شيء مخجل أن يقول المتحدث الرسمي باسم التحالف الخليجي-العربي "
عاصفة الحزم" بأن عملية السيطرة على الأجواء
اليمنية تمت خلال خمسة عشر دقيقة.
ذلك الموقف ذكرني عندما كنت في مرحلة معينة من العمر قبل سنوات. وأنا أاتصارع مع بعض الحشرات الملوثة في منزلي، التي لم أستطع التغلب عليها إلا بعد أيام.
لقد استباح
علي صالح الحرم القدسي للمهنة العسكرية. مما ظللها عن شجرة المقاومة وحجبها عن شمس الحماية والدفاع عن الشعب والوطن وجعلها تحت تصرفه. بل إنه وضعها لحمياته. وكذلك عملية هيكلة الجيش التي قام بها عبد ربه هادي منصور، التي نسفت الجناح الآخر من الجيش الذي كان تحت راية الوطن نوعاً ما وهم قلة. حتى جاء
الحوثي وأنهى الجيش برمته ونشَّف حبر القدرة على المقاومة.
لست مع عاصفة الحزم التي تقودها السعودية بتحالف خليجي وعربي كبير. بقدر توافقي الكامل مع كسر شوكة صالح وحليفه عبد الملك الحوثي اللذين عاثا في الأرض فساداً وتغطرساً وأوصلا البلاد إلى حالة من التقزم والتشظي والانهيار الكامل لمفاصل الدولة والسيادة.
كان من المفترض أن تكون الحرب على صالح والحوثي، وإحراقهم من طرف اليمنيين أنفسهم، وبدعم خليجي وعربي. لكن، للأسف، لم يستطع اليمنيون أن يقاوموا تلك القوتين حينها والغطرسة التي تقوما بها على أرض الواقع، في ظل مساعي صالح للسيطرة الكاملة على اليمن تحت غطاء الحوثي وتسهيل وترتيب مسبق من قبل المواليين له في محافظات الجمهورية.
علينا أن ندرك بأن السعودية لا تحارب الحوثي، بقدر ما تحارب إيران بالدرجة الأولى وتستعرض قوتها، وتعيد تواجدها الصارم وثقلها الكبير اللذين اختفيا قبل فترة من الزمن، ما يدل على وجود احتمال لتوسع الضربات والاستعراض الكامل وقرع طبول الحرب، ليس على المحيط اليمني فحسب، بل على المحيط الإقليمي بأكمله الذي تتواجد فيه أجندة وخيوط إيرانية تزعزع أمن واستقرار المنطقة.
لم يعي عبد الملك الحوثي بعد أن خطواته المتسارعة منذ البداية وتحالفه مع صالح الذي يرمي به في النار بعد ما حقق كل مآربه تحت غطائه، تسقطه شيئاً فشيئاً نحو مستنقع الانهيار والهرولة نحو المجهول دون مشروع أو رؤية واضحة لطريقة خطواته المستحدثة سلبياً على أرض الواقع، وهو الأمر الذي يستدعي تقبل الوضع الراهن بكل مقاييسه واحتمالاته ونتائجه العكسية التي سترتد عليه بشكل وخيم وبصورة غير مقبولة.
عاصفة الحزم جاءت في وقت يعيش فيه اليمن أزمة عارمة ما بين انهيار كامل للشرعية وللدولة، وتغطرس علي صالح والحوثي وامتداد توسعهم نحو مناطق ومدن كثيرة. مما أدى إلى قلق دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص وشعورها بخطورة الأمر وتمدد أذرع إيران في المنطقة، حتى كان لهم تلك الخطوة الاستباقية.
لا نشكك في عاصفة الحزم بتصويب ضرباتها نحو أهداف معينة، وفي إطار محدد ومركز. لكن التشكيك في ما إن كان القصف مستمر ما بعد تفتيت قوة صالح الضخمة وحليفه الحوثي التي استنبطوها من قوة الدولة ومحتوياتها، ويتوسع النطاق إلى أهداف بعيدة المدى، ويستهدف مدنيين ومنشآت حيوية. وهذا شيء من الصعب حدوثه، ومن الصعب دفع ثمنه مع إيماننا بأن الغارات التي تشن حاليا على معسكرات وتدمر مخازن للأسلحة ومطارات هامة جزء من تدمير البنية التحتية. لكننا نجزم بأن المملكة العربية السعودية ودول الخليج بدون استثناء قادرين على التعويض والتعويض الكبير.
خطورة الوضع في ظل الأحداث الجارية، وشل حركة صالح والحوثي وإرعابهم، وتساقط الأوراق من بين أيديهم، أن يتم التحول إلى أقبح الأعمال لديهم. وهي القيام بمجازر على الأرض ونسبها لعاصفة الحزم، أو انتشار للأسلحة المضادة في الأحياء السكنية بهدف تصويب الضربات الجوية وإحداث نوع من الضرر للمدنيين، في حين أان قوات التحالف تستهدف مواقع عسكرية معينة ودقيقة في التصويب بعيداً عن الأحياء السكنية، وهو ما يجدي القول في ظل عدم وجود وثائق وتقارير لمنظمات حقوقية دولية تشير إلى حدوث ضرر مدني وضحايا مدنيين.
فهل ستكون عاصفة الحزم فاصلة في كسر ضلوع صالح والحوثي، ومحورية في إنهاء عقدة التوتر والاحتقان والتشظي الذي عصف بالبلاد سابقا وحديثاً، أم هي نقطة للبداية في الخوض بمرحلة قادمة أكثر خطورة وأكثر تشظيا وتقزما مما كان عليه؟
الأيام القادمة ستحمل لنا الجواب عن ذلك التساؤل والعديد من التساؤلات الملحة لدى اليمنيين وما أكثرها.