(والله ما كنا في الجاهلية نعد النساء شيئاً حتى أنزل الله لهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم)، هذه العبارة وصف دقيق من الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لموقف
المرأة اجتماعيا وسياسيا ودينيا قبل الإسلام وبعد أن جاء الإسلام.
إن المرأة قبل الإسلام كانت تعاني من احتقار وامتهان من كل الحضارات،ففي جزيرة العرب التي كانت أكثر المناطق احترامًا للمرأة كانت تُورَّث الزوجة للابن من بعد أبيه كما العقارات والدواب، وكان العرب يشمئزون من ميلاد الإناث فيدفنونهن أحياء، فما بالك بما كان يحدث في حضارات الفرس والروم الذين كانوا يعتبرون المرأة شيطانا تمثّل في صورة إنسان، وكان معظم تزاوجهم سفاحا وليس نكاحا، وكان نكاح المحارم منتشرا حتى في قصور الملوك والأمراء، وكان من عادتهم عند موت السيد أن يذبحوا زوجته وبعض خادماته ليُدفنوا معه ظنا منهم أنه بحاجة إليهم لخدمتهم في الدار الثانية بعد الموت.
جاء الإسلام وكان هذا هو وضع المرأة على وجه الأرض، فأقرّ بعض التشريعات القائمة على مبدأ أن المرأة مثل الرجل..كل منهما إنسان له حقوق وعليه واجبات وتكليفات، فكانت معظم تشريعات الإسلام على الرجل والمرأة سواء، وجاءت بعض التشريعات في تفصيلاتها فروق بين الرجل والمرأة مراعاة لظروف كل جنس، وكان من هذه التشريعات فرض الحجاب على المسلمات صيانةً لهن وحفاظا على المجتمع من عواقب التبرج الوخيمة، والحجاب في معناه أشمل من كونه سترا للجسد الظاهر، ان الحجاب نمط حياة للمرأة المسلمة في تعاملها مع الرجال الأجانب، بل في تعاملها مع نفسها جسداً وروحاً، فهو مبدأ الكرامة والصيانة والحفاظ على الجسد والروح ثم يأتي اللباس الشرعي مظهرا مكملا له، أما تفهم الحجاب على أنه قيد على المرأة وفرض زي معين عليها فهو من سطحية الفكر التي يستغلها بعض الحاقدين على الإسلام عند البعض ليقنعونهم بعدم جدوى وأهمية الحجاب.
ثم انه من البديهيات أن الشيء الثمين يتم حفظه ورعايته، ولأن المرأة في الإسلام أغلى من أن تكون سلعة أو أن تكون إعلانا تجاريا أو أن تكون مجرد كائن مثير لشهوة الرجل، فالإسلام صانها بعفتها وحجابها، وصان المجتمع من كوارث نراها الآن متمثلة في المجتمعات التي تنكر الحجاب وتنكر الأديان كلية سواء في عدد حالات الزنا أو عدد حالات الاغتصاب.
المرأة أهم المستهدفات
ثم إن أعداء المسلمين حين بدأوا غزوهم الفكري للمسلمين كان من أهم أركان حربهم (تجريد المرأة المسلمة من دينها) لعلمهم ودراستهم مدى تأثير ذلك على انحلال المجتمع، وكانوا من الدهاء بمكان أنهم لم يصرحوا بحربهم، بل إنهم تدرجوا فيها وتمهلوا حتى يقطفوا ثمارهم، واستعانوا بمسلمين من أبناء جلدتنا لينفذوا خططهم المدسوسة سواء بإقناعهم أو بإغرائهم.
الإعلام كوسيلة
على سبيل التمثيل لا الحصر: الإعلام المرئي..انه مثير وجذاب لكل أفراد الأسرة ورسائله غير مباشرة، إذاً فلنبدأ بصياغة أفلام ترسخ بعض المفاهيم بصورة غير مباشرة وتميع بعض المفاهيم، فالخيانة الزوجية ليست زنى ولكنها حب، والسفور والانحلال ليس تبرجا ولكنه حرية، والكذب والسرقة ليس خيانة وإنما مهارة وذكاء فائق، والحجاب ليس عفة وإنما هو سجن تحبس فيه المرأة نفسها، ثم ننتقل من محاربة القيمة (الحجاب) إلى محاربة معتنقيها (المحجبات)، نقول إنهن يرتدين الحجاب ليواروا به جرائمهم وبالتالي يرتبط الحجاب بالجريمة ويكون عند العوام كلما زاد عُري المرأة كلما ازداد تحضرها ورقيها وبعدها عن الشبهات، ولكي نسد الفراغ الذي أحدثناه بإعدام المحجبات معنويا، لنأتي بأراذل القوم وأسفلهم خُلقا ليكونوا نجوما ولنستشيرهم في أمورنا العامة والخاصة.
لا أخفيكم سرا.. إن كانت هذه الحملات الشعواء الداعية إلى الخلاعة والسفور لم تقض على الحجاب، إلا أنها بشكل ما أو بآخر شوهت بعض مفاهيم الحجاب والأخلاق والعفة، ونتج عن ذلك بعض المحجبات اللاتي نراهن كاسيات عاريات مائلات مميلات، وكأن رقعة القماش التي تضعها إحداهن على رأسها تبيح لها ما بقي من الحدود الشرعية في التعامل مع الرجل الأجنبي.
كل هذه رسائل وتشويهات تكفل الإعلام المرئي من خلال الأفلام والمسلسلات والإعلانات والبرامج الحوارية بنشرها بين الناس، وسانده فيها الإعلام المنشور من خلال بعض المقالات الداعية إلى حرية المرأة وحقها في الظاهر، والداعية إلى استغلال جسد المرأة في الباطن، وجاء في كل وسائل الإعلام وصوره استعمال المرأة كعارضة للسلع أو استعمال جاذبيتها كافتتاح مغرٍ للإعلان أو ما شابه ذلك مما يعف اللسان عن ذكره..حتى جاء وقت كالذي نحن فيه الآن والسلطة التي تتولى زمام الأمور غير باقية على أي من ثوابت الدين، ولا يعنيها الدين في شيء إلا أن تستخدم بعض رجالاته الخائنين لتبرير جرائمها واستغلال عاطفة الشعب نحو الدين من خلالهم، في وقت كهذا كانت الفرصة سانحة لدعاة الانحلال ليخلعوا رداء الحياء، ويعلنوا عن قبائحهم في غير ما تستر أو خجل، وليدشنوا لحملاتهم ميدانيا وليس إعلاميا فقط.
هيا لمزيد من الفجور..الجو مُهيأ الآن
فكتب شخص ما يُدعى شريف
الشوباشي على حسابه بموقع فيس بوك ''اقترح الآتي: أن تقوم مجموعة من الفتيات بخلع الحجاب خلال تظاهرة عامة بميدان التحرير فى يوم بالأسبوع الأول من شهر مايو القادم، على أن يحيط بهم مجموعة من الرجال لحمايتهم وسأكون أول هؤلاء الرجال.. وطبعا تخطر مديرية أمن القاهرة بذلك لتوفير الحماية.. أرجو التواصل هاتفيا بسرعة لبحث تنفيذ هذه الفكرة التي سيكون لها اثر لا يقل عما فعلته هدى شعراوي عام 1923.. أرجو سرعة التواصل''.
ما دمتَ تشهد أن رئيسك الذي تسبح بحمده أطلق الحريات فلماذا تحتاج إلى تظاهرة لكي تفعل شيئا ما، إلا إذا كنت تريد الإعلان والإعلام للجميع بجريمتك وتريد تحريض بعض المسلمات اللاتي لم يسمح لهم الجهل المنتشر بأيدي أسيادك أن يتعلموا أو يعرفوا أكثر عن دينهم.
ثم انك يا أستاذ شوباشي إذا كنت تقصد بفعلتك هذه تأكيد معنى الحرية فلماذا الحجاب بالذات؟ لماذا لا تطلب من النساء اللاتي سينزلن استجابة لك أن يخلعن كل ملا بسهن ويسرن عرايا في الشوارع؟وتكون بذلك أكدت على معنى الحرية أكثر وأكثر.
كل هذا التآمر الإعلامي والتصعيد الميداني من دعاة الانحلال، والأزهر الشريف في سُبات عميق، شأنه شأن المتفرج أحيانا، وأحيانا أخرى يشارك في الجريمة بالتبرير تحت مظلة مواكبة الحداثة والتطور الحضاري.
أقولها ليس بصفتي شيخا وان كان الشيوخ قد تخاذلوا وسكتوا، ولكن أقولها بصفتي مسلما أفتخر بإسلامي: إن جريمة كهذه تستوجب من كل مسلمة أن تزيد تمسكا بحجابها وفخرا بدينها، بل وأن تكون ايجابية وتمثل إعلاما مضادا لحملات السفور والخلاعة، وتستوجب من كل رجل أن يتقي ربه فيما استرعاه من زوجة وبنات.
وان ذلك التصعيد الدعائي في الدعوة إلى السفور -حتى وان فشل ميدانيا كما رأينا- لكنه يبقى خطوة في سلسلة من خطوات استمرت وستستمر لمحاربة زي المرأة المسلمة ما لم يجد رادعًا قويا من شرفاء المسلمين والحريصين على دينهم.