ذكر مسؤولون
إيرانيون أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حذر
الولايات المتحدة من أن عدم التوصل لاتفاق نووي ينذر على الأرجح بتضرر
النفوذ السياسي للرئيس الإيراني المعتدل حسن
روحاني، ما يزيد في مخاطر حدوث صراع دامت بوادره مدة عشر سنوات ويقترب من مرحلته الأخيرة.
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار، إن ظريف عبر عن قلقه مع نظيره الأمريكي جون كيري في اجتماعات عدة في الآونة الأخيرة. وأضافوا أن إيران أثارت الأمر أيضا مع قوى غربية أخرى. ولم ترد أنباء سابقة عن تحذير ظريف.
وأشار مسؤولون غربيون إلى أن هذه الخطوة ربما تكون مجرد حيلة تفاوضية، لإقناعهم بتقديم مزيد من التنازلات، لكنهم اتفقوا مع الرأي الذي يقول إن النفوذ السياسي لروحاني سيتضرر كثيرا بفشل المحادثات.
يأتي التحذير من أن انهيار المحادثات سيزيد من قوة المحافظين في إيران في وقت وصل فيه النزاع النووي المستمر منذ 12 عاما، إلى مرحلة حاسمة في ظل مهلة تنتهي يوم 30 آذار/ مارس، للتوصل إلى اتفاقية سياسية قبل إبرام اتفاق نهائي بحلول 30 حزيران/ يونيو.
وتهدف الاتفاقية إلى إنهاء العقوبات مقابل فرض قيود على برنامج إيران النووي، لكن خلافات تستعصي على الحل لا تزال قائمة، خاصة في ما يتعلق بتوقيت تخفيف العقوبات الاقتصادية ومدة الاتفاق.
ويواجه كل من روحاني -الذي يقول مسؤولون إيرانيون إنه يجازف بتاريخه السياسي في سبيل هذا الاتفاق- والرئيس الأمريكي باراك أوباما، معارضة شرسة للاتفاق داخل بلديهما، ما يحد من أفق التنازلات.
ونفى مسؤول أمريكي كبير، تلقي أي تحذير من هذا النوع من الإيرانيين، وقال لرويترز طالبا عدم ذكر اسمه: "سندع تقييم السياسة الإيرانية للإيرانيين، لكنّ هذه الشائعة غير صحيحة".
لكن المسؤولين الإيرانيين أصروا على أن ظريف أثار دواعي القلق من هذا الأمر مع كيري. والتقى الوزيران عدة مرات خلال الأسابيع القليلة الماضية في محاولة لكسر الجمود، وكان آخر لقاء بينهما أمس الجمعة عندما تحدثا لأكثر من ساعة على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.
وقال أحد المسؤولين المطلعين بشكل مباشر على مناقشات ظريف مع كيري: "روحاني على خط الجبهة، لذا فمن الطبيعي أن يتأذى أكثر".
وقال مسؤولون غربيون آخرون، إن الوفد الإيراني أثار القلق من الأمر نفسه في المحادثات مؤخرا. ويقول مسؤولون إيرانيون ومحللون غربيون، إنه إذا فشلت المحادثات فإنه سيتم تنحية روحاني جانبا على الأرجح، وسيتراجع تأثيره على نحو كبير، ما سيجعل للمحافظين في إيران - مثل الحرس الثوري - اليد العليا.
ينظر إلى التوصل لاتفاق نووي شامل على أنه مهم للحد من خطر نشوب حرب في الشرق الأوسط، بينما تشارك إيران بقوة في الصراع الحالي في سوريا والعراق. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، وبعد قرابة عام من المحادثات، فقد فشل المفاوضون للمرة الثانية في الالتزام بمهلة وضعوها للتوصل إلى اتفاق.
وتنفي إيران مزاعم بأنها تطور القدرة على صنع أسلحة نووية، وترفض وقف تخصيب اليورانيوم وغيره من الأنشطة النووية الحساسة، ما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى فرض عقوبات أضرت باقتصاد الجمهورية الإسلامية.
ويقول مسؤولون غربيون وإيرانيون، إن أبرز النقاط الشائكة في المحادثات حاليا هي مطالبة إيران بأن توافق القوى الغربية على إنهاء العقوبات في مجالي النفط والبنوك سريعا.
وقال أحد المسؤولين الإيرانيين المطلعين مباشرة على المحادثات، إن الأمريكيين يتحدثون عن تخفيف العقوبات خلال سنوات، لكن إيران تريد رفع العقوبات في مجالي النفط والبنوك في غضون ستة أشهر.
الصراع على السلطة
انتخب روحاني في 2013 بناء على وعود، بإنهاء العقوبات الغربية المؤلمة وتحسين الاقتصاد والحد من العزلة الدبلوماسية لإيران.
لكنه يواجه صراعا متفاقما على السلطة مع الزعيم الأعلي الإيراني آية الله علي خامنئي الذي قال إن إيران يجب أن تحصن نفسها ضد العقوبات، في إشارة إلى أنه مستعد للتعايش معها. ولخامنئي القول الفصل في أي اتفاق.
ونبه روحاني إلى أن الجمهورية الإسلامية بحاجة إلى إنهاء عزلتها لمساعدة اقتصادها الذي تضرر بشدة أيضا بسبب تراجع أسعار النفط.
ويقول مسؤولون غربيون إنه مثلما يشير المفاوضون الإيرانيون في الأحاديث الخاصة، إلى أن مساحة التنازلات المتاحة لهم تنحسر، فإن الأمر نفسه ينطبق على الوفود الأوروبية والوفد الأمريكي.
وتساور الشكوك إسرائيل والسعودية حيال قرار الولايات المتحدة التفاوض مع إيران بشأن القضية النووية. وهددت إسرائيل باستخدام القوة العسكرية لضرب المواقع النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في احتواء الخطر الذي تعتقد بأن إيران تمثله.
ويقول مسؤولون على دراية بالمحادثات، إن الولايات المتحدة قدمت بالفعل تنازلات في مسألة عدد أجهزة الطرد المركزي الذي سيسمح لإيران بتشغيله.
ومن الممكن أن يعلق أوباما الكثير من العقوبات الأمريكية الأحادية القاسية ضد إيران لبعض الوقت، لكنّ رفعها بشكل نهائي يتطلب موافقة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون حيث تقل الرغبة في تخفيف العقوبات.
ويضع مجلس الشيوخ الأمريكي اللمسات الأخيرة على مشروع قانون لفرض عقوبات أكثر صرامة إذا لم يتم التوصل لاتفاق نهائي بحلول 30 حزيران/ يونيو. وتعهد أوباما برفض أي مشروع قانون لفرض عقوبات جديدة على إيران.
وقال مسؤول غربي آخر، إن روحاني أخطأ على ما يبدو في تقدير عزم واشنطن وأوروبا، على المطالبة بفرض قيود على الأنشطة النووية الإيرانية لمدة عشر سنوات أو أكثر مقابل تخفيف العقوبات.
وأضاف: "ظن روحاني أنه عندما يتحدث بودّ ولا يدعو إلى تدمير إسرائيل، فإن القوى الغربية ستهرع للتوقيع على اتفاق، أي اتفاق مع إيران.. كانت حساباته خاطئة. ربما تكون القوى الغربية ترغب في اتفاقية، لكنها مقيدة أيضا بالكونغرس وإسرائيل والسعودية".