كشف وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، أن
المغرب من خلال "ميثاق إصلاح منظومة
العدالة" تجاوز دولا أوروبية كبيرة في مجال إقرار استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، مبرزا أن المغرب يعيش تصاعدا في مجال الحريات العامة، لكنه يبقى تصاعدا يطبعه "التذبذب".
وقدم وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد، أثناء مشاركته في ندوة معهد "
كارينغي" حول "إصلاح منظومة العدالة في
العالم العربي: تجربة المغرب وتونس ومصر"، نموذجا لهذا التقدم من خلال قوله: "إن الملك محمد السادس أمر بعدم متابعة كل من تعرض لشخصه".
ورفض الرميد القول بتراجع الحريات في المغرب، مسجلا أن "السمة العامة التي طبعت الساحة الحقوقية في المغرب منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، كانت هي التصاعد "المتذبذب" في مجال الحريات".
وشدد الرميد، على أن "هذا "التذبذب" يمكن رصده من خلال التضييق على بعض الجمعيات"، قبل أن يستدرك "لكن لم تسجل حالة اختطاف واحدة منذ مجيء هذه الحكومة".
وأضاف الوزير، "ليس هناك تعذيب منهجي وما يقع يكون فعلا فرديا، وليس لدينا صحافي سجين واحد، أو معتقل رأي واحد، وحتى الحالات الموجودة فهي بالمعايير الدولية يصعب تصنيفها على أنها تدخل في إطار حرية الرأي".
وتابع الرميد، "ليس هناك حل لجمعية ولا حزب، بل أكبر من ذلك رئيس الحكومة يُتهم بأنه عضو في "داعش"، وبأنه عميل للموساد الإسرائيلي لكنه لم يتابع أحدا".
وبخصوص موضوع إصلاح منظومة العدالة، أوضح الوزير أن "إصلاح منظومة العدالة، مطلب قديم من طرف القوى الحية في المجتمع، وأيضاً كانت حاضرة حتى في خطابات الملك، نموذج 20 غشت 2009".
وأعلن وزير العدل والحريات المغربي، أن وزارته ستنشر، الأربعاء، مشروع القانون الجنائي، مبشرا بأنه "سيكشف عن حجم التحول في القانون، وهو نسخة أولى، سنحيلها على جميع الهيآت بما فيها المجلس الوطني لحقوق الانسان، وقد قمنا فيها بالمواءمة مع اتفاقية روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية".
وأفاد ذات المتحدث، أن "النقاش الذي فتحته وزارة العدل حول قانون الإجهاض سيكون له حيز في مشروع القانون الجنائي الذي سيعرض على العموم في انتظار تقديم وجهات نظر مختلف الفاعلين حوله".
واعتبر أن "من بين إنجازات هذه الحكومة، "تعديل قانون العدل العسكري، الذي سيدخل حيز التطبيق في فاتح يوليوز/ تموز القادم، الذي ينهي محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري مهما كانت الجريمة".
وسجل الوزير، أن "
الإصلاحات الحالية ستعني، في المستقبل القريب، أنه لن تكون هناك أي علاقة بين السلطة التنفيذية والقضاء الجالس (القضاء)، أما القضاء الواقف ( النيابة العامة) فهو يسير في نفس الإتجاه، لأننا ندفع في جعل النيابة العامة تحت إشراف الوكيل العام للملك".
وقال الوزير: "لقد تجاوزنا عددا من الدول الأوروبية، في مجال استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية".
وأعطى الوزير أمثلة على ذلك، "ففي إسبانيا يقترح رئيس الحكومة النائب العام، وفي بلجيكا مجلس الوكلاء مكون من خمسة يترأس اجتماعهم وزير العدل مرة كل شهر، وفي فرنسا يلقن وزير العدل النائب العام تعليمات عامة، وجميع القضايا ترفع إلى وزير العدل".
وشدد وزير العدل في كلمته قائلا: "المشكل الذي ينبغي الحديث عنه بصراحة، هو الأخلاق المهنية والنزاهة القضائية. أتحدث عن المنظومة، بكل المتدخلين في العملية القضائية، وعلينا أن نقدم للقضاة كل ما يستحقونه دعما لنزاهتهم".
وأفاد الوزير أن "القاضي المتخرج يتقاضى مالا يتقاضاه طبيب جراح في مستشفى عمومي، ومع ذلك نقول بأننا نريد عدلا، نريد إنصافا، نريد نزاهة، وعلى السلطة القضائية أن تجيب عن سؤال النزاهة، هذا أملي وما أتطلع إليه".
من جهته لخص مدير مكتب الرباط في معهد "كارينغي"محمد مصباح، حديثه عن الأعطاب البنيوية للعدالة في المغرب العربي وشمال إفريقيا، في "ثلاث مستويات، الأول سياسي من خلال غياب الإستقلالية، والثاني أخلاقي يتمثل في غياب النزاهة، والثالث غياب الفعالية والتحديث".