ماتزال المعارك في جنوب
سوريا، ضمن الحملة التي أطلقها النظام السوري مستعنياً بعناصر
حزب الله وقوات إيرانية لإبعاد "الخطر" عن دمشق، تدور في نقاط لا تبعد كثيراً عن نقطة البداية، وهي بلدة دير العدس وكفر شمس والتلال المحيطة بها، ضمن المثلث الواقع بين ريف دمشق ودرعا والقنيطرة.
لكن من الواضح أن النظام السوري وحلفاءه يولون أهمية كبيرة لهذه المعركة، وهو ما دفع إيران وحزب الله لتولي زمام القيادة بشكل مباشر، في حين اعترف النظام السوري للمرة الأولى باشتراك الميلشيات الحليفة في القتال إلى جانبه.
وتقول المعلومات الميدانية إن القتال ما يزال يدور على الأطراف الشمالية لبلدة دير العدس، بريف
درعا الشمالي الغربي. وأظهر تسجيل فيديو مجموعة من فرقة "فجر الإسلام" تطلق صاروخاً من طراز "تاو" المضاد للدروع، في حين نشرت جبهة "أنصار الإسلام" تسجيلاً لعناصر وهم يطلقون نيرانهم بكثافة من مدافع رشاشة.
لكن الصورة عن الوضع الميداني ما تزال غير واضحة تماماً، فبينما يتحدث الثوار عن خسائر كبيرة في صفوف القوات المتحالفة مع النظام السوري، يتحدث إعلام النظام عن "تقدم كبير" في التلال المجاورة لدير العدس وكفر شمس وصولاً إلى بلدة دير ماكر، كما حاولت هذه القوات التقدم باتجاه بلدة كفرناسج، حيث دارت معارك هناك. وتدور هذه المعارك على تخوم الريف الجنوبي لدمشق قرب الجولان.
والجمعة، قصفت قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها تل عنتر وتل العلاقية وكفر ناسج وسملين والتل الشمالي لبلدة زمرين في ريف درعا الشمالي. كما طال القصف بلدات الجيزة ومعربة والمسيفرة وغصم وإنخل.
ولم ينف الثوار خروجهم من بلدة دير العدس، لكن قائداً قال إن الفصائل المقاتلة تخوض معارك "كر وفر" و"حرب عصابات" باعتبار أن الثوار ليس لديهم خطوط دفاع ثابتة مثل الجيوش العادية.
وفي الأثناء، نشرت "حركة المثنى الإسلامية" تسجيل فيديو لعملية نسف نفق لقوات النظام السوري، في منطقة درعا المحطة، مما أدى إلى مقتل عدد من قوات النظام كانوا بداخله. ويوضح التسجيل أنه بعد رصد عملية حفر النفق، قام المقاوتلون بحفر "نفق مضاد" زرعت بداخله كميات كبيرة من المتفجرات. وفي نهاية التسجيل يظهر انفجار كبير وتطاير للهب وسط الظلام، مع أصوات لتساقط الركام تبعه أصوات إطلاق نار كثيف من مسافة بعيدة.
لكن لماذا يركز النظام السوري وحلفاؤه على هذا المثلث عبر "
معركة الحسم" التي أطلقها قبل أيام، مع ظهور علني لقادة إيرانيين كبار، بينهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في المنطقة؟
تمثل المنطقة بوابة دمشق الجنوبية، وخصوصاً بالنسبة للغوطة الغربية المحاصرة. وكان الثوار في درعا قد تحدثوا، بعد تقدمهم الكبير في ريف درعا الغربي ومناطق
القنيطرة، عن عزمهم التحرك باتجاه رفع الحصار عن الغوطة الغربية.
ويهدف النظام السوري أيضاً لتخفيف الضغط عن قواته في مناطق ريف درعا الأخرى، مثل بلدة قرفا وإزرع. ففي مقابل "معركة الحسم" لحلفاء الأسد، أطلق الثوار معركة "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم"، وهي تستهدف السيطرة على الطريق الدولي بين عمان ودمشق، عند بلدة "قرفا" القريبة من بلدة إزرع، بعد عدة انتصارات كبيرة للثوار في ريف درعا الغربي خلال الأسابيع الماضية.
كما أن هذه المنطقة تقع بالقرب من الحدود مع الشطر المحتل من الجولان. وبالنسبة لحلفاء النظام السوري، لا سيما حزب الله، فإن وجودهم على خطوط التماس مع الإسرائيليين يمثل جزءاً من اللعبة عبر عقود. فكما تُستخدم الحدود في لبنان لتوجيه الرسائل للإسرائيليين، استخدمها النظام السوري مع بداية الثورة السورية حينما تم توجيه حشود لاختراق الحدود للمرة الأولى منذ احتلال الجولان.
وفي تسجيل جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر مدير الأمن السياسي رستم غزالة في منطقة مسقط رأسه في بلدة "قرفا"، ليعترف بسقوط عدد من المناطق الاستراتيجية بيد الثوار، ومنها مدينة الشيخ مسكين ومدينة نوى ومقرات عسكرية استراتيجية في المنطقة، بينها مقر اللواء 82.
وحاول غزالة رفع معنويات قوات الأسد في بلدته، قائلاً: "إن غرفة العمليات التي تقوم بدعم المسلحين تتساءل عن سبب صمود بلدة قرفا في وجههم، على الرغم من قدرة المسلحين على السيطرة على التلال المحصنة كتل الحارة والمدن الكبيرة كمدينة نوى ومدينة الشيخ مسكين". ويضيف غزالة في التسجيل زاعماً أن "غرفة العمليات التي تديرها دول غربية وعربية قد حشدت أكثر من 10 آلاف مقاتل مزودين بـ 100دبابة و80 عربة في سبيل السيطرة على بلدة قرفا" حسب قوله.
ويقول نشطاء ومقاتلون إن الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام السوري تضم مقاتلين شيعة من جنسيات مختلفة، وبينهم أفغان. وفي هذا السياق، تحدثت وسائل إعلام إيرانية عن "لواء فاطميون" أو "حزب الله الأفغاني" الذي يُزعم أن مهمته الدفاع عن "مقام السيدة زينب" قرب دمشق، رغم أن مقاتلين جرى تشييعهم قتلوا في معارك ريف درعا، كما أن آخرين قتلوا في معارك حلب.
وظهر بعض المقاتلين الأفغان بعد أسرهم في معارك حلب وهم يتحدثون في تسجيلات فيديو عن كيفية تجنيدهم من إيران، وبعض هؤلاء لديهم مشكلات في إيران جرى إجبارهم على القتال مقابل العفو عنهم. كما أن آخرين جرى تجنيدهم من داخل أفغانستان بعد تدريبهم في إيران مع وعود برواتب كبيرة، وإقناعهم بأنهم في مهمة للدفاع عن مقام السيدة زينب والسيدة رقية في دمشق.