بقلم من وجع

لستُ أكتم الله تعالى ما أشعر به من وجع مثل المخلصين في مصر والأمة.. بل إنني لله تعالى وليس للإخوة والأصدقاء من جماعة الإخوان ومن ثم التيار الإسلامي، ومن أحب أن أطلق عليهم الشرفاء .. بل إنني لله تعالى أقول إنه لا يرضيني.. ولا أحسب أنه يرضي صاحب رأي وضمير ما يحدث لأهلي المصريين .. وعلى أرض بلادي، وهي بلاد إسلامية منذ دخلها الفاتح المسلم العربي العظيم "عمرو بن العاص" قبل 1436عاماً وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا يرضيني بل يزعجني ويأكل "حبة ضميري" أو اقصى مدى ممكن من الشعور  المحب للخير لكل المخلصين في العالم، فماذا حينما يتعلق الأمر بديار لله والمسلمين أن تراود أرض مصر عن دينها..

ويعلم الله .. عز وجل.. إنه ليؤلمني ويحرجني ويجرح نفسي أن تنام آمنة في الغربة وحولي صغاري.. فيما أصغر مصري نقي مخلص مهدد بالقتل والاعتقال .. وتدمير بيته والتشريد.. إنني لا انحاز إلى طريق "ممهد أو معبد" بالدماء .. وإنني معناً .. متعب مثلهم لكن في الغربة..

إنني أشعر بالوجع يهز أرجاء نفسي .. بل يزلزلها و يرجها بل لا يكاد يبقيها.. إذ لم أكن أتخيل او اصدق بوجداني .. فضلاً عن عقلي أن يُقدم جيش مصر، الذي طالما رفضت أن أصدق مقالات تصفه بجيش " كامب ديفيد"، وإنه حامي حمى مبارك .. ومن بعده الدولة العميقة ثم السيسي .. لا أكتم الله سراً ثم نفسي ..وإياكم إنني حتى الآن غير مصدق .. ولا اظن عقلاً او عاطفة مني سوف يصدقان إن الجيش المصري "كله" مع السيسي، وإن جيش مصر التي عرفتها., واكلت من ثمرها، وما تمنيت أن ادفن إلا في ترابها من بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة.. لا أصدق إن "جيشنا" كله فاسد على هذا النحو المُريع .. فهل يرضى أبناء العم والخالة .. أبناء الأخ والأخت؟! الشباب الغض الأخضر اليانع الطري الذي سيقضي في "الديش" او "التجنيد" كما يقولون يوماً او ثلاثة .. فما الحياة لمن في السابعة عشر أو التاسعة عشر إلا يوماً .. بل ليست السنة بيوم بل العمر كله بيوم.. وسيقضي من هو في عمر الابن مني ساعة أو ثلاثة في الجيش ثم يخرج مدنياَ مثلي ومثلك .. أو يرضيك أن تخرج إلى الحياة .. إلى الوطن الذي تحب وأحب فلا تجده ..بما قدمت وفعلت يداك ..فلا تجد قبر أبيك .. ولا سرير أمك .. ولا مكان لعب إخوتك .. ولا "الغيط" الذي تأكل منه أسرتك .. او الكشك الصغير الذي يبيع فيه أبوك "الحاجة الصاقعة" للعابرين .. إنك إذ تقتل.. واسمح لي ألا أناديك هذه المرة ب"بني" .. إنك إذ تقتل ..لا تقتل إلا أخاك ..لا توجه الرصاصة إلا إلى صدره.. لا تصوب بندقيتك .. فيما الضابط يقتحم بك "حرمة البيوت" إلا إلى أمك ..والنائم إلى جوارها ..ذلك الذي تسمح لقائدك بقتله .. أحمد جبر .. او السيد الشرقاوي .. إنهما أبواك.. بحكم الدين ثم الوطن قبل العادات والتقاليد، أطفال أحمد جبر الذين اعتقلتهم ليسوا إلا صغار أبيك وأمك .. ثم صغارك في المستقبل ..

يا بُنيَّ .. لكن شريطة ألا تكون في القتلة أو ممن في حكمهم .. كيف تنام بالليل؟! وقد شاركت في القبض على إنسان بريء تماماً، رغم جهد الشئون المعنوية في "تحفيظك" .. وقلبِّهم وتزيينهم الأمر إليك .. إنك في قرارة ضميرك تعرف إنه مسكين مثلك.. وإنهم يأكلون البلد .. ولا يريدونها إلا "والعة" ليحسن لهم المضغ والقضم والاستمتاع بها .. في الطرق المحتكرة .. في الاقتصاد .. في الأديرة من قبل ظالمي أنفسهم من الإخوة المسيحيين، وإنني لأعرف تماماً إن فيهم ما لا يرضى بالدم والاعتقال والإصابة والموت لإخوانهم في الوطن المسلمين، وإن بقاء أرض مصر إسلامية خير ضمانة لبقائهم آمنين سالمين غانمين.. وما رامي جان ..ومايكل سيدهم .. ورفيق حبيب منا ببعيد ..

