منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، لا يكاد أي احتفال لتكريم الأمهات المثاليات يمر دون أن يثير حالة من الجدل والاستنكار في
مصر، بسبب اختيار القائمين على تلك الفعاليات لسيدات غير جديرات بالصعود إلى منصات التكريم.
ففي العام الماضي تم اختيار الراقصة فيفي عبده أما مثالية، وتم تكريمها أمام الجمهور باعتبارها نموذجا يحتذى وقدوة تستحق الإشادة، في تجسيد للقيم الجديدة والشخصيات التي يتم تصديرها للمشهد في البلاد مؤخرا، بحسب مراقبين.
وقبل عدة أيام، أعلن أحد الأندية الرياضية في محافظة الغربية اختيار والدة عبد الفتاح السيسي لتكريمها كأم مثالية، تقديرا لما بذلته من مجهودات كبيرة وعرفانا بدورها في تربية السيسي حتى أصبح رئيسا للجمهورية، في نفاق واضح لقائد الانقلاب.
أما أحدث الوقائع التي استفزت قطاعا واسعا من المصريين، فكان تكريم راقصة تدعى "لؤلؤة" هذا الأسبوع، من قبل إحدى الجمعيات الأهلية بالقاهرة، بعد أن تم اختيارها أما مثالية.
وفضلا عن كون "لؤلؤة" راقصة - أيضا - فهي أيضا والدة شاب أدين باغتصاب وقتل طفلة صغيرة تدعى "زينة" عام 2013، في حادثة هزت الرأي العام في مصر وقتئذ، وهو الأمر الذي أثار حالة واسعة من الاستنكار.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صورا للراقصة "لؤلؤة" بعد تكريمها وهي تتشفى في والدة الضحية "زينة" وتخرج لها لسانها، ما أثار غضب الكثيرين، خاصة أنها كانت ترتدي ملابس بألوان العلم الأمريكي أثناء استلامها شهادة التكريم.
الوزيران يتبادلان الاتهامات
وبعدما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت بعبارات الانتقاد لهذا الاحتفال - الذي أقيم في أحد الأندية الرياضية - تبادل المسؤولون في وزارتي "التضامن الاجتماعي" و"الشباب والرياضة" الاتهامات بالمسؤولية عن تلك الواقعة.
فمن جانبه، أكد وزير الرياضة خالد عبد العزيز، أن الوزارة لا علاقة لها بحفل التكريم، مشيرا إلى أن الجمعية استأجرت قاعة مناسبات بالنادي وأقامت الحفل دون تدخل من الوزارة، مشيرا إلى أن الجمعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي وهي المسؤولة عن تصرفاتها.
بدورها، نفت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، انتساب الجمعية لوزارتها، وأكدت أن الوزارة لم تتدخل في تكريم تلك الراقصة كأم مثالية، وأعلنت أنه على الرغم من ذلك، فقد شكلت الوزارة لجنة للتحقيق في الواقعة.
وأثبتت لجنة التحقيق في تقريرها الذي نشرته الثلاثاء - وتلقت "
عربي21" نسخة منه - أن الجمعية المسؤولة عن الحفل لم تكرم الراقصة باعتبارها "أما مثالية" وإنما منحتها فقط شهادة "شكر وتقدير" لتقديمها فقرة رقص شرقي في الاحتفالية.
ولم يوضح التقرير لماذا تقدم راقصة - من الأساس - فقرة فنية في حفل مقام داخل نادٍ رياضي ويحضره أطفال أيتام.
وتوصل التقرير إلى أن الواقعة لا تتضمن أي مخالفة لقانون الجمعيات الأهلية، الذي تخضع له الجمعية، لكنه أوصى بوضع معايير واضحة لاختيار من يتم تكريمهن كأمهات مثاليات للحد من إساءة اختيار المكرمات في السنوات المقبلة.
كرّموها بعد أن رقصت للأطفال!
وفي محاولة لتقليل الانتقادات، تقدمت الجمعية التي أقامت الحفل اعتذارا لوالدة "زينة"، وعرضت عليها تكريمها.
وأكد مدير الجمعية أنهم لم يكونوا يعلمون بهوية الراقصة، وأنها كانت تقدم فقرة فنية للأطفال الأيتام ضمن الحفل، وأنه تم سحب شهادة التقدير منها إثر اكتشاف حقيقة الأمر.
وأضاف أن "ابن الراقصة هو الذي ارتكب الجريمة وقامت المحكمة بمعاقبته بالسجن جراء ذلك، وليس من العدل أن تعاقب والدته بذنب ابنها"، موضحا أن التكريم كان لجميع الحضور الذين شاركوا في الحفل، ولم تختص والدة القاتل فقط بالتكريم".
وكانت قضية مقتل الطفلة "زينة" البالغة من العمر خمس سنوات قد هزت الرأي العام في مصر، حيث اغتصبها أحد الشباب ورفيقه ثم ألقيا بها من فوق بناية سكنية في نوفمبر 2013 ليخفيا جريمتهما.
وأصدرت محكمة جنايات بورسعيد حكمها في شهر شباط/ فبراير 2014 بالسجن 20 عاما على المتهم الأول باغتصاب وقتل زينة، وهو نجل الراقصة، و15 عاما على المتهم الثاني في القضية.