نشرت صحيفة الهافنتون بوست الفرنسية تقريرا حول استتباعات نتائج
الانتخابات الإسرائيلية على علاقة إسرائيل بالعالم، ورد فيه أن الحكومات الغربية أصيبت بخيبة أمل كبيرة على إثر الفوز غير المنتظر لبنيامين
نتنياهو في انتخابات الكنيست رقم عشرين في تاريخ الدولة العبرية.
وقال التقرير إن هذه المفاجئة أشعرت الغرب بالإحباط واليأس، و رغم أن باراك أوباما وأنجيلا ميركل وفرنسوا هولاند وديفيد كامرون لا يمكنهم التصريح بذلك علنا بعد أن تعهدوا بالعمل مع أي حكومة تفرزها الإرادة الشعبية الإسرائيلية، فإنهم يسرّون بذلك في جلساتهم الخاصة وتصريحاتهم بعيدا عن عدسات الكاميرا، ويعبرون عن ذلك من خلال نقدهم اللاذع لتواصل سيطرة إسرائيل على أراضي ليست تابعة لها ورفضها الدخول في مفاوضات بنوايا طيبة مع
السلطة الفلسطينية، كما يظهر ذلك من خلال الطريقة التي ترد بها إسرائيل على حلفائها الغرب.
وفي هذا الصدد أشار التقرير إلى أنه يكفي تصفح العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، باستثناء فوكس نيوز معقل الجمهوريين، لملاحظة أن الجميع يتمنى رؤية نتنياهو ينعم بالتقاعد السياسي.
ولاحظ التقرير أنه من النادر أن تعرض زعيم دولة في السابق لهذا القدر من الكراهية والنقد، فحتى فلاديمير بوتين خصم الغرب لم يتعرض لهذا القدر من النقد والتشهير من قبل الصحافة.
وقال التقرير إن البحث عن مدى أحقية هذا الموقف المعادي لنتنياهو ليس مهما الآن، فالمهم هو أن إسرائيل ليست كوريا الشمالية ولا يمكنها الاستمرار والمحافظة على وجودها بدون حلفاء لذلك وجب البحث في أسباب هذه الكراهية العالمية ومعالجتها.
وأكد التقرير أن وضعية إسرائيل في المشهد السياسي الدولي مرتبطة بشكل كبير بملامح الحكومة المقبلة، حيث أن تشكيل حكومة تعتمد على دعم 67 نائبا ويسيطر عليها أقصى اليمين سيجعل مهمة رئيس الوزراء معقدة جدا في ظل وجود نفتالي بينيت من حزب البيت اليهودي وأفيغدور ليبرمان من حزب إسرائيل بيتنا بالإضافة لوجود قادة الأحزاب القومية.
في هذه الظروف سيكون من الصعب على نتنياهو مواجهة المجتمع الدولي بمفرده. وسيتوجب عليه إعادة العلاقات المتصدعة مع البيت الأبيض بعد الخطاب الذي ألقاه في الكونغرس ومناوراته الانتخابية التي أغضبت الولايات المتحدة الأمريكية وأقل ما يمكنه فعله في هذا الشأن هو تغيير رون ديرمر سفيره في واشنطن بعد أن قام هذا الأخير بتدمير كل الجسور التي قد تسمح بإعادة العلاقات مع الإدارة الأمريكية الحالية التي يسيطر عليها الديمقراطيون.
وحتى بعد القيام بذلك فإنه على الأرجح سينتظر لوقت طويل قبل التمكن من الذهاب مرة أخرى للبيت الأبيض، خاصة في فترة حكم أوباما.
واعتبر التقرير أن الأخطر من هذا هو أن الإدارة الأمريكية بصدد تحضير خطة لتسوية القضية الفلسطينية بدون الرجوع لنتنياهو، ومن الممكن أن تقوم بعرض هذه الخطة على مجلس الأمن الدولي بالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين.
وتساءل كاتب المقال كيف يمكن لتحالف يميني من هذا النوع مواجهة المجتمع الدولي في ظل توتر العلاقات مع أوروبا التي ترسل بإشارات تحذيرية تفيد بنفاذ صبرها على إسرائيل، وفي ظل الأزمة التي تشهدها السلطة الفلسطينية التي تعاني من تجميد إسرائيل لعائداتها المستحقة من الضرائب حتى باتت على وشك الانهيار، بما يعنيه ذلك من مشاكل أمنية في الضفة وفي القطاع الذي يعيش حالة غليان.
وأكد التقرير أن التحالف الذي يعمل نتنياهو على تشكيله غير مؤهل لمواجهة كل هذه التعقيدات.
وأضاف أن نتنياهو إذا أراد تحسين موقعه فإنه يحتاج لإقناع يتسحاق هرتصوغ من المعسكر الصهيوني بالانضمام إليه، وهو أمر صعب بسبب التوتر الذي عرفته الحملة الانتخابية، وبسبب الخصائص الداخلية لكلا الحزبين، ولكنه يبقى أمرا واردا بالنظر لأن تاريخ الكنيست أثبت أنه لا يمكن التنبؤ بالتحالفات التي ستحدث.
وأكد التقرير أنه في هذه الحالة لن يكون نتنياهو في الواجهة، بل سيكون يتسحاق هرتصوغ الذي سيحمل ربما حقيبة وزير الخارجية وسيلعب دور المحاور الأنيق والمسؤول الذي سيقبل الغرب التحاور معه. ولكن في هذه الحالة سيكون من الصعب أن يقبل هرتصوغ بهذه الحقيبة لأن الشعب الإسرائيلي يعتبر دائما أن رئيس الوزراء هو المسؤول على السياسة الخارجية وأن الوزير هو مجرد شخص ثانوي.
حيث ذكّر التقرير في هذا السياق بأن بن غريون قال ذات مرة: "وزير الدفاع يحدد السياسة الخارجية لإسرائيل ووزير الخارجية يكتفي فقط بشرحها". ولهذا فإن كل حكومات الوحدة الوطنية في إسرائيل لا تعمّر طويلا إذ تنهار أمام أول أزمة دولية، لأن خلافاتها الداخلية لا تلبث أن تطفو على السطح.
وفي الختام قال التقرير إن على إسرائيل الاستعداد لمواجهة صعوبات كبيرة على الساحة الدولية، لأن الحملات الانتخابية اعتادت على التغاضي على المشاكل الحقيقية، والحملة الأخيرة لم تشذ عن هذه القاعدة، ولكن بعد انقضاء وقت الشعارات تدق ساعة الحقيقة، وحقيقة وضع إسرائيل على الصعيد الدولي ستكون موجعة للإسرائيليين.