يا بني.. النقي الغض الطري الذي لقيني مرة في سيارة للجمعية .. أو "ميني باص أهلي" ..ولا أدري أراني أقرأ جريدة تحاول الإخلاص  في النصح للوطن.. ما استطاعت ..أو لمحني أتحسر على حال بلدنا بعد الانقلاب .. فقال لي بصوت خافت:
ـ إني ذاهب إلى التجنيد.. فهل أنت غاضب مني يا "عم" .. نعم قال لي أبي من قبلك .. فإنني من سوهاج .. تعال إلي في الكفن .. ولا تأتي قاتلاً .. سأفرح بك في "البلد" قتيلاً .. وستخزيني قاتلاً ..
أين ذهبت يا بني وسط طوفان المجرمين اليوم؟!

إنما تقتل أباك .. وأمك .. بل أختك واخاك .. وتنتهك .. بل تسرق في جيبك ذهبك ومن قبل عرضك .. او لم يعلمك أحد إننا في الأوطان في "مركب" واحد تمضي بنا وبك .. وإنك بذلك تدفع المُضارين من سيء فعالك للأخذ بثأرهم منك في صورة "مجند" أو "ضابط" أو "أمين" .. لكن مجرمين .. 

يا بني .. قبل أن تقبل على مثل هذا الفعل .. أو تتمادى فيه تذكر إن الله شاهد عليك .. وإنه تعالى لن يُغفله لك .. وهو ليس بتاركك تمر به في الدنيا ..فما بالك في الآخرة .. ويا بني إنما الإخواني أخوك في الدين والله تعالى ثم الوطن .. عاشرته وعاشرك .. اشترى الدواء لأمك  من سنوات لما كانت متعبة من حملك .. حمل على كتفه إليك .. "أنبوبة الغاز" في قلب .. قلب الأزمة مجاناً ولله تعالى .. لو إنه إرهابي لأحال بلدك جحيماً وعذاباً .. ولما وجدتها اليوم.. وهل كان أظلم من مبارك؟ لو إن هؤلاء كما يقولون لك ما تركهم "المخلوع" .. ولما وافق "ما يدعونه رئيسك اليوم" منصب وزير دفاع لديهم .. بل لما قبلهم الشعب المصري .. بل اختارهم ..وأتى بهم عبر صناديق الاختراع ..

تقتل وتهدر كرامة أخا وطنك .. فيقتل ويهدر كرامة من هم مثلك .. ومن هم مثلك يقتلون ويهدرون .. حتى لا نجد "جميعاً" لنا وطناً!

ومثلك .. شرطي أو أمين بالاسم .. ومعاون نيابة أو وكيل .. ومخبر او غفير.. وموظف فاسد أو كبير .. كلكم، وأولكم السجان يغلق الباب على المسجونين ظلماً .. أو يعذبهم .. كلكم خائن لله تعالى وللضمير.. وكلكم سوف يلقاه فماذا ستقولون له؟!

كيف ينطق من لا يملك أن يأخذ نفسه إلى صدره.. الشهيق .. لما لا يكتفي بأن يقتل أخاً له في الدين ثم الوطن.. أو حتى في الوطن فحسب .. لما يقتل أخاه ثم يلفق سلاحاً إلى جواره .. انتهى التنفس منه بأمر الله ثم بيديك .. ولا تملك أن تأخذ نفساً.. أو أن تحمي ابنك أو ابنتك .. أمك أو أباك ..إن أتى أمر  الله إليهم او إليك .. فكيف تلقى الله من بعد إن نجوت ونجوا؟!

إن قلباً موجوعاً معناً .. لا تستقيم أمور له في الغربة ليرجو إخوة على الطرف الآخر أن يرفقوا بأنفسهم ووطنهم.. وإن كانوا على الحق أو أقرب إليهم .. فليس إفناؤكم أنفسكم دليل إخلاص .. وإن فرضت المواجهة عليكم .. وأنتم لله تعالى مخلصون، وإن أحاط العدو بكم . وتآمر العالم عليكم.. فارفقوا بأنفسكم .. واستعينوا بالله تعالى .. واسألوه الثبات على الحق حتى لقائه .. ثم تدبروا كيفية الخروج من المأزق الراهن .. فبلدنا دون مبالغة على المحك .. تم جرفه إلى قُبيلِ الهاوية، أعرف إنكم لستم من جرفه.. وإنكم بتضحياتكم حميتموه من الوقوع، ورغم جراحكم وآلامكم تكاتلتم لئلا يقع .. او يسقط في الهاوية ..

ولكن البشرية في صورتها النقية .. وإخوة لكم   لم  ترق الغربة لهم .. وتعذبوا .. في الله لكم ثم فيكم .. يسألونكم ألا تنصاعوا لأقل القليل من القليل ممن "يعجبهم الحال" وينصحونكم بالاستمرار فيه .. الله .. الله في أنفسكم وأبنائكم وأزواجكم وأوطانكم .. اعتصروا أذهانكم إن أراد بكم البعض .. أياً كان .. الاستمرار في هذه المذبحة الصفرية المنهية لمصر والمصريين.. ولا أقول من الطرفين .. ولكن للشرفاء .. أيا أبناء الجيش بل الداخلية ثوروا على الطغيان وارفضوا قتل مصريين أمثالكم .. ويا أيها الإخوان .. ثبتكم الله .. ووفقكم إلى ما فيه المزيد من الثبات والصمود .. وربط على قلوبكم .. ووفقكم لاحتواء الوطن ..