شكك نشطاء في حركات طلابية وثورية وسياسية، بقدرة النظام المصري على تحطيم طموحات الشباب وآمالهم في التغيير، من خلال زجهم في المعتقلات، وملاحقتهم أمنيا، وتشويههم إعلاميا، وحتى فصلهم من الجامعات.
ولعب الشباب دورا حاسما في مصر إبان ثورة يناير، وإليهم يعود الفضل في إطلاق شرارتها واندلاعها ونجاحها، بحسب مراقبين أكدوا أن "الثورة المضادة ركزت على قمع الشباب لتفصل رأس الثورة عن جسدها، وتتمكن من القضاء عليها بالكامل".
ولكن شباب الثورة يصرون على مواصلة "كفاحهم"، مدركين أن "قوتهم تكمن في شبابهم ومثابرتهم وإقدامهم على المصاعب"، كما يقول منسق حركة طلاب الحرية بجامعات مصر، حازم رضا.
تطلعات وخيارات
وأضاف رضا لـ"عربي21" أن "الشباب هم اللبنة الأساسية في أي مجتمع ينشد التغيير، وهم حائط الصد والدفاع عن الوطن، والمكون الأكبر والأهم في التغيير والبناء"، مشيرا إلى أن "النظام يسعى إلى تحجيم دور الشباب؛ لأنه يعلم أنهم يشكلون خطرا عليه، وإقصاؤهم عن الإعلام يبرهن على تخوفه من أطروحاتهم".
وأوضح أن "أي نظام شمولي؛ يخشى غضبة الشباب"، لافتا إلى أن المجتمع حتى الآن "لا يزال بعيدا عن تطلعات الشباب، ولا يدرك حجم قوتهم".
وحول الخيارات القادمة لشباب الثورة؛ قال رضا إن "خيارات الشباب مفتوحة ومتعددة، فالتصعيد عبر المظاهرات مستمر، وقد حقق نجاحات على الأرض، وهناك خيارات الإضراب، والعصيان المدني، وكلها متاحة باستثناء اللاسلمي".
بين التدجين والإقصاء
من جهته؛ قال عضو جبهة "طريق الثورة" خالد عبد الحميد، إن الاعتقال والتغييب لا يقتصر على الشباب، بل يشمل كل رموز ومكونات ثورة يناير.
وأضاف لـ"عربي21" أن موقف النظام من الشباب وغيرهم مرهون بمدى الولاء المقدم له، مستشهدا بوجود "شباب شاركوا في ثورة يناير، تمكن النظام فيما بعد من تدجينهم واستقطابهم، حتى إنهم أصبحوا متحدثين باسمه".
وتابع: "نجح النظام في تحجيم الوجوه المحسوبة على الثورة، ولكن لحين، وهذا أمر طبيعي نتيجة الحملة الأمنية، والقمع العسكري، وملاحقة المعارضة، وهروب البعض الآخر".
ودعا الثوار إلى "مراجعة الأولويات، والاصطفاف الوطني خلف رؤى موحدة"، لافتا إلى أن ذلك "لا يعني بالضرورة الانصهار في بوتقة واحدة".
وقال عبد الحميد إن "تفريغ الحياة السياسية من مضمونها؛ ينسف العملية السياسية بالكامل"، مؤكدا أن "البلاد على موعد جديد من التغيير سيشمل الجميع، ولكنه سيكون قويا"، على حد تعبيره.
إعادة حاجز الخوف
أما المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محمد أبو هريرة؛ فاستبعد أن ينجح النظام في إخضاع الشباب لسطوته وهيمنته على المدى البعيد.
وقال لـ"عربي21" إن "النظام يحاول أن يعيد حاجز الخوف الذي كسره الشباب بعد ثورة يناير؛ لأنه يدرك جرأتهم"، موضحا أن "حملات القمع، وعمليات القتل، وحفلات التعذيب؛ رسائل من النظام للشباب مفادها أنه لا قيمة لكل من يعارض، وأن السجون تتسع للمزيد، وأدوات القتل والتعذيب بانتظار من يقترب".
وأضاف: "الشباب مستمرون في نضالهم بتياراتهم الفكرية المختلفة، والتجارب أثبتت أن الأساليب الفاشية لن تجدي نفعا مع الشباب، فهم كالسيل الجاري الذي لا يهدأ، ولا يعرف التوقف".
الشباب و"الكبار"
بدورها؛ قالت عضو المكتب الإعلامي لحركة أحرار، عزت هدى الدكاني، إن النظام أدار ظهره لعموم الشباب، "رغبة منه في ولاء الكبار الذين يدينون له بملفات قديمة، ومشاعر قوية نحو الاستقرار والخنوع، ولهم مصالح مشتركة مع النظام".
وأضافت لـ"عربي21": "عاش الكبار معظم حياتهم في فترة الظلم حتى استمرأوه، بينما عاش الشباب لحظات التغيير، وذاقوا طعم الحرية، ولن يعودوا قط إلى ما كان عليه الكبار في أيام الظلم".
ورأت الدكاني أن "النظام لا يستخدم الشباب في العمل السياسي أو الإعلامي إلا لترميم واجهته فقط، ولكن الجميع يعلمون الحقيقة، وكل محاولاته ما هي إلا كترقيع ثوب خلق برقع بالية".
الثأر والانتقام
أما المتحدث الرسمي باسم حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة الأزهر، محمود الأزهري؛ فأكد أن وجود العسكر على رأس الحكم لا يتوافق مع طموح الشباب وأمانيهم؛ لأنه لا يمثل تطلعات الكثير منهم.
وقال لـ"عربي21": "منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو، والنظام الأمني يسعى لتبديد أحلام الشباب في الحرية والديمقراطية، والعيش الكريم، ولكنه سيدفع ثمن ذلك لاحقا".
وأضاف أن الشباب "زُجّ بهم في المعتقلات، وطورد كثيرون منهم، وهُجروا، وفُصلوا من جامعاتهم، وحُرموا من حقوقهم في التقاضي العادل"، مشيراً إلى أن "جميع هؤلاء المظلومين يسعون للثأر ممن ظلمهم وقضى على مستقبلهم".
وحذر من "تداعيات استمرار النظام في سياساته القمعية التي تراكم غضب الشباب، وتدفعه إلى الانتقام"، مؤكدا أن "التغيير القادم سيكون عنيفا وقويا وشاملا، بقدر قوة وعنف النظام ضد المعارضة"، على حد قوله.
غضب من نوع آخر
من جانبه؛ قال عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، محمود عزت، إن هناك غضبا شبابيا يتنامى في البلاد، وهو مختلف عن ذاك المتعلق بـ"السياسة ومصير الثورة".
وأضاف لـ"عربي21": "هناك غضب شبابي من تردي الأوضاع الاقتصادية والمادية، وهو غضب مكتوم قد ينفجر في أي وقت".
وتابع: "النظام يحفر قبره بيديه، فتضييق مساحات الحرية والديمقراطية التي يتحرك فيها الشباب، وتشويههم إعلاميا، وإطلاق يد الأمن في صفوفهم بالاعتقال والضرب والقتل، ومحاصرتهم بالقوانين؛ كل هذا يزيدهم إصرارا".