل ما يشبه الحلف السياسي بين البلدين الجارين.
وأكد مصدر في الخارجية الموريتانية لـ
"عربي21" صحة ما تحدثت عنه تقارير صحفية، من طرد المستشار الأول في السفارة الجزائرية بنواكشوط، مضيفا أن الدبلوماسي الجزائري زود صحفيا
موريتانيا بمعلومات "غير دقيقة" تفيد بأن موريتانيا قدمت شكوى للأمم المتحدة تتهم فيها
المغرب بإغراق حدودها الشمالية بالمخدرات.
وقال المصدر إن "هذه المعطيات غير صحيحة بالمطلق، وهدفها الإضرار بالعلاقات بين نواكشوط والرباط"، وعلى أثرها تم طرد الدبلوماسي الجزائري، واعتقال الصحفي الموريتاني الذي نشر المعلومات المشار إليها، قبل أن يفرج عنه لاحقا بعد التحقيق معه.
وظلت الجزائر طيلة السنوات الثلاث الأخيرة؛ أهم حليف لموريتانيا في المنطقة، واتحدت مواقف البلدين في العديد من الملفات، وخصوصا ملفي محاربة
تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والأزمة في جمهورية مالي، غير أن قرار نواكشوط طرد الدبلوماسي الجزائري؛ دشن بداية تصدع هذا الحلف، بحسب مراقبين سياسيين.
العلاقات مع المغرب
وبالتزامن مع قرار الطرد؛ تحدث الإعلام الموريتاني عن عودة "قوية" للعلاقات الموريتانية المغربية، بعد سنوات من التوتر بين البلدين.
وقالت أسبوعية "الأخبار" الموريتانية إن مسار العودة إلى المغرب بدأ مع نجاح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مأموريته الثانية في تموز/ يوليو 2014، حيث أوفد وزير خارجيته السابق أحمد ولد تكدي برسالة إلى العاهل المغربي قبيل تنصيبه، وقدمها مصحوبة بـ"انحناءة" لمحمد السادس.
وأشارت الصحيفة إلى تسارع وتيرة الزيارات بين مسؤولي البلدين لاحقا، بدءا بزيارة وزير الداخلية الموريتاني محمد ولد محمد راره للرباط، مؤكدة أن موريتانيا تعود اليوم إلى المغرب بعد حوالي ثلاثة أعوام من التنسيق القوي مع الجزائر.
لكن متابعين لمسار العلاقات بين موريتانيا والمغرب، استبعدوا تشكيل حلف موريتاني مغربي بهذه السرعة، نظرا لمستوى الفتور الذي وصلت إليه علاقات البلدين خلال السنوات الأخيرة، وإيواء المغرب معارضين بارزين لنظام الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، وعدم ارتياح النظام الموريتاني لوصول الإسلاميين للسلطة في المغرب.
ولا تبدو نواكشوط راضية تماما عن الحضور المغربي في دولة مالي، التي زارها الملك المغربي مؤخرا، وبدأت الرباط بتنفيذ مشاريع وصفت بـ"الكبيرة" في هذا البلد الذي يرتبط بأطول حدود برية له مع موريتانيا، وتنشط في أجزاء واسعة منه تنظيمات توصف بـ"المتشددة"، على رأسها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
الأجندة المشتركة
وقال المحلل السياسي أحمد ولد محمد سيدي، إن الأجندة المشتركة بين موريتانيا والجزائر في المنطقة؛ ستكون عاملا مهما في التخفيف من حدة الأزمة الحالية بين البلدين، مشيرا في هذا السياق إلى التنسيق المشترك بين البلدين في ما يسمى بـ"ملف الإرهاب".
وأضاف لـ
"عربي21" أن "المصالح المشتركة بين موريتانيا والجزائر؛ ستنتصر في النهاية على أزمة طرد الدبلوماسي"، مبينا أن "سعي الجزائر لتشكيل حلف مناهض للرباط في المنطقة، من خلال كسب ود حكومات دول الجوار، سيحول دون تفاقم الأزمة".
وكان محللون قد استبعدوا قدرة موريتانيا على الاستمرار في التوازن بعلاقاتها مع كل من المغرب والجزائر، نظرا لعمق الخلافات بينهما، وحساسية الملفات المطروحة في المنطقة.