مقالات مختارة

نظام رئاسي خاص بتركيا

1300x600
النظام في تركيا يقوم على أربعة أعمدة، وهي: المتدينون، والعلمانيون، والجيش، و"حزب العمال الكردستاني"، وحتى نتمكن من صنع تغيير منفي/ مثبت يجب توحيد ثلاثة أعمدة منها على الأقل، وقد تم جعل الجيش (رغم المشاكل) يحترم السلطة، ولا يتدخل في المعادلة بصفة عامل سياسي. 

مسيرة السلام و"إمرالي" اكتسبت زخما سياسياً بدل العنف والسلاح، وهذا يعني أن الأعمدة الثلاثة أصبحت ضد واحد، وطالما أن الديمقراطية والانتخابات ومسيرة السلام لم تتعرض للانقطاع فستواصل تركيا الجديدة التقدم.

القوى الخارجية وشركاؤهم في الداخل يعلمون أنهم إذا أرادوا التآمر على تركيا فينبغي عليهم إما كسر هذه الأعمدة، أو ضمها لصفهم، ولذلك يبدؤون أولا بمحاولة سحب الفئة العلمانية إلى طرفهم، وبالتالي ينبغي تحريك القاعدة العلمانية باستمرار، ولهذا يسعون الآن إلى تحريك قاعدة "حزب الشعب الجمهوري" و"الكيان الموازي" ونشر الفتنة والكراهية في صفوفه؛ لأن انحلال غيوم الكراهية سيظهر ابتذالهم!

ولكن تحريض العلمانيين غير كافٍ، لهذا كان يجب عليهم إفساد مسيرة السلام، والآن يسعون إلى إقناع قنديل وتهديد أوجلان، في حين أنه لا يوجد اختلاف جذري سيمنع إمرالي من البدء في التراجع.

وبما أن العلمانيين الأتراك الذين يعيشون في أحياء إسطنبول الغنية لن ينزلوا إلى الشوارع ويموتوا، فكان يجب أن يموت الأطفال الأكراد والعلويون الفقراء لجعلها حرباً أهلية! لا يوجد أمر مستغرب من وقوف "الكيان الموازي" و"حزب الشعوب الديمقراطي" وقنديل و"حزب الشعب الجمهوري" وحزب "الحركة القومية" ضد قانون الأمن، والهدف من هذا كما قال السيد "أحمد داوود أوغلو" "مناقشة موضوع 6-7 تشرين الأول/ أكتوبر في مجلس النواب"، وتحريك الشوارع، ونشر الفوضى، وإعاقة الانتخابات. 

قنديل لن يتمكن من قلب الطاولة رغم أوجلان، أما بالنسبة للآخرين، فإن فشل عملية السلام يعني بالنسبة لهم عودة "حزب العمال الكردستاني" إلى الشوارع وعودة الفوضى.

انقلاب 17-25 كانون الأول/ ديسمبر وأحداث 6-7 تشرين الأول/ أكتوبر لم تنجح، رغم أنهم كانوا متأكدين من النتيجة، فقد حاولوا إقناع جميع أحياء إسطنبول إما بالتهديد أو الإغراء، ولكن لم ينجحوا، ومرت الانتخابات بلا مشكلات.

 لم تنجح خطط الفوضى لديهم، ولم تنجح استراتيجيتهم في تقسيم حزب "العدالة والتنمية" وتكذيب السيد أردوغان.

انتخابات 7 حزيران ستتيح إمكانية تعديلات تتضمن تغيير نظام الوصاية، وعمل دستور شعبي. فهذا النظام ليس نظاماً برلمانياً، بل هو نظام وصاية جاء عن طريق انقلاب عسكري.

استفتاء 2007 والرئاسة أخذت إلى أمانة الشعب، فأصبح المقام الذي كان يستثمر تحت مسمى الوصاية في حماية الشعب، ولن يتمكن أي اتفاق أو مؤامرة بعد الآن من التأثير على أصوات 55 مليون منتخب. 

لقد كانت مهمة نظام الرئاسة (الخاص بتركيا) منحصرة على إصدار القوانين ومتابعة تطبيقها. والآن سيختار الشعب ممثليه في البرلمان، أما الرئيس فسيختاره البرلمان من أشخاص خارج البرلمان، وبفضل هذا سيخرج البرلمان عن سيطرة باقي المؤسسات، ولن تتمكن أي قوة من إضعاف تركيا عن طريق البرلمان. ثم سيتم اختيار رجال القضاء عن طريق البرلمان ورئيس الدولة، وبهذا سيزداد تأثير الشعب، وبهذا ستتحكم إرادة الشعب بثلاث قوى، وستحرر المؤسسات من الوصاية. وإذا اهتممنا بالتجربة وتوازن القوى الثلاث فإننا سنودع نظام الوصاية، وطبعاً، كل هذا سيكون ضمن إطار الدستور المدني.

هناك عدة أسباب تجعل السيد أردوغان محوراً في نقاش موضوع النظام الرئاسي؛ أولها أنه هو من يملك القوة الكافية لتحقيق هذا، والثاني أن أردوغان يعلم أنه إذا ضعف قليلاً فمن الممكن أن يذهب تعبه في ثلاثة عشر سنة الأخيرة هباءً! لهذا السبب يريد السيد "أردوغان" تحويل القوة المتجمعة عنده إلى نظام يستجيب إلى إرادة الشعب دائماً.

يعلم كمال كليجدار أوغلو وكولن أن هذا التغيير في نظام الرئاسة إذا حدث فإنهم -حتى وإن فازوا بالانتخابات- فإن ما ستخسره تركيا هو أربع سنوات، وليس القرن الواحد والعشرين كاملاً. ولأنهم يعلمون هذا جيداً، فإنهم سيحاربون في الانتخابات الأخيرة بمنتهى اللاأخلاقية!

سموه نظام حكم خاص بتركيا، أو سموه نظاماً رئاسياً، فهو بكل الأحوال قمة الحرب التي يخوضها الشعب ضد الوصاية.

ماركار إسايان - صحيفة يني شفق
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع