تكمن أهمية كتاب "الدولة الإسلامية بين الحقيقة والوهم" لأبي عبدالله محمد المنصور، من كون المؤلف شرعي و أمير في
جيش المجاهدين في
العراق، وأستاذ خليفة تنظيم "داعش " أبي بكر البغدادي.
يدعي مؤلف الكتاب أن له علاقة شخصية بأبي مصعب الزرقاوي- الذي قتل في عام 2006 بالعراق- وأن الزرقاوي كان قد مكث في بيته مدة من الزمن، و شغل المنصور منصب أمير جيش المجاهدين في العراق عام 2003 وهي جماعة مسلحة عراقية مكونة من عشائر سنية نشأت عقب احتلال العراق وتنشط بشكل خاص في بغداد والأنبار وديالى.
أعضاء في "داعش يقرون بردهم على كتاب المنصور أن أبي بكر البغدادي حضر بعض الدروس الشرعية لأبي عبدالله المنصور في مقر هيئة علماء المسلمين بجامع أم القرى (في بداية 2004) إلا أنها لم تستمر إلا لعدة دروس فقط و لم يكمل فيها أقل من ربع كتاب في الفقه، وبعد عده أشهر فقط ترك
أبو بكر البغدادي جيش المجاهدين في العراق لما قالوا إنها " انحرافات كبيرة في جيش المجاهدين".
يتناول الكتاب الذي يعد من القطع الصغير (164 صفحة) الملاحظات والمآخذ على الدولة الإسلامية، وجاء ردا على كتاب (إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام) "الذي يعتبر من أهم الكتب الشرعية التي أصدرتها مؤسسة الفرقان للدفاع عن
تنظيم الدولة الإسلامية.
ويحدد المؤلف الذي عايش ودرس قيادات شرعية في تنظيم "داعش" مواطن الخلاف مع التنظيم و يحددها بخمسة أمور: "التكفير بغير حق، والقتل بغير حق، والكذب، والجهل، وعدم مراعاة السياسة الشرعية في العمل الجهادي".
يهاجم الكتاب قيادات بارزة في تنظيم الدولة الإسلامية وعلى رأسها: أبو مصعب الزرقاوي وأبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر (أبو أيوب المصري) و الخليفة الحالي أبو بكر البغدادي الذي يصفه المنصور بـ "الجاهل" في أكثر من موقع. منتقدا في الفصل الثاني ما أسماه "سابقة في تعيين إمام الأمة".
يرى المؤلف أن أفراد هذا التنظيم "يفترون على الله الكذب و يحلون الدم الحرام ويستبيحون حرمات البيوت المسلمة، و ينتهكون حرمات بيوت الله، ويستبيحون حرمات المال المسلم، ويستبيحون حرمة إخوانهم إذا خالفوهم فيقتلون بعضهم البعض شر قتلة".
ويستهل المنصور كتابه بمقدمة يبرر فيها سبب تأليف الكتاب الذي يرى أن وجوده بات واجبا "بعد رؤية الجميع كيف استطار شرُّ الغلاة و كيف كان لهم أثر سيء على الجهاد"، وبيبن أن "الخلاف مع تنظيم الدولة الإسلامية ليس مقتصرًا على دعواهم بمشروعية دولتهم الموهومة" كما يصفها، بل إن "الكتاب مخصص للرد على بدعتهم هذه".
ويتطرق الكتاب للحديث عن الزرقاوي و أبي حمزة المهاجر المصري ، ويرى الكاتب أن "من ينتسب إلى هذا التنظيم ليسوا على درجة واحدة في الغلو، فكثير من قيادة جماعة "التوحيد والجهاد" التي كان يتزعمها أبو مصعب الزرقاوي كانت أقل غلوًا بكثير جدا ممن أتى بعده".
وأبو حمزة المهاجر والمكنى أيضا بـ "أبو أيوب المصري " عمل كمساعد شخصي للرجل الثاني في تنظيم القاعد أيمن الظواهري، وفي عام 1999 سافر إلى أفغانستان والتحق بمعسكر الفاروق تحت قياده أسامه بن لادن، وهناك تخصص بصناعة المتفجرات و سافر بعدها إلى العراق، و عقب مقتل أبي مصعب الزرقاوي عام 2006م أصبح أبو حمزة المهاجر زعيم تنظيم القاعدة، وقد تم اختياره لاحقاً وزيراً للحرب في دولة العراق الإسلامية ونائبا أول لأبي عمر البغدادي أمير دولة العراق الإسلامية حينها قبل أن يقتل عام 2010.
ويعتقد المنصور أن من جاء بعد الزرقاوي كان أكثر تطرفا؛ و يرى أن أبا حمزة المهاجر كان "ذا عقلية غريبة، وفي عهده توسع الغلو إلى حد كبير"، ويضرب المنصور مثالا لعقلية أبي حمزة أنه برر تعيين أبي عمر البغدادي "أميرًا للمؤمنين" خلافا للزرقاوي بعد مقتله "بأنه متزوج بزوجتين"!
يشبه المؤلف تنظيم الدولة الإسلامية بـ"الخوارج" لتشابه الأفعال، ويقول "إنهم أقرب إلى منهج الخوارج، فالخوارج يُكفِّرون بالكبيرة كالزنا وشرب الخمر"، ويستغرب الكاتب تسمية أمير للمؤمنين لا يعلم من هو وما هي أفعاله لدى العوام "يسمى زورًا بأمير المؤمنين سواء الأول أو الثاني (في إشارة لأبي عمر البغدادي وأبي بكر البغدادي)، وكلاهما تكنى بالبغدادي، يعلم أنهما ليسا بغداديين، وأظنهم – ولا أجزم - فعلوا ذلك تمويهًا حتى لا يعرفا".
و يصف في نهاية كتابه خليفة داعش بـ"الجاهل" و "سفاك دماء أهل الخير"، ويقول "إن من نظر في وجه الرجل قبل أن يلج طريق التكفير والقتل بغير حق، ونظر في وجهه الآن أدرك ببصيرته وفراسته أنَّ الرجل على خطر عظيم، وقد حدثني عدد من الإخوة الفضلاء الذين أثق بدينهم –نحسبهم كذلك- ممن تعاملوا معه أيام كان في جماعتنا، وقالوا بأنه كان يتعامل بكِبْر مع أقرانه، وأظنُّ أنَّ هذا المسكين أوتي من هذا الباب القاتل، فالكِبْر من أرذل الأمراض وأشنعها، وصاحبها على خطر عظيم، وقانا الله والمسلمين ما يغضبه سبحانه".
* صحفي أردني