بعد تكليف خليفة
حفتر قائدا عاما للجيش وترقيته إلى رتبة فريق أول، بقرار مباشر من رئيس مجلس النواب في
طبرق، عقيلة صالح، ظهر لبعض المحللين السياسيين أن الحوار الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في
ليبيا يعود خطوات أخرى للوراء.
فكلما تقدمت المحادثات بين الأطراف المتنازعة على الشرعية، نحو تفاصيل متعلقة بحكومة الوفاق الوطني التي وضعها المبعوث الأممي الخاص برناردينو ليون على رأس أولويته، تراجع مجلس نواب طبرق عن السير في التفاهم حوله.
ويأتي هذا بعدما أعلن المتحدث باسم المجلس فرج بو هاشم، الأربعاء، طلب طلب تأجيل
الحوار الوطني الليبي في الصخيرات المغربية، لرغبة المجلس بدراسة مقترح وبرامج وجداول زمنية إضافة وعلاقة حكومة التوافق بمجلس النواب. لكنه في تصريح آخر إن السبب في هذا الطلب هو عودة فريق الحوار التابع للمجلس دون خارطة طريق واضحة.
حفتر يحذر إيطاليا من الإرهاب
وفي السياق ذاته، وكلما ظهرت بوادر تقدم في الحوار، خرج حفتر عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية ليلقي بتصريحات نارية، كان آخرها لوكالة الأنباء الإيطالية، حيث دعا حفتر فيها الأمم المتحدة والدول الكبرى إلى وقف محادثات السلام في ليبيا، وطالب إيطاليا بتأدية دور في ذلك، مذكراً الحكومة الإيطالية بمخاطر الإرهاب في ليبيا عليها، في تحذير من إمكانية تسلل إرهابيين إلى إيطاليا عن طريق الهجرة غير الشرعية.
بدوره، بدا للمراقبين أن المجتمع الدولي لا يعير اهتماماً لدعوات خليفة حفتر بوقف المحادثات وتزويد جيشه التابع لبرلمان طبرق بالسلاح، ورفع حظر مجلس الأمن عنه، ذلك أن الدول الكبرى رأت عجز حفتر عن بسط سيطرته على مدينة بنغازي منذ 16 من أيار/ مايو الماضي، بحسب تصريح السفيرة الأمريكية في ليبيا ديبورا جونز، في مقابلة الثلاثاء الماضي مع قناة "سي إن إن".
وطلبت جونز من برلمان طبرق التفكير جدياً في عرض قدمته قوات من غرب ليبيا ومدينة مصراتة بشراكة أمريكية لمحاربة تنظيم الدولة في ليبيا.
البحث عن شركاء ضد "الدولة"
فالقوى الكبرى بحسب، تصريح جونز، لا ترى في خليفة حفتر شريكا قادراً بمفرده على مكافحة الإرهاب في ليبيا، بل ترغب أن تتعاون القوى المحلية وتركز من خلال حكومة توافق وطني على مسائل الأمن والسيطرة على حدود البلاد.
حفتر من جانبه، وبعد قرار تكليفه كقائد عام للجيش وترقيته إلى رتبة فريق أول، وهو ما يخالف للقوانين العسكرية الليبية، هيمن على مجلس النواب في طبرق، وقضى، بما يملكه من قوة عسكرية على الأرض، على أي معارضة قد يشكلها حزب تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل أو النواب الفيدراليون، من خلال برلمان طبرق.
وتداول مقربون من البرلمان في طبرق معلومات عن إمكانية استبدال فريق الحوار الممثل له في المغرب بفريق آخر أكثر تشدداً أو مماطلة، حول تفاصيل حكومة التوافق الوطني، وترتيبات وقف إطلاق النار، وسحب القوات من المدن والمناطق الحيوية ومؤسسات الدولة.
المؤتمر الوطني العام في طرابلس من جانبه؛ أظهر ليونة تجاه محادثات السلام في المغرب من خلال استمراره في الحوار، ووصول فريقه إلى المملكة المغربية لاستئناف جلسات الحوار، كما أنه بادر بتقديم مقترح يتعلق بإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بينما تعثر فريق حوار برلمان طبرق، بسبب عدم حمله تفويضات قانونية بشأن المسائل المتداولة، إضافة إلى التصريحات النارية والمتضاربة لأعضائه.
فعضو برلمان طبرق للحوار، أبو بكر بعيرة، أكد في تدوينة سابقة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي بعد تفجيرات مدينة القبة في شباط/ فبراير الماضي، تمسكه بالسير قدماً في الحوار باعتباره المنفذ الوحيد لحل الإشكالات السياسية والأمنية العالقة، إلا أنه بعد عودته من حوار الصخيرات الأسبوع الماضي قال إن المؤتمر الوطني يمثل عائقاً أمام نجاح الحوار، مطالباً بحله، وهذا ما يشير إلى تناقضات في تصريحات بعيرة، فإذا ما أعلن المؤتمر الوطني حل نفسه، فمع من سيتحاور برلمان طبرق؟ خاصة وأن الجزء الأهم من من الخلاف الدائر في ليبيا هو حول الشرعية، كما يقول مراقبون.
مطالبة بريطانية بتعديل دستوري
وفي موقف دولي آخر، طالب السفير البريطاني في ليبيا مايكل آورن، حسب مصدر مقرب من عضو لجنة الحوار في المؤتمر الوطني العام محمد عماري زايد، بتعديل دستوري يجريه المؤتمر الوطني العام، بموجبه تتم عملية تسليم واستلام بين برلمان طبرق والمؤتمر، وفي مرحلة لاحقة يُنظر إلى حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية المتعلق ببطلان قرارات شباط/ فبراير، التي جاء من خلالها قانون انتخاب مجلس النواب الليبي، ولذلك اعتبر مجلس النواب في طبرق منحلاً، بموجب هذا الحكم.
إلا أن كريستيان موخ وأنطوان سيفان، سفيرا ألمانيا وفرنسا، أبديا اعتراضاً على المقترح، إذ إن ترتيبات الحوار السياسي، من وجهة نظرهما، تتجه إلى تجاوز أزمة الشرعية وحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، من خلال جسم جديد يحظى بدعم دولي وإقليمي.
لا يبدو أن مجلس النواب في طبرق، بعد خضوعه لسيطرة خليفة حفتر، عازماً على السير في الحوار السياسي الجاري في المغرب، ولا يهتم لجولات أخرى عقدت في الجزائر بين الأحزاب السياسية وممثلين لقادة سياسيين ومستقلين، أو المزمع إجراؤها بين زعماء القبائل المحليين، فقرار الحرب والسلم أضحيا بيد قائد الجيش التابع للمجلس: خليفة حفتر.