يرصد المعارضون والمؤيدون لعبدالفتاح
السيسي، تغيراً في مزاج الشارع
المصري تجاه نظام حكمه، وآلياته، التي أعادت إلى الأذهان سياسات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية، "إن لم تكن أكثر إرهاباً وتطرفاً"، وفق ما يراه مصريون.
فقد ذهب البعض إلى أن السيسي لم يكن لديه شعبية أصلاً حتى تتناقص أو تتزايد، ولكن
الإعلام أدى دوراً خادعاً في التضخيم من حجم التأييد له، ورجح آخرون أن الشعبية التي صنعها الإعلام للسيسي في تراجع مستمر.
نسخة سيئة من مبارك
من جانبه، أكد عضو المجلس الثوري المصري، المستشار عماد أبو هاشم، أن هناك شعوراً بالتذمر بين المواطنين تجاه السيسي، والمؤسسة العسكرية.
وقال في حديث لـ"
عربي21": "النظام يفتقد للاستقرار السياسي والاقتصادي، بل ويعبث بقوت الشعب وأمنه، ولا يطبق أقل درجات
العدالة الاجتماعية".
وأضاف: "لم يكن هناك شعبية للسيسي على الإطلاق منذ أول يوم للانقلاب"، مشيراً إلى أن دعوته للمصريين لتجديد التفويض المزعوم لم تلق آذاناً صاغية ممن كانوا مؤيدين له.
وبينّ أبو هاشم أنه "لا يلتف حول السيسي إلا بعض المنتفعين، وبعض المغرر بهم، وقد انكشفت لهم حقائق كفيلة بتغيير موقفهم، كالتسريبات الآخيرة التي أظهرت للناس أنه ومن معه ينهبون مصر، وبلاد غيرهم، وفي المقابل يظهر ليدعوهم إلى تقاسم الرغيف".
وطالب بضرورة تصعيد العمل الثوري على الأرض، وقال إن "خطر السكوت عن السيسي أكبر من خطر الانقلاب عليه، والمواجهة قادمة لا محالة".
القوة العسكرية تمنع سقوطه
بدوره أكد حزب الأصالة السلفي، أن السيسي لم تكن له شعبية في يوم من الأيام، وأنه تم افتعالها بطريقة طائفية.
وقال المتحدث باسم الحزب حاتم أبو زيد لـ"
عربي21" :" طبقات القضاة والجيش والشرطة والإعلام، وأصحاب المصالح من رجال المال، أو بقايا نظام مبارك هي التي تساند السيسي".
وأضاف أن "استمرار بقاء السيسي لا يعود لشعبيته، بل لتثبيت أركان نظامه بالقوة الأمنية والعسكرية"، مشيراً إلى أن النظام في كفة والشعب في كفة أخرى، مؤكداً أن القوة هي التي تمنع السقوط.
وقدّر أبو زيد عدد المؤيدين ما بين 5% إلى 10% فقط من الشعب المصري، لافتاً إلى أن "قطاعاً عريضاً من المصريين لا يهتم بالسياسية، بقدر اهتمامه بأمنه الاقتصادي والغذائي، الذي فشل النظام في توفيره".
وثمّن أبو زيد جهود المعارضة في فضح الفساد، والفشل إعلامياً وميدانياً، وقال: "بفضل هؤلاء أصبح الناس يتحدثون ويتذمرون ويدركون أنه تم خداعهم".
سقوط حلقات الدعم
وتشير بعض التقارير الدولية، إلى أن بقاء السيسي مرتبط بجهوده في تحفيز الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، حيث ارتفع معدل البطالة من 8.9% إلى 13% منذ حكم مبارك.
ويقول المتحدث الإعلامي باسم "حراك"، الدكتور هاني جابر: "كل الوعود التي قطعها النظام على نفسه لم يلتزم بها، ولم يحدث أي تحسن في معيشة الناس، كما أن انسحاب نحو ثلاثين حزباً من خوض الانتخابات البرلمانية، يؤشر إلى سقوط حلقات الدعم حول السيسي".
وأشار جابر في حديث لـ"
عربي21" إلى "المراجعات التي حدثت للعديد من مؤيدي السيسي الذين شاركوا في 30 يونيو، سواء على المستوى الشعبي، أو في باقي الأوساط الأخرى، سواء السياسية منها، أو الصحفية، أو الفنية، أو الرياضية".
وتابع بأن "من نزل ضد أخونة الدولة في عهد الرئيس مرسي، أصبح يدرك أنه أمام عسكرة الدولة التي تعمل لصالح المؤسسة العسكرية ورجالها، التي كانت تخشى وجود برلمان منتخب يناقش ميزانيتها، ويكشف خباياها".
واعتبر سياسيون أن الاستياء الشعبي من ممارسات جهاز الشرطة، وضع نظام السيسي أمام مؤيديه على المحك، وهو ما ظهر جلياً في أحداث استاد الدفاع الجوي، الذي راح ضحيته العشرات من أعضاء "ألتراس وايت نايتس".
تزايد مساحات الشك
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حازم حسني، أن نظام السيسي ما زال لديه آلة إعلامية كبيرة، تصور للناس أنه نظام ثابت وقوي، على غير الحقيقة والشواهد.
وقال حسني في حديث لـ"
عربي21": "السيسي لا يتمتع بشعبية كبيرة، والشيء المؤكد أن هناك تآكلات لهذه الشعبية، ومساحات الشك تزداد".
وأشار إلى حدوث انسحابات من شعبيته، ولكنها لم تصل إلى مرحلة إسقاطه لغياب البديل السياسي، على الرغم من الارتباك السياسي للنظام على المستوى الداخلي والخارجي، وعلاقات مصر المتوترة ببعض دول الجوار والمنطقة.
ولفت إلى أن "المواطن العادي يشعر أن هناك شيئاً خطأ، وأن أحواله لا تتحسن بمرور الوقت، إن لم تكن تزداد صعوبة، وربما تتقاطع مصالحه الآن مع الأمن القومي، ولكنها لن تدوم طويلاً".
وأكد أن "استغلال الرئيس لخلفيته العسكرية التي تفرض أن انتقاده هو انتقاد للجيش، سوف تفقد قوتها عاجلاً أم آجلاً".