كتب عماد الدين حسين: أتمنى أن تجد جماعة الإخوان وأنصارها والمتحالفون معها وقتا لتسأل نفسها سؤالا افتراضيا هو: ماذا ستفعل الجماعة إذا انتصرت «لا قدر الله» عصابة
داعش في المنطقة وفى
مصر؟!.
أسأل هذا السؤال لسبب بسيط هو أن العديد من أنصار الجماعة يشعرون بسعادة غامرة وشماتة لا نظير لهما في كل عملية إرهابية تنفذها جماعة أنصار بيت المقدس التي أعلنت ولاءها لداعش منذ أسابيع.
الجماعة كانت في الماضي تصدر بعض التصريحات الخافتة ضد الأعمال الإرهابية في سيناء ذرا للرماد في العيون، ثم بدأت هذه التصريحات تقل شيئا فشيئا حتى صارت نادرة. لكن في الواقع تتعامل الجماعة مع عمليات داعش في سيناء وغيرها باعتبارها تصب عمليا في صالحها.
واللافت للنظر أن جماعة الإخوان في ليبيا وهي المكون الأساسي لمجموعة «فجر ليبيا» أعلنت أنها سوف تلجأ للمحاكم الدولية المختصة ضد مصر لأنها وجهت ضربة جوية ضد مواقع تنظيم داعش الإرهابي في سرت؟!.
المعنى الوحيد لهذا الأمر هو أن الإخوان وداعش في نفس المعسكر في ليبيا، رغم أن «فجر ليبيا» أعلنت قبل الضربة المصرية أنها بصدد إرسال بعض قواتها لمواجهة داعش في سرت!!، إذا كان هذا التصريح صحيحا وجادا، فلماذا الاعتراض على الضربة المصرية طالما أنها تستهدف تنظيما إرهابيا يعارضه الإخوان، وقام بارتكاب مجزرة غير مسبوقة بذبح 21 مصريا أدانها كل العالم المتحضر وتحفظت عليها فقط قطر وتركيا وجماعة الإخوان.
سوف نفترض أن جماعة الإخوان لا تتحالف مع داعش، بل وتعارض أفكارها ومنطلقاتها، وأنها تصمت على جرائمها الإرهابية فقط نكاية في الحكومة المصرية، وتطبيقا لشعار «عدو عدوى صديقي».
إذا افترضنا صحة هذا الرأي المتفائل، فإن جماعة الإخوان تعتقد أن صمتها على جرائم داعش سيؤدى إلى التسريع بإنهاك الحكومة والدولة المصرية وإسقاطها، الأمر الذي سوف يصب في نهاية المطاف في صالح جماعة الإخوان المسلمين.
لو صح هذا الأمر، فهو نفس السلوك الذى اتبعته جماعة الإخوان ــ بانتهازية شديدة ــ طوال حقبة التسعينيات، حينما كانت تكتفي بإدانة لفظية للعمليات الإرهابية التي كانت تنفذها «الجماعة الإسلامية»، اعتقادا أنها سوف تضعف من الحكومة والجماعة الإسلامية معا، بما يعني أنها ستكون المستفيد الرئيسي، ويظهرها باعتبارها الأكثر اعتدالا إسلاميا مقارنة بتطرف القوى الإسلامية الأخرى، وأعتقد أن الإخوان أيامها نجحوا في هذا الأمر إلى حد كبير، لكن مؤقتا.
الآن أظن أن الأمر مختلف تماما، فالمقارنة بين الجماعة الإسلامية في التسعينيات بكل عنفها، وما تفعله داعش الآن، لا يجوز، حيث تبدو الجماعة حملا وديعا مقارنة بداعش، لكن الأهم أن جماعة الإخوان ينبغي أن تدرس سلوك داعش جيدا، وتتأمل ماذا فعل هذا التنظيم الإجرامي ليس مع أعدائه، ولكن مع المفترض أنهم أنصاره في سوريا والعراق وحتى في ليبيا.
إذا كانت داعش تحكم على بعض كوادرها باعتبارهم كافرين أو ناقصي الإيمان، فكيف ستتعامل مع جماعة الإخوان؟!.
لا أعرف هل هناك تنسيق شكلي أو موضوعي بين داعش والإخوان، أو حتى تلاقي مصالح أم لا؟، لكن الذى أعرفه جيدا أن جماعة الإخوان ترتكب واحدا من أكبر الأخطاء الاستراتيجية حينما تتلكأ في إظهار موقفها الشفوي والعملي الحقيقي من داعش وأمثالها.
إذا كانت جماعة الإخوان جادة في الاختلاف مع عصابة داعش، فلا نريد منها إصدار بيان يدين العمليات الإجرامية.. نريد منها أن تقاتلها ولتبدأ بليبيا.
(عن الشروق المصرية- الأربعاء 11 آذار/ مارس 2015)