تنذر الأنباء الواردة تباعا من ريف
حلب الشمالي، التي تفيد عن تحركات وحشود يقوم بها
تنظيم الدولة، باقتراب الإعلان عن معركة حاسمة سيخوضها التنظيم ضد الثوار في هذه المناطق.
وتفيد المعلومات بأن بوادر تحركات التنظيم بدأت منذ يوم الخميس الماضي، وتحديدا بعد استهداف تنظيم الدولة مقرين من مقار الجبهة الشامية في مارع وحوار كلس بسيارتين مفخختين، في الوقت الذي أعلنت مصادر عن إسناد التنظيم قيادة المعارك إلى أبي أيوب الأنصاري، أحد أبرز قياداته الأمنيين.
وكتب الجهادي الذائع الصيت "مزمجر الشام"، عبر حسابه على تويتر، أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي كلف أبا أيوب الأنصاري، بمهمة السيطرة على
الريف الشمالي لحلب، بعد الهزائم التي مني بها تنظيم الدولة، وأكد صاحب الحساب أن الحشود العسكرية للتنظيم تصل تباعا.
ويبدو أن لتعيين أبي أيوب الأنصاري على رأس الحملة المتوقعة دلالة كبيرة، فالقائد الأمني يُعد من أعمدة تنظيم الدولة في الجغرافية السورية ككل، وهو الذي كان واليا على الرقة، مركز ثقل التنظيم في
سوريا، والقائد الأمني للتنظيم في سوريا.
ويعود تاريخ الحقوقي أبي أيوب، وهو من أبناء الرقة واسمه الحقيقي علي موسى الشواخ الحمود، إلى فترة الغزو الأمريكي للعراق، حيث كان يقوم بتجنيد الشبان السوريين وإرسالهم إلى العراق، وشارك في معارك ضد القوات الأمريكية. ثم عاد لاحقا إلى سوريا، ليتم اعتقاله من قبل السلطات السورية في العام 2005، حيث تم الزج به في سجن صيدنايا الشهير، قبل أن يتم الافراج عنه في العام 2011.
وأكد مصدر خاص على صلة قرابة بأبي أيوب أن الأخير تعرض للاعتقال مجددا بعد الإفراج عنه لمدة شهرين في بداية العام 2012، من قبل السلطات السورية أيضا.
واستبعد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن يتم تعيين الشواخ على رأس الحملة، لأن خبراته العسكرية متواضعة، فيما رجّح أن يتم تعيينه قائدا أمنيا للحملة، وذلك بالنظر إلى الدهاء السياسي الذي يتمتع به.
وقال المصدر في حديث خاص مع "عربي21": "يعد الشواخ وأبو الأثير من الرعيل الأول لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وهو على اتصال مباشر مع قائد التنظيم أبي بكر البغدادي، كما يعتبر من أوائل رجالات التنظيم الذين دعوا إلى قتال المعارضة، وكان له دور كبير في تمكين تنظيم الدولة في محافظة الرقة، وذلك بعقد تحالفات منفردة ساعدته فيما بعد على إقصاء هذا الفريق أو ذاك".
وأضاف المصدر: "لقد دأب الشواخ على إحاطة شخصيته بالسرية، كما أنه يعمل على تغيير اسمه بشكل مستمر، فضلا عن شائعات ينشرها التنظيم بين الفينة والأخرى عن موته".
وفي حال صحت المعلومات عن تعيين الشواخ على رأس الحملة، فإن التنظيم، كما يبدو، يعمل على مخطط أمني لإدارة المعركة، لا يقل شأنا عن حجم العمل العسكري، فالحديث يدور عن اختراقات في صفوف المعارضة، وخلايا نائمة تعمل لصالح التنظيم في مناطق الثوار.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت وتيرة الأصوات في صفوف التنظيم للمطالبة بحل جذري لما وصفته بـ"ملف الصحوات" في مدينة مارع، وعموم الريف الشمالي، ورأت أن استئصال فساد "الصحوات" قد استغرق وقتاً أكثر من اللازم.
ويأتي ما كتبه "خلاد القرشي"، المنظر الفكري في صفوف التنظيم، ضمن هذه الأصوات. فقد كتب على مدونته، بعد أن نوه إلى أن ما يكتبه لا يعبر إلا عن وجهة نظره فقط: "الخلافة الإسلامية اليوم تواجه تشكيلا عسكريا دوليا وإقليميا، وجبهات القتال على أشدها في العراق والشام، والحلقة التي يمكن لجميع الأطراف أن ينفذوا منها ويستغلوها لصالحهم هي حلقة الصحوات المرتدة، فلا بد من كسر هذه الحلقة لتفويت الفرصة أمام أعداء الله تعالى وتثبيت أركان الدولة من الداخل" حسب تعبيره.
وأضاف القرشي: "لا يليق بالدولة الإسلامية التي تضرب بأجنحتها في طول البلاد وعرضها أن تتوقف كثيرا أمام هؤلاء الحثالة من الفصائل والجماعات، ومن غير المقبول أن يقوم بإشغال دولة الخلافة الإسلامية شرذمة من المجموعات المأجورة".
وختم القرشي داعياً "وزارة الحرب" إلى إمهال "الصحوات" في جميع مناطقها فرصة أخيرة للانسحاب، وإلا فليتفرغ تنظيم الدولة لهم بالكامل، مع تحديد سقف زمني لإنهاء ملف "الصحوات".
وفي موازاة تلك الأنباء، يقوم الثوار بتعزيز صفوفهم المتداعية، بفعل الضربات الأخيرة التي تلقوها من التنظيم واستهدفت قيادات الثوار في المنطقة، إلا أن هذه التعزيزات وصفت من قبل الأوساط العسكرية المحلية بأنها "غير كافية"، لا سيما أن المعارك، كما يبدو، ستتخذ طابعا خاصا.
من جهته، كشف المراسل الحربي أبو المجد، المتواجد في الخطوط الأمامية للجبهات مع التنظيم، عن حشود للثوار وقوات تدخل سريع من عناصر النخبة و"بأعداد مطمئنة"، لكنه نوه إلى غياب السلاح الثقيل، والصواريخ المضادة للدروع.
وعن توقعاته لتوقيت الإعلان عن بدء المعركة، قال إن المعركة قد تكون قريبة، خصوصا وأن حشود التنظيم وصلت لمدينة أخترين، وهي الآن في طور الانتشار، وعبر عن تخوف الثوار من الاختراقات الأمنية، التي تعبر عن "سياسة الغدر التي ينتهجها التنظيم" على حد تعبيره.
ووضع أبو المجد التحركات الأخيرة للتنظيم في خانة التنسيق المتبادل مع قوات النظام، التي فشلت في إحكام الحصار على مدينة حلب، مشددا على أن التنظيم يحاول تحقيق فصل الريف عن المدينة، وهو الأمر الذي عجزت قوات النظام عن تحقيقه.
وحث أبو المجد "جبهة النصرة" المتواجدة في مدينة مارع على تسلم نقاط متقدمة في الجبهات، لا أن يقتصر تواجدها على محاربة "المفسدين" في الريف الشمالي.