أنقذ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العريي البقية الباقية من حياء النظام العربي وثبت ورقة التوت علي جسده المهلهل حيال المقاومة الفسطينية المسلحة المشروعة دوليا لتحرير الوطن من الاحتلال، وأحيا الرجل بصيصا من الأمل لدي الجماهير العربية المصدومة من اعتبار أنظمة عربية وفي مقدمتها نظام السيسي كتائب عز الدين
القسام منظمة إرهابية وهي الكتائب التي أذاقت وستذيق الصهاينة المحتلين الويلات.
أقول أحيا الرجل الأمل لدى الجماهير العربية المتعطشة لتحرير
فلسطين بإعلانه في حوار أجرته معه مؤخرا صحيفة الحياة: ".. القسام وغيرها من كتائب المقاومة الفلسطينية التي تتصدى للاحتلال الإسرائيلي ليست إرهابية، والمقاومة حق مشروع لها مئة في المئة وليس هناك أي خلط على الإطلاق بين المقاومة والإرهاب".
هذه الكلمات توصل رسالة مفادها أن الجسد العربي المنبطح انبطاحا كاملا أمام المشروع الصهيوني ما زالت فيه عروق تنبض بالكرامة وأن النظام العربي الذي تصهين معظم مفرداته وبات صهيونيا أكثر من الصهاينة ما زال فيه ضوء شعاع خافت بالأمل للضمير الوطني.
لكن ماذا عساه أن يفعل
نبيل العربي غير الكلمات وتسجيل المواقف وهو لا يستطيع تغيير مواقف كثير من الدول العربية المتحالفة واقعيا مع الكيان الصهيوني ضد المقاومة الفلسطينية، وبحكم أن تلك المقاومة إسلامية فهي متحالفة مع الصهاينة ضد التوجه الإسلامي على امتداد الخريطة العربية.
بات الطوق العربي حول فلسطين المحتلة طوقا حديديا لحماية الصهاينة وبات ذلك الطوق حربا ضروسا على المقاومة الفلسطينية الساعية لتحرير وطنها وبات كثير من الأنظمة العربية هكذا، وبات سرطان المتصهينين العرب يملأ بلادنا ويشحن الجماهير ضد المقاومة وأخواتها بلا خجل ولاحياء.
كل ما أطلقه الكيان الصهيوني على المقاومة من تعبيرات وأوصاف عدائية بات يردد أكثر منه إعلام عربي رخيص. لقد انتقل الصراع من فلسطيني صهيوني إلى عربي فلسطيني (المقاومة) بينما الصهاينة يتفرجون طربا بما يقدمه لهم السماسرة من خدمات مجانية.
إن كشف حساب حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) وكتائبها المسلحة (عز الدين القسام) على الصعيد الجهادي والسياسي يسجله التاريخ بكل فخر واحترام. ذلك السجل هو وليد تجربة فتيّة بلغت ثمانية وعشرين عاماً، شهدت عبقرية في البناء السياسي والعسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس).. فمنذ الإعلان عن تأسيس الحركة في ديسمبر عام 1987م وهي – ومعها بقية فصائل المقاومة - تسطِّر ملحمة جهادية استشهادية على كل الساحات، يفخر بها كل مسلم، ويقف كل من يرقبها - من الأعداء والأصدقاء - مشدوهاً أمام أدائها وإنجازاتها معاً.
وتستمد حركة حماس عبقريتها وحيويتها المتجددة من كونها {كشجرة طيبة} يشكل الإخلاص والتضحية والنفس المكوّن الحيوي لبذرتها، فكان {أصلها ثابتِ} يستعصي على محاولات العدو وأزلامه اجتثاثها أو بترها... {وفرعها في السَّماء} يصيب الأقزام المنبطحين والمفرطين المهرولين بالرهق والأرق كلما حاولوا أن يطاولوها. وقد روت حماس تلك الشجرة دوماً بدماء قداتها ومؤسسيها وشبابها الطاهر؛ ولذا فإن ظلها لا ينقطع، ويقف قادتها في مقدمة صفوف الجهاد فكانوا أول من روى أرض فلسطين بدمائهم الطاهرة.. بدءاً من الشيخ المؤسس «أحمد ياسين»، وانتهاء بسلسلة الشهداء التي لا تتوقف .
والحركة الفتيّة لم تتوقف يوماً عن العمل والإنجاز داخل أتون الصراع، ولم تخلد منذ بزوغ فجرها إلى الراحة أو تتزحزح عن ساحة الوغى مع الصهاينة قيد أنملة؛ ولذا فقد اكتسبت خبرة واسعة، وأثبتت نضوجاً لافتاً عند تفاعلها مع الأحداث العسكرية والسياسية.
أولاً: على الصعيد العسكري.. تمكّنت «حماس» مع شقيقاتها من منظمات الجهاد والمقاومة من إبداع معادلة «توازن القوى»؛ بل «توازن الرعب» مع العدو الصهيوني، وقد تجلّت تلك المعادلة بوضوح للمرة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية مع دخول «حماس» وبقية المنظمات ساحة الجهاد والعمليات الاستشهادية .
فمنذ نشأة القضية واحتدام الصراع العربي الصهيوني تمّ الترويج لما عرف بنظرية «التفوق الإسرائيلي»، ونظرية «الجيش الذي لا يقهر» على أوسع نطاق حتى كاد الطرف العربي يقنع بها كَقَدر واقع، لكن انتصار الجيش المصري في العاشر من رمضان - أكتوبر 1973م، وانتصارات حماس في حروب غزة المتتالية، ضرب تلك النظريات في مقتل. ولعل الحرب الاخيرة تكشف عن مدى النقلة الهائلة في بناء الحركة العسكري .
ثانياً: على الصعيد السياسي استطاعت «حماس» بناءَ جهاز سياسي لا يقل قوة ووعياً وبصيرة بالواقع والتحديات المحيطة بالقضية عن الجهاز العسكري، وقد خاض ذلك الجهاز معارك سياسية عديدة حقق فيها نجاحات باهرة، وحافظ من خلالها على ثوابت القضية الفلسطينية (عودة الأرض واللاجئين والقدس كاملة عاصمة لفلسطين)، وقد أثبتت الحركة قدرتها الفائقة على إدارة القطاع رغم الحصار المجرم حيث يتم حرمان الشعب - كما تابع العالم كله - من أبسط مقومات الحياة .
وقد وضعت «حماس» لكيانها السياسي والعسكري أساساً متيناً وعمقاً استراتيجياً، تمثل في ذلك المد الجماهيري الواسع بين أبناء الشعب الفلسطيني عبر مؤسسات المجتمع المدني.
ولذلك، فمن الطبيعي أن نقول: إن شجرة حماس غُرست وترعرعت بدايةً قي قلوب الجماهير الفلسطينية، ثم انطلقت من عمق المجتمع الفلسطيني، ثم ازدادت نموّاً في قلوب الجماهير العربية والإسلامية.. تحرسها عين الله التي لا تنام، وتلتف حولها الجماهير على طريق تحرير فلسطين.