قال الكاتب اللبناني الشيعي علي الأمين، إن النفوذ
الإيراني انكشف على أنه نفوذ استند في عمق سيطرته إلى الأيديولوجيا المذهبية.
وأضاف أن فيلق القدس لم يستطع أن يرد على تهمة تشكيل الهلال الشيعي الذي يضم هذا المحور وعلى رأسه ايران.
وأوضح الأمين بمقالته في موقع "جنوبية" المعارض لحزب الله، أن إيران أنجزت عملية السيطرة شبه الكاملة على المكون الشيعي في الوطن العربي قبل الربيع العربي، وخلال العقد الأخير أحكمت إيران نفوذها على مختلف المجموعات الشيعية السياسية في العراق.
وأشار إلى أن الأقليات في العالم العربي لم تكن في أحسن حال ومنها
الشيعة، وهذا مهّد لإيران التحكم والسيطرة والنفاذ من خلالهم في أكثر من دولة، وآخرها اليمن.
لكنه لفت إلى أن النزعة الأقلوية قد تكون أعمت البعض عن حقيقة أكثر وضوحا وعن حق ساطع ومهدور، وهي أن الأكثرية لم تكن أفضل حالاً. فالظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في الدول العربية عموما، كان يطال المجتمع بمجمله، فيما الأقلية الفعلية هي الطبقة الحاكمة المستحوذة على السلطة وعلى الثروة الوطنية.
وقال الأمين إن نفوذ إيران استند في عمق سيطرته إلى الأيديولوجيا المذهبية، بل إن فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني زاد من حدة الاستقطاب الذي شكل العصب المذهبي عنصر تماسكه وقوته رغم رفع شعار تحرير القدس وفلسطين، ذلك أن عنصرا جديدا بدأ يبرز بقوة في طبيعة النفوذ الإيراني.
وأوضح أن فيلق القدس انتقل من مرحلة دعم بعض مجموعات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين، المرحب به لدى بيئات عربية واسعة، إلى مرحلة التمدد والنفوذ في داخل الدول العربية والسيطرة عليها. وكان دائما يشكل المكون المذهبي عنصر القوة للتمدد والنفوذ الإيراني.
ولفت إلى أنه وفي المقابل لم تشهد العقود الماضية، على المستوى العربي، ظاهرة سنيّة تشبه الظاهرة الشيعية العربية التي شكلتها إيران. بمعنى أن إيران تستطيع القول إنها القائد الفعلي للشيعة العرب أو لغالبيتهم، وهي إن لم تكن متحكمة بخياراتهم في بعض المناطق إلا أنها بالتأكيد تمتلك تأثيرا بالغا لا يمكن إنكاره، كما هو الحال في معظم دول الخليج العربي.
وقال إن الأنظمة العربية مسؤولة عن حصوله قبل أن تتحمله إيران فحسب، فهي التي استثمرته ولا تزال في سياق مشروعها القومي. وفي المقلب الآخر، لم يتشكل في البيئة السنية العربية إجماع على مرجعية مذهبية أو سياسية. ورغم صعود التيارات الدينية خلال العقود الأربعة الماضية فقد بقيت مرجعياتها موزعة بين الدول، مصر أو
السعودية، وتيار الإخوان المسلمين، والتيارات السلفية والصوفية. وبقيت هذه الاتجاهات محكومة بخيارات ومتصادمة في معظم الأحيان.
وأشار إلى أن النموذج الإيراني الذي تشكل على القاعدة الشيعية أيضا وفّر إغراء لاتبّاعه في البيئة العربية السنيّة. وما الالتفاف الذي حققته المملكة السعودية من قبل معظم الحواضر العربية السنيّة في العالم العربي وخارجه اليوم، إلا دليل على مدى جاذبية النموذج الإيراني في المنطقة العربية.
وقال إن النموذج المذهبي الخالص هو مثال للقوة والحضور والفاعلية، وهو لذلك يستحضر مثاله في الضفة الأخرى. وربما كانت القيادة الإيرانية تدرك أن سلوكها السياسي في المنطقة العربية سيؤدي إلى ردود فعل كما نشهد من تداعيات تجربة اليمن اليوم.
وأضاف أنه "ربما فوجئت بهذا الالتفاف السني غير المسبوق حول السعودية. وإذا صحّ احتمال المفاجأة، وهذا ما نتمناه، فهو يكشف في الحدّ الأدنى كم أن القيادة الإيرانية مفتقدة للمعرفة بطبيعة المجتمعات العربية وخياراتها وأولوياتها".
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية نجحت حتى الآن في إثبات حاجة الطرفين لها في تنظيم المواجهة وإدارة الصراع، وهذا ما تقوله الوقائع من لبنان إلى اليمن وما بينهما على امتداد دولة الخلافة في العراق والشام.
* (الصحفي علي الأمين: شيعي لبناني عُرف بمواقفه المناهضة لحزب الله